Uncategorizedالمقالات
أخر الأخبار

أثير التغير المناخي على مشاركة النساء في الأعمال الرعائية اليومية

منال حميد

للمناخ اثار غير متكافئة وتحديدا على النساء فيما يخص العمل المنزلي في ظل دولة ليس لها تصور جدي و واضح حول خطتها لمواجهة هذا التغير بالتكيف والتخفيف من أعبائه وبشكل خاص منظورها الجندري في اساليب واليات تلك المواجهة فوفق تقرير المناخ والتنمية في العراق الذي أصدره البنك الدولي فما تزال التزامات العراق بموجب  الإسهامات المحددة وطنيا متواضعة مقارنة بأقرانه بالمنطقة والشريحة العليا من البلدان المتوسطة الدخل التي تعاني من تحديات إنمائية متماثلة  حيث يسجل أدنى مستوى من إسهامات خفض الانبعاثات غير المشروطة المستهدفة حيث بلغت ١٣%. تأثير تغير المناخ

ومن أجل  اتخاذ “عدسة العمل الرعائي غير مدفوع الأجر ” عند وضع أي استراتيجية للتكيف مع تغير المناخ أو التخفيف من آثاره، والنظر في التأثيرات على الأمهات وأطفالهن نكتب هذا المقال.

 إن أسوأ السيناريوهات التي كان على العالم أن يتجنبها قد بدأت بالفعل والعالم في حالة هلع إذا ارتفعت درجة الحرارة لأكثر من ١.٥% بينما في العراق سترتفع درجة الحرارة بنفس الفترة القياسية بمقدار درجتين مئويتين ويشير تقرير توقعات البيئة العالمية للأمم المتحدة إلى أن درجة حرارة سيرتفع بمعدل أسرع سبع مرات من المتوسط العالمي ويصنف العراق كخامس أكثر الدول تأثرا بتغير المناخ متوقعا انخفاض هطول الأمطار بسبب تغير المناخ بنسبة ٩% بحلول عام ٢٠٢٥ وزيادة  ٥٠ مرة في مستويات الملوحة. تأثير تغير المناخ

 لكن التدهور البيئي يعرض النساء لمزيد من خطر التعرض للعنف والتهديدات الجسدية والنفسية وتناقص الفرص التعليمية والاقتصادية أكثر من الرجال بسبب سياسات التمييز واختلاف الأدوار الجندرية المنوطة بكل منهما, ومن أهمها العمل الرعائي المنزلي فالنساء سواء كن عاملات بأجر خارج المنزل او لا فهن ملزمات بتقديمه إلى الأسرة والتي يصل عدد الأعضاء فيها إلى ٢٠ شخص في منزل واحد. حيث يستهلك تقديم تلك الخدمة ما لا يقل عن ٦ ساعات وفق تقديرات منظمة اوكسفام مع انه في واقع الحال يمتد ليشغل يومها بأكمله فالعمل الانجابي بما يتضمنه من رعاية وإرضاع ورعاية كبار السن لا يعرف وقت نوم او راحة وهذا يعني انها تعمل أكثر من ٦ ساعات ولا يقتصر الأمر على النساء البالغات بل حتى الفتيات من عمر ٦ سنوات تقريبا. تأثير تغير المناخ

الأعمال التي تقدمها النساء من تنظيف وغسيل صحون وملابس وطهي واطعام وتربية وانجاب ورعاية كبار السن والتطبيب تبدو ومن نظرة خاطفة انها غير شاقة وتحدث داخل المنزل ولا تتأثر بتغير المناخ وأن عمال البناء مثلا هم أكثر تأثرا بها (وإذا أرادت النساء تسليط الضوء على الإجهاد الحراري يفضل ان تتكلم عن عمال البناء لا النساء في منازلهن حيث كل شيء يأتي جاهز متذلل تحت ارجلهن) , انها السردية الأبوية الجاهزة التي تلفح الوجوه عند التكلم عن تأثير تغير المناخ على العمل الرعائي. تأثير تغير المناخ

وإذا أرادت النساء تسليط الضوء على الإجهاد الحراري يفضل ان تتكلم عن عمال البناء لا النساء في منازلهن حيث كل شيء يأتي جاهز متذلل تحت ارجلهن

لكن في حقيقة الأمر نحن لا نحتاج لكي نتنافس من منا أكثر بؤسا وضحية ويجب التعاطف معه أكثر من الاخر بأسلوب طفولي صرف , نحن نحتاج أن نسحب السياقات التي يتم بها هذا العمل الرعائي المتنوع تحت بقعة الضوء لكي تنجلي أكثر ونجد حلولا للتعامل معها. تأثير تغير المناخ

صورة امرأة وأطفالها في قارب صغير بأهوار الحويزة، جنوب العراق، حيث توقف القارب عن الاستخدام بسبب الجفاف
تصوير- مصطفى هاشم

العمل الانجابي والتربية

فعلى صعيد العمل الانجابي والتربية فالتغير المناخي يضاعف الاهتمام بتلك الأعمال كون الكوارث المتعلقة بالمناخ مرتبطة بزيادة مخاطر حدوث مضاعفات واحتمال فقدان الحمل، وانخفاض وزن الجنين عند الولادة، والولادة المبكرة.  وتعتبر النساء الحوامل أكثر عرضة للإجهاد الحراري من النساء غير الحوامل بسبب ضعف قدرتهن على التنظيم الحراري والتوازن. ولأن ارتفاع درجات الحرارة يجلب معه احتمالات الاصابة بالأمراض المعدية ونقص المناعة وبشكل خاص للأطفال وكبار السن فهذا يجعل مسؤولية رعايتهم وحمايتهم من الأمراض أكبر من المعتاد بالإضافة إلى رعاية البالغين. أما بالنسبة لأعمال الرعاية غير المباشرة المتمثلة بـ” شغل البيت ” فسيتحول إلى مهمة عسيرة في ظل شح المياه فعلى النساء توفير المياه اولا وترشيدها وحمايتها من التبذير من قبل بقية الافراد وان تستعملها بطرق لم تألفها من قبل. تأثير تغير المناخ



غالبًا ما يزيد تغير المناخ من الضغط على النساء ويجعلهن يقضين وقتًا أطول في أعمال الرعاية المنزلية والأسرية، والتي عادة ما تكون غير مدفوعة.  و هذه الأعمال، التي تقوم بها النساء بشكل أساسي، تسبب ظلمًا اقتصاديًا ومشاكل، خاصة بالنسبة للأمهات، خصوصًا في ظل ارتفاع درجات الحرارة وتأثيرها على صحة الأطفال والحاجة المتزايدة للرعاية.

تقوم النساء بأداء هذه المهام في ظروف لا تسمح، دينيًا أو عرفيًا، بتخفيف الملابس حتى في حالة العيش ضمن أسر مشتركة، مثل الإقامة مع أسرة الزوج أو “العيال”. هذا يجعل إنجاز هذه المهام، والتي يتوقع المجتمع أداءها بمعايير معينة، أمرًا مرهقًا. إضافةً إلى ذلك، قد يؤدي الجمع بين ارتداء عدة طبقات من الملابس مع العمل لساعات طويلة في مطبخ حار إلى الإصابة بالإجهاد الحراري. تأثير تغير المناخ

على الرغم من أن مشاركة الرجال في الأعمال المنزلية تكاد تكون محدودة، حيث لا تتجاوز مساهمتهم ٤٥ دقيقة يوميًا، إلا أن غيابهم الكامل بسبب الهجرة يزيد من الأعباء الملقاة على عاتق النساء، مما يؤدي إلى تفاقم تأنيث الأدوار المنزلية والرعائية، خصوصًا في الحالات التي يغادر فيها الرجال إلى قرى أو مدن أخرى بحثًا عن فرص عمل، تاركين خلفهم عائلات تواجه التحديات المناخية مثل الحرارة المرتفعة والجفاف. يأخذ هذا في الاعتبار أن النساء، سواء كُنّ أمهات أو عازبات، يفتقرن إلى الحرية في التنقل التي قد تمكنهم من الهجرة بسبب آثار تغير المناخ نظرًا لمسؤولياتهن المنزلية ورعاية الأطفال. إذ إن الكثير منهن لا يستطعن مغادرة المنزل إلا بإذن من الزوج أو ولي الأمر، فما بالك بالهجرة؟ تأثير تغير المناخ

الإجهاد الحراري

أثناء قيامهم بأعمالهم المنزلية، تجد النساء أنفسهن محصورات داخل منازلهن دون إمكانية لتبريد أجسامهن بشكل كافٍ لتجنب الإصابة بالإجهاد الحراري. هذا يرتبط بالهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة، الذي يسعى لضمان وسائل للطهي بطريقة صحية تجنب التلوث الهوائي داخل المنازل، والذي يؤثر سلباً على صحة النساء. العديد من المطابخ إما أن تفتقر لنظام تهوية جيد أو لا تمتلك أجهزة تبريد، وفي حال وجودها، غالبًا ما تعتمد على الكهرباء الوطنية التي تتوفر لساعات محدودة في اليوم، مما يجعل العمل المنزلي يستهلك معظم وقت النساء دون فرصة لتبريد أجسادهن بشكل مناسب. تأثير تغير المناخ

تشير الأبحاث إلى أن النساء اللواتي يعانين من أمراض ناجمة عن الإجهاد الحراري، مثل السكتة الدماغية، الطفح الجلدي الناتج عن الحرارة، والإنهاك، يواجهن مدة تعافٍ أبطئ. كما توجد تجارب عملية أظهرت الضعف الجسماني الذي يمكن أن يسببه الإجهاد الحراري في النساء.

صورة توضح الجفاف الذي تعرضت له اهوار جنوب العراق-تصوير مصطفى هاشم

السياسات الحكومية لمواجهة تغير المناخ

فيما يتعلق بالسياسات التي تطبقها الحكومة لمواجهة تأثيرات تغير المناخ على المواطنين بشكل عام، سواء للرجال أو النساء، يبدو أن هناك نقصًا في الوضوح أو الإدراج المباشر لهذه القضايا في خططها. الإجراءات المتخذة تقتصر عادةً على توفير إجازات رسمية خلال فترات الطقس القاسي مثل الحر الشديد، الأمطار الغزيرة، والعواصف التي تعيق الرؤية، بالإضافة إلى تقليص ساعات العمل الرسمية إلى سبع ساعات، وهي فترة غالبًا ما يقضيها الأفراد في الازدحامات المرورية. أما بالنسبة للعمل الرعائي غير المأجور، فلا يتم اعتباره عملًا رسميًا في الأساس، لذا لا تبذل الحكومة جهودًا كافية لضمان بيئة صحية لممارسته. و تبقى النساء مسؤولات عن إيجاد طرق للتكيف مع الطقس، سواء تبريد أو تدفئة منازلهن بالوسائل المتاحة، وغالبًا ما تقتصر هذه الوسائل على تدفئة أو تبريد غرف النوم والمعيشة، بينما يُهمل المطبخ، حيث تقضي النساء معظم وقتهن، مما يؤدي إلى تفاقم مشاكل الصحة مثل الصداع المزمن، التهاب الجيوب الأنفية، الصداع، ومشاكل الكلى بسبب الجفاف الناتج عن التعرق الزائد، فضلاً عن زيادة تساقط الشعر، خصوصًا خلال موسم الحر الشديد وبالأخص بين النساء المحجبات. تأثير تغير المناخ

يعد دمج مفاهيم ومعايير النوع الاجتماعي في تحليل وتقييم الهجرة والتنقل ضروريًا، خاصة في ضوء تصنيف العراق في المرتبة ١٥٤ من أصل ١٥٦ دولة في تقرير الفجوة بين الجنسين العالمي لعام ٢٠٢١. نظرًا لأن النساء في العراق يواجهن فرصًا اقتصادية وتعليمية وسياسية ومشاركة أقل، فإن قدرتهم على التكيف مع التغيرات تبقى محدودة جدًا. يشكل الارتباط القوي بين النساء والأعمال الرعائية عائقًا أساسيًا أمام مشاركتهن في الفضاء العام، ومن المتوقع أن يفاقم التدهور البيئي هذه العوائق بشكل كبير.  تأثير تغير المناخ

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى