المقابلات

حول انسحاب بريطانيا من الاتحاد الاوربي. حوار مع مؤيد احمد سكرتير اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي العراقي

0

ويب سايت الحزب: ان نتيجة الاستفتاء الذي جرى يوم 23 حزيران 2016 لصالح خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي احدثت هزة سياسية كبيرة على صعيد بريطانيا واوروبا واصبحت لها تداعيات على الصعيد العالمي، كما والحقت خسائر كبيرة بالاسواق المالية العالمية وادى الى انخفاض شديد في سعر صرف الجنيه الاسترليني. ما هي اهم محاورالتغييرات السياسية الآنية وعلى المدى القريب الناتجة من هذه الهزة على صعيد بريطانيا وعلاقتها مع اوروبا ؟

مؤيد احمد: ان التصويت لصالح الانسحاب من الاتحاد بنسبة 52 في المئة في مقابل 48 في المئة كانت بمثابة زلزال سياسي فريد من نوعه في زمننا المعاصر بالنسبة لكل من بريطانيا واوروبا ومع تداعيات عالمية.

ان اول تغيير سياسي آىي كبير هو ان المواطنين في بريطانيا فتحوا اعينهم، صباح يوم 24 حزيران، فراوا ان المجتمع البريطاني ليس منقسما حول قضية البقاء او الانسحاب من الاتحاد الاوروبي فحسب، بل ان الانقسام دخل طورا نوعيا جديدا بحيث نشاء عنه واقعا سياسيا وحقوقيا جديدا، واقعا سياسيا وصفه رئيس الحزب “اليوكب” العنصري بـ ” استقلال بريطانيا “. فالغموض والقلق هو السائد اثر هذا الاستفتاء فيما يخص مستقبل بريطانيا في علاقاتها مع اوروبا وحقوق ومعيشة الطبقة العاملة والفئات الاجتماعية التي تدمرها وتهمشها باستمرار ماكنة الراسمالية المعاصرة.

ادى الاستفتاء الى تشديد الاختلافات والصراعات داخل ممثلي الطبقة البرجوازية والمؤسسة الراسمالية الحاكمة في بريطانيا واجنحتها المختلفة واحزابها. ان ايا من الطريقين هما الافضل لبريطانيا، وبالاخص في خضم الازمة الراسمالية العالمية الحالية، البقاء داخل الاتحاد الاوروبي او الانسحاب منه، كان يشكل معضلة استراتيجية وسياسية جدية بالنسبة لزعماء البرجوازية واحزابها السياسية في بريطانيا. ان المؤسسة الحاكمة باحزابها ومؤسساتها السياسية والاعلامية والفكرية، البنوك الكبيرة في” السيتي ” والاتحادات الصناعية الكبرى وخبراء الاقتصاديين الراسماليين وغيرهم اتحدوا في معسكر واحد، معكسر “البقاء” داخل الاتحاد الاوروبي وبالمقابل ان الجناح “اليميني القومي” و”الانعزالي” وكذلك “اليميني المتطرف” والعنصري، من ضمن هذه المؤسسة الحاكمة، والفاشيين في حواشيها، اتحدوا في معكسر الانسحاب. ان نتجية الاستفتاء لصالح الانسحاب لم تنهي هذا الاستقطاب والانقسام والاختلاف لا بل وسعته بدرجات اكبر وخلقت هوة اعمق فيما بينهم. هذا، وخسر ديفيد كامروان رئيس وزراء بريطانيا، من الحزب المحافظين، عمله بسبب هذه “المغامرة” السياسية وحزبه منقسم بين معكسر “البقاء” و”الانسحاب” حيث يجري صراع شديد حول من من ممثلي المعسكرين سيتولى زعامة الحزب.

بالرغم من ان قيادة حزب العمال البريطاني، كحزب حاكم وضمن المؤسسة البرجوازية الحاكمة، كانت موحدة ومتفقة على الدفاع على البقاء داخل الاتحاد الاوروبي وشن الحزب حملة مستقلة دفاعا عن البقاء، غير ان فوز معكسر الانسحاب في الاستفتاء ادى الى تصاعد حدة الصراعات والخلافات داخل هذا الحزب. فاستغلت اكثرية اعضاء البرلمان في الحزب المنتمين لتيار “البليرزم” اليميني الفرصة للقيام بالمؤمرة على وانقلاب ضد زعيم الحزب الحالي جيرمي كوبن من “التيار اليساري” وذو القاعدة الشعبية الواسعة داخل صفوف اعضاء الحزب من الجيل الشاب واوساط الطبقة العاملة والنقابات العمالية. يمر الان الحزب بازمة خانقة وامامه طريق ملئ بالتحديات والتناقضات. هذا، وان اقساما من النقابات والاتحادت العمالية وكثير من منظمات اليسار صوتوا لصالح الانسحاب، كما وان اقساما اخرى من الاتحادات والعمال والشباب من اعضاء الحزب العمال صوتوا لصالح البقاء. بالاضافة الى ذلك عمق الاستفتاء من الاختلاف والتباعد في الرؤى فيما بين الجيل الشاب والمسن، بين سكان المدن الكبيرة الكوزموبوليتية، مثل لندن ومانجستر وليفربول وغيرها، وبين المدن والمناطق المهمشة، وخاصة في الشمال ووسط بريطانيا، التي تواجه البطالة الهائلة والتهميش.

باختصار لقد اوجد الاستفتاء تحولا دراماتيكيا في التوازن السياسي والايديولوجي على صعيد المجتمع البريطاني.

وعلى الصعيد الاوروبي، فان الاتحاد الاوروبي الذي اصابته الصدمة اثرتصويت الاستفتاء فانه بدء يستعجل في اتمام خروج بريطانيا باسرع وقت ممكن خوفا من تصاعد موجة الانسحابات من البلدان الاوربية الاخرى. وهذا ما يشكل بدوره ضغطا متزايدا على بريطانيا ويشدد من ويضاعف المازق السياسي الذي تواجهه المؤسسة الحاكمة البريطانية.

ويب سايت الحزب: لماذا اقدم الحزب الحاكم والمؤسسة الحاكمة على اجراء الاستفتاء بالاساس؟ وكيف تفسر هذا الانقسام الشديد داخل الطبقة الحاكمة وفي هذا الوقت بالذات؟

مؤيد احمد: ان تاريخ الاختلاف داخل حزب المحافظين وداخل جناحي الطبقة البرجوازية في بريطانيا حول الموقف من الاتحاد الاوروبي قديم قدم تشكيل الاتحاد الاووربي. بالرغم من ذلك، فان تفسير تصاعد ونمو هذا الانقسام مرتبط بالتاريخ الحديث وخاصة بفترة ما بعد ازمة راس المال 2008 العالمية. بمعزل عما يعلنه الجناحان للجمهور، فان هناك اسباب رئيسة آخرى تقف وراء استمرار هذا الانقسام و اشتداده . ان تحديد المسار الاقتصادي وترسيم الافاق الاقتصادية لبريطانيا، كاحدى الدول الاقتصادية الكبيرة في اوروبا، ضمن العالم المعاصر، كان ولا يزال يشكل معضلة بالنسبة للمؤسسة الحاكمة. ان هذه المعضلة اشتدت بعد انتهاء الحرب الباردة وظهور اقطاب اقتصادية وسياسية على المسرح العالمي المنافسة لاوروبا وامريكا. مع ظهور الازمة الراسمالية سنة 2008 انتهت حقبة النمو الهائل في خضم العولمة واصبحت بريطانيا واكثرية الدول الاوروبية تواجه ازمة اقتصادية ومصاعب جمة. فوقعت ثقل هذه الازمة المدمر، وعن طريق تنفيذ سياسة مخططة ومدروسة اللاحزاب الحاكمة، على كاهل العمال والجيل الشاب وغير المالكين .

واضح ان الازمة الراسمالية المعاصرة منذ 2008 لم تنتهي وان بريطانيا واوروبا تواجه معضلات اقتصادية واجتماعية كبيرة ومتنوعة. ففي هذه الاجواء، ان ظهور حركة سريزا في اليونان، البوديمو في اسبانيا، صعود جيرمي كوبن الى زعامة الحزب العمال البريطاني والتحدي والنضالات الجريئة والجماهيرية المستمرة للعمال في فرنسا بوجه سياسات الحكومة المناهضة للعمال وغيرها من النضالات والتحركات تشير الى واقع نمو اليسار ونضالات العمال والشبيبة التقدمية بوجه سياسات التقشف وهجمات الراسمالية وسياساتها النيو الليبرالية في اوروبا. ان كل ذلك دق ناقوس الخطر بالنسبة للطبقة البرجوازية والمؤسسة الحاكمة في بريطانيا، وبالتالي رات الهيئة الحاكمة بانها من الافضل ان لا تجازف بمسالة الانقسام الموجود داخل المجتمع، حول البقاء في اوروبا او الانسحاب منها، وتركها على حالها بدون الجواب في وقت تمر بريطانيا بظروف الاوضاع الازمة الراسمالية الحالية. ان الانقسام الذي كان سابقا مقتصرا على صف غير واسع نسبيا من اوساط البرجوازية في بريطانيا تحول الى ظاهرة اوسع واتخذ طابعا اجتماعيا. ان انصار الانسحاب داخل اوساط البرجوازية بدات تتزايد وان اقساما كبيرة، الى حد ما، من العمال باتوا يقعون تحت نفوذ سياسات القوميين والعنصريين وازدادت الهوة في المجتمع حول الموضع . فان المؤسسة الحاكمة واستراتيجيها لم تكن بوسعها ان تهمل الموضوع وان تترك البلاد منقسما وهي تعد نفسها لمواجهة التحديات الكبرى الاقتصادية والسياسية والامنية بالاضافة الى اخذ الحيطة والحذر من اي درجة من نمو عناصر الازمة الثورية على صعيد اوروبا في خضم استمرار الازمة الراسمالية الحالية العاليمة.

ان الاستفتاء يشكل اداة مناسبة بايدي البرجوازية وخاصة في النظام الديمقراطي البرجوازي البرلماني لحل المعضلات من هذا النوع حيث انه يحسم الامر وبالنتجية يحقق الاستقرارعلى صعيد المحتمع فيما يخص الموضوع الذي يجري الجدال بصدده. ان اجراء الاستفتاء لم يكن خطاءا تكتيكيا يقوم به ديفيد كامروان ولا مسالة حزبية داخلية لمعالجة الصراعات داخل الحزب المحافظين. انه كان تنفيذ خطة استراتيجية للمؤسسة الحاكمة، وحاولت هذه المؤسسة بكل قواها ان تحسم التصويت لصالحها ولكنها لم تنجح.

اما فيما يخص الجناح القومي للبرجوازية الحاكمة واستراتيجتها بهذا الخصوص، واضح انهم كانوا يضغطون باتجاه اجراء الاستفتاء منذ سنوات عديدة. ان طريقتهم الخاصة لمواجهة الازمة الراسمالية الحالية هي نفسها التي اظهرتها نظيراتها في التاريخ، اي تطبيق السياسات العنصرية وحماية الاقتصاد “القومي” وعزل الطبقة العاملة والجماهير الشغيلة والشبية عن ديناميزم الصراع الطبقي على صعيد اوروبا وخلق الكراهية والتعصب القومي والعنصري بوجه العمال الاجانب.

ويب سايت الحزب : كلا الجناحين البرجوازيين، وبمعزل عن الامور الاخرى، كانا يشنان حملتهم الدعائية على اساس موقيفهما تجاه الاتحاد الاوروبي ؟ ما هو تقيمك لهذا الامر؟ وكيف ترى الاتحاد الاوروبي؟

مؤيد احمد: لو ننظر الى خطابات ممثلي راس المال والمؤسسة الحاكمة في بريطانيا في الدفاع عن البقاء داخل الاتحاد الاوروبي، نراهم يتحدثون عن اهمية سوق من 500 مليون نسمة ويشيدون بكون الاتحاد الاوروبي قوة اقتصادية عمالقة في العالم المعاصر ويؤكدون على ان ذلك يوفر فرص العمل ويرفع مستوى معيشة العمال والسكان عموما ان هذا النمط من الدعاية في الانتخابات هي نفسها التي تتحدث عنها البرجوازية على الدوام اثناء الانتخابات العامة للبرلمان اي انها تربط معيشة ورفاهية العمال بالنمو الاقتصادي الراسمالي اي تراكم راس المال و انتاج الربح الرسمالي والدعاية للاليات ومشاريع التي تساعد على النمو الاقتصادي الراسمالي. فليس هناك شئ جديد وجوهري في كل ذلك اذ انها دعايات برجوازية لصالح راس المال والراسماليين والبنوك.

جوهر الامر هو ان الاتحاد الاوروبي مشروع راس المال المالي الاحتكاري الاوروبي، وخاصة الالماني، فهو مؤسسة برجوازية مطرزة وفق ضرورات حركة راس المال المالي الاوربي المعاصر واستجابة لضرورات تامين تحكمه بشرايين الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في القارة وترسيخ كيانها بمثابة قطب اقتصادي وسياسي وعسكري على المسرح العالمي. تاريخيا انبثق الاتحاد الاوروبي من السوق الاوروبية المشتركة وتلبية لضرورات تسهيل حركة راس المال وعملية تراكمه على صعيد القارة بمجمله وتحوله الى قطب اقتصادي عالمي. فمن هنا اتت ضرورات توفير المستلزمات السياسية للعب دورها بمثابة قوة امبريالية عالمية في التنافس بين الاقطاب الاقتصادية العالمية المعاصرة. الاتحاد الاوروبي الحالي ببرلمانه وقوانينه ومؤسساته التنفيذية وبيروقراطيته الهائلة وبنوكه ومؤسساته المالية الضخمة مرتبط عمليا بهذا التاريخ الاقتصادي لحركة راس المال والذي تلقى دفعة قوية مع انهيار الكتلة الشرقية 1989 وموجة العولمة الاقتصادية وتنفيذ سياسات النيو ليبرالية باشد الاشكال واشرسها خلال تلك الحقبة. بالاضافة الى ذلك صاحبت هذه الحقبة، ما بعد الحرب الباردة، الغموض فيما يخص موقع الاتحاد الاوروبي الاقتصادي وآفاقها الاقتصادية في عالم تسوده المنافسة الحامية فيما بين عدد من الاقطاب الاقتصادية العالمية واشتدت هذا الغموض مع الازمة الاقتصادية سنة 2008. مهما تكن الاسباب الاخرى غير المعلنة التي تقف وراء اصرار معسكر الهية الحاكمة للبقاء داخل اوروبا فليس فيها شئ لصالح الطبقة العاملة والمحرومين والمهمشين في بريطانيا انها سياسة مرتبطة بمصالح راس المال وان تاريخ الاتحاد الاوربي نفسه تاريخ الاستجابة للمستلزمات الاقتصادية والسياسية لحركة راس المال على مدى اكثر من 40 عاما. لذا ان تأييد معسكر الهيئة الحاكمة والجناح البرجوازي المدافع عن البقاء في اوروبا او الانطلاق من هذه اللائحة الاقتصادية للبرجوازية لدعم البقاء ليس الا خلق الاوهام وتشويه الوعي الطبقي للعمال .

هذا، وان جناح البرجوازي اليمني القومي والعنصري لم يتردد في اثارة مشاعر العداء ضد اللاجئين والعمال من البلدان الاوروبية الاخرى ولاعن خلق الاوهام ونشرالاكاذيب بالجملة بصدد محسنات الاقتصادية والاجتماعية للاستقلال من قبضة “البيروقراطيين” في اوروبا و”سوبردولة ” الاوروبي. وبالتالي، يحاول هذا الجناح اخفاء جوهره الحقيقي تحت ستار الشعبوية والدفاع عن الفقراء والعمال والمحرومين البريطانيين ولكن بذلك يعزل الطبقة العاملة البريطانية عن العمال في اوروبا فهو يشتت صف النضال الاممي للعمال كي يضع ثقل ازمة راس المال في بريطانيا على عاتق العمال والشغيلة والشببية المتطلعة لحياة عصرية مرفهة.

ويب سايت الحزب : ما هو الموقف الاشتراكي الذي كان من الضروري تبنيه ازاء الاستفتاء ؟

مؤيد احمد: قبل الاجابة على سؤالك اود القاء الضوء على بعض الامور الاساسية.

اولا: بالرغم من ان اقساما كثيرة من الطبقة العاملة وبعض منظمات “الاشتراكيين” واليسار وبعض النقابات العمالية صوتت، بتبريرات وتصورات خاطئة بالاساس، لصالح الانسحاب من الاتحاد الاوروبي، فان الموقف الاشتراكي، وبشكل اكيد، لا يربطه شئ بهذا الموقف وبهذا الوهم الموجود داخل الحركة العمالية واليسار في بريطانيا. ان التصويت لصالح الانسحاب، وبطبيعة الحال، قوى الجناح البرجوازي القومي والعنصري في البلاد وسوف يترك تاثيراته السلبية على حقوق ونضالات الطبقة العاملة في بريطانيا بشكل سلبي لسنوات عدديدة قادمة. ان الاسباب التي طرحها بعض القوى اليسارية والنقابات العمالية في الدفاع عن هذا الموقف ليست مقنعة ولا يمكن اعتبارها موقفا جديا لصالح الطبقة العاملة وقضية الاشتراكية. انهم يقولون بان الخروج من الاتحاد الاوروبي سيقوى نضال العمال في بريطانيا، يساعدهم على تحقيق البرنامج “الاشتراكي”، تاميم الصناعات والخدمات والصحة العامة بدون ان يمنعها من ذلك الاتحاد الاوروبي ويستطيع العمال ان يفرض شروطها على الحكومة البريطانية لرفع مستوى معيشة العمال وايجاد فرص العمل وتوفير السكن وغيرها. ان ضعف هذا الجدال واضح حين نرى بانهم في الوقت الذي يحرمون العمال في بريطانيا من المكتسبات على صعيد اوروبا والمثبتة في قوانين بلدان الاتحاد الاوروبي فهم يقيمون الجدار بينهم وبين نضال عمال في اوروبا ويتوعدون العمال في بريطانيا بخلق اجواء انسب لتحقيق البرنامج “الاشتراكي”!. هناك جملة من المكتسبات على صعيد عمال اوروبا، تحديد الساعات العمل الاسبوعي، تحديد الاجور حسب المعيشة، حق السكن، حق العمال في التحرك داخل مختلف البلدان للعمل في البلدان الاخرى وحق تمتعه بالسكن وضمان البطالة وقوانين متعلقة بحقوق الانسان وحقوق اللاجئين وغيرها باتت دول الاتحاد الاوروبي ملزمة بها والتي لم تفرح البرجوازية البريطانية قط حيث حاولت بشتى الطرق عدم تنفيذها في بريطانيا.

ثانيا: ان اقساما كثيرة من العمال والشبيبة وسكان المدن الكبيرة صوتوا لصالح البقاء داخل اوروبا لاسباب تقدمية. انهم لا يقبلون بحرمانهم من المكتسبات الاقتصادية والاجتماعية التي كسبتها نضالاتهم المشتركة على صعيد القارة ولا يقبلون بفرض العزلة وقطع طريق الاندماج عليهم على صعيد اوروبا. كما وان كثيرين منهم يرون انفسهم بانهم “مواطنوا العالم” فلا يريدون ان ينحصروا في اطار بريطانيا، ان افقهم افق انساني واسع، مناهضين للانعزالية ويريدون ان يكونوا احرار في التحرك والبحث عن العمل في اي بلد اوروبي وبناء مستقبلهم في اطار اوسع. واخيرا ان الراسمالية الاحتكارية المعاصرة وحدت اوروبا بهذا الشكل الملئ بالتنقاضات والتضادات، فان المهمة بالنسبة للعمال والاشتراكيين على صعيد القارة هو توحيد صف النضال الاممي والاشتراكي والرد على معضلات هذا الصراع في اطاره الاشمل والاوسع الاوربي والتقدم نحو بناء الاشتراكية على صعيد القارة لا التراجع والانكماش في اطار الدولة القومية .

لذا ان موقف الاشتراكية والاممية الصحيح باعتقادي في الاستفتاء كان من الضروري ان يكون كالتالي :

اولا: الوقوف بشكل مستقل مع الطبقة العاملة والاشتراكيين وملايين من الشبيبة المتطلعة للرفاهية الاقتصادية والاجتماعية وحياة انسانية راقية ذات آفاق عالمية والتصويت لصالح البقاء داخل الاتحاد الاوروبي في هذا الاستفتاء. واضح انه لا يمكن للطبقة العاملة والشيوعيين ان يتبنوا موقف الحياد اذ ليس له معنى سياسي عملي في مسالة كهذه.

ثانيا: مواجهة معسكر الانسحاب البرجوازي والتصدي له وفضح سياسة الانعزال القومي البرجوازي لهذا المعسكر وعنصريته والفاشيين في اوساطه ومناهضة الاوهام التي يخلقها هذا التيار.

ان تبني هذا الموقف الاشتراكي الصحيح كان يتطلب بطبيعة الحال، اثناء حملة الاستفتاء، رسم خط الشيوعيين والاشتراكيين الفاصل بينه وبين المعسكر البرجوازي المدافع عن البقاء وكذلك فضح ماهية الجناح البرجوازي القومي و العنصري المؤيد للانسحاب .

29 حزيران 2016

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى