إلا لهذه “الإبادة الجماعية” بحق النساء أن تنتهي؟!
عبر عمل غادر وجبان بكل ما في الكلمة من معنى، تم قتل طيبة العلي، الشابة من مدينة الديوانية، على يد والدها واقربائها. كل ذنبها أنها لم تشأ السكن في منزل واحد مع مغتصبها، أخوها، وتركت العراق لتركيا، وعادت له بصورة سرية بعد ان وعدتها العائلة بالأمان وتحقيق رغبتها بالزواج من صديقها السوري في تركيا الذي ارسل وسطاء لطلب يد المغدورة، لتكتشف العائلة مكان تواجدها لدى صديقتها، وتختطفها وتقتلها بعد ذلك.
ان مسلسل قتل النساء والفتيات في العراق اليوم هو ظاهرة تقشعر لها الأبدان فعلاً. إن الاجرام المنظم بحقهن لهو أمر يندى له جبين الانسان في عالم القرن الواحد والعشرين. اننا نعيش في عصر طوّت فيه البشرية منذ قرون أن يكون الابناء والبنات هم مُلك لأهاليهم يفعلون بهم ما يشاؤوا. تُمنع رغباتهن البسيطة، ويقرر الذكور لهن الخروج من عدمه، يوجهون لهن الاهانات أو التنمر عليهن ويضربوهن لسبب أو من غير سبب، يقتلوهن… كأي أسير أو عبد أو …. مصيره بيد مالكه “رب البيت”!
إن استشرت هذه الظاهرة في المجتمع، فالأمر يعود لشيوع وانفلات القيم الرجعية الذكورية والأبوية والدينية والعشائرية التي رسختها وأنعشتها وتغذيها رسمياً وعلناً وبألف طريقة وطريقة السلطة السياسية الطائفية والقومية والعشائرية الحاكمة اليوم.
لقد قُتلت الفتاة دون اي رد فعل من الشرطة و”الشرطة المجتمعية” والأمن والسلطات وغيرها، رغم تبليغها لهم مراراً علماً انهم يعرفوا جيداً و مقدماً ما سيكون عليه مصيرها.
لقتْ طيبة حتفها دون ان يكون هناك أي رادع حكومي أو غير حكومي … بل “كرّمت” الحكومة والسلطة القائمة الأب، قاتلها، وأطلقت سراحه بعد أن قام بتسليم نفسه للشرطة! وغضت النظر عن جريمة الأبن واغتصابه وتحرشه المتكرر بأخته! إن هذا عار على السلطة وكل اجهزتها ومؤسساتها. إن هذا يبين فعلاً وبالملموس ماهية هذه المؤسسات المشاركة عملياً في قتل النساء ووقوفها التام في خندق الاجرام والذكورية والقيم البالية.
ايتها الجماهير التحررية في العراق!
يا دعاة المساواة وحقوق المرأة!
إلى متى يبقى هذا المسلسل المأساوي بحق النساء؟! إلى متى تبقى هذه الماكنة تجز برؤوس النساء والفتيات؟! من سيوقف هذه الماكنة الغارقة بالدم والمآسي؟!
لا يمكن السكوت على هذه المجزرة التي ترتكب بحق النساء لا لشيء فقط لنوع جنسهن، الجنس الذي لم تختاره الفتيات بإرادتهن ويدفعن ثمناً غالياً عن ذلك. كيف يمكن القبول بهذا؟! الى متى السكوت على هذه “الإبادة الجماعية”؟! إن انتظار الدولة والشرطة والقانون ومنظمات المجتمع المدني و”تمكين المرأة” والتطلع منهم هو عمل بلا طائل. انه إلهاء للنفس في وقت تتداعى الرؤوس بسبب استمرار وديمومة هذه الظاهرة. إن السلطة هي سلطة هذه القوانين وهذه التقاليد وهذه الاعراف التي تشترك جميعاً بانتهاك حياة وكرامة المرأة وعدائها التام لها.
ينبغي لنا أن نتدخل بكل الاشكال الممكنة من أجل إنهاء هذا الاجرام بحق النساء. إن لم تحاسب السلطات الاب والاخ والعائلة على جريمتهم هذه، فهناك مجتمع واسع وعريض حولهم يستطيع ان يحاسبهم بألف طريقة وطريقة على فعلتهم النكراء هذه.
انبذوهم، أمقتوهم، اقطعوا كل صلة اجتماعية بهم، افضحوهم بوصفهم “قتلة” و”مجرمين” و”مغتصبين”. في المحلة وأماكن العمل والدراسة و…، أجعلوا منهم “منبوذي” المحلة والعمل والنادي والمقهى وفي كل زاوية وملتقى اجتماعي.
أطردوهم من محلاتكم بوصفهم قتلة عديمي القيمة والضمير والانسانية تحت مطلب “لا مكان لقتلة الفتيات بيننا!” وبألف طريقة وطريقة اخرى. ليس بوسع عديمي الضمير والشرف ان يتحدثوا عن “الشرف”! ينبغي ان تتحول فعلتهم هذه الى كابوس يقض مضجعهم.
ينبغي ممارسة كل أشكال الضغط من أجل ان يُقدم المجرمون والقتلة للعدالة وأن لا يفلتوا من العقاب، ويكونوا عبرة لكل من تسوّل له نفسه التطاول على الفتيات والنساء. ينبغي ان لا تشفع لهم تلك القوانين والقرارات البالية من أمثال “قتل الشرف”، قوانين وقرارات دفعت الى حد كبير بكل ذكوري وكاره للنساء الى قتلهن، وساهمت مساهمة كبيرة في شيوع هذه الظاهرة القرووسطية البشعة. يجب اعتبار قتل النساء تحت اية حجة كانت، كسائر اعمال القتل المرتكبة، قتل عمد مع سبق الاصرار والترصد ومجازاة مرتكبيها بأشد العقوبات. ليس هذا وحسب، بل تغليظ عقوبة قتل النساء.
الحزب الشيوعي العمالي العراقي
4 شباط 2023