الأخبارالمقالاتعادل احمد
أخر الأخبار

موقع قوات سورية الديمقراطية في ظل الأوضاع الجديدة!

عادل احمد

ان أحد استراتيجيات الحركات القومية الكردية عموما طوال تاريخها هو المشاركة او السعي للوصول الى السلطة، عن طريق تلقي المساعدات من قبل دول المنطقة، او اللعب ضمن سياسات الأقطاب العالمية كتبادل للمنفعة. تعتاش الحركة الكردية دائما على الخلافات السياسية بين دول الإطار المجاور. ومع كل تغير في التوازنات القوى بين الأقطاب او اي تغير حاصل بين القوى الإقليمية اواي تغير في المصالح او حل الاختلافات بين الدول المنطقة، تصاب هذه الحركة اما بانهيار احزابها او تقوم بتغير اتجاه حركتها، وفي كلتا الحالتين دفع او قد يدفع الثمن لهذه السياسات الرجعية، المواطنون العاديون ويصاب المواطنون بالإحباط في كل مرة، جراء سياسات الأحزاب القومية الكردية.

ان حزب الاتحاد الديمقراطي وقواته المسلحة (وحدات حماية الشعب) والتي تشكلت في تحالف أوسع فيما يعرف بقوات سوريا الديمقراطية (قسد) اختار الحزب المذكور نفس استراتيجية الحركات الكردية الأخرى في المنطقة مثل الحركة الكردية في العراق او إيران او تركيا في اعتمادها أو الاستفادة من الخلافات السياسية بين دول المنطقة او بين الأقطاب العالمية. على الرغم من الاختلافات الشكلية، سواء في تفكيرها او بعض الممارسات الاجتماعية، ولكن بشكل عام لا تتخطى سياساتها نطاق سياسات واستراتيجيات بقية الحركات الكردية في المنطقة. لا شك في ان وحدات حماية الشعب في سوريا وهي الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني في تركيا مع بعض أوجه الاختلافات البسيطة ولكن كلاعب سياسي تتوافق مع كل سياسات حزب العمال الكردستاني.

ان حزب الاتحاد الديمقراطي ووحدة حماية الشعب المسلحة اتخذ موقف عدم التصادم مع حكومة بشار الأسد او القوات الموالية لإيران منذ بداية الازمة السورية من عام ٢٠١١ وحتى سقوط حكومة الأسد في سوريا بشكل نهائي قبل أسابيع على الرغم من ان هذه السياسة مطابقة لسياساتها ووجهة نظرها وقربها من إيران وتلقي الدعم منها وهي كانت خطوة ذكية لأبعاد نيران الحرب الاهلية عن مناطقها.. ولكن اثناء قتالها مع داعش، غيرت سياساتها وربطت كل سياساتها مع مصالح أمريكا في سوريا وتلقت الدعم المادي والعسكري من أمريكا وعن طريق أمريكا استطاعت على ان تسيطر على الابار النفطية في المناطق بين الحسكة ودير الزور السورية وبيعها وتمويل قواتها.. ومع سقوط الحكومة السورية وفرار بشار الأسد الى روسيا ومجيء أحزاب الإسلامية كأحرار الشام والنصرة السابقة وجماعات إسلامية متشددة موالية لتركيا وقطر الى السلطة التي اخذت تتقرب من أمريكا أكثر من هذه الجماعات بواساطة تركية وقطرية من اجل ترسيخ سلطتها وحماية مصالح أمريكا والغرب في المنطقة، تبددت امالها بالاعتماد على امريكا. وان هذا التغير والاختلال في المعادلات والقوى الفاعلة في سوريا، أثر بشكل مباشر على موقع ومكانة قوات قسد في المعادلة الجديدة. ان تشديد الضغط من قبل القوات التركية والقوات الموالية لاجبار قسد على ترك مواقعها في مناطق نفوذها من جهة، وضغط اخر من قبل الجماعات الإسلامية القابضة للسلطة في دمشق بتسليم أسلحتها وتسليم مواقعها ومواقع الابار النفطية في مناطق نفوذها الى سلطة احرار الشام.. ان هذه الحالة تتطلب اما الاستسلام او القتال حتى اخر نفس. وان مهمة أمريكا مع قوات قسد وصلت الى حلقتها النهائية وأصبح وجود قوات قسد في خطر وبين كماشة تركيا والحركات الإسلامية، خاصة مع تقليل الدور الإيراني في المنطقة. ان هناك عدة احتمالات قد تسلكه قوات قسد في الأشهر القادمة اما تسليم مناطق نفوذها الى دمشق وانخراطها كقوة بلا إرادة، او الاستفادة من إيران لاستمرار القتال والحفاظ على مناطق نفوذها او جزء منها بواسطة مليشيات عراقية موالية لإيران او الانخراط كليا مع الحزب العمال الكردستاني في قنديل لاستمرار القتال بالضد من حكومة دمشق. او في أحسن الاحوال قد تحصل على حكم ذاتي مثل تجربة اكراد العراق في أوائل السبعينات من القرن الماضي.. ان من راهن على ان حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات حماية الشعب بانه مختلف ويساري ويختلف عن بقية الأحزاب الكردية الأخرى في بقية المناطق، قد يصاب بالصدمة مرة أخرى وبالإحباط والالم كما في تجارب الحركات الكردية السابقة…

لندع الجانب السياسي لهذه الحركة وحزبها وقواتها وافاقها جانبا ونفكر بمصير ملايين البشر الناطقين باللغة الكردية في سوريا داخل غابات من القوى الرجعية والإسلامية والداعشية وهذا صحيح أيضا بالنسبة للمواطنين السوريين المدنيين في بقية المناطق والمحافظات الأخرى كذلك، على كيفية الحفاظ على مدنية المجتمع ومعيشتهم ونمط حياة حرة وكريمة. ان وجود السلطة المدنية غير دينية وغير طائفية مثل قوات قسد بين كل هذه القوى الرجعية الإسلامية والطائفية في سوريا يستحق الدفاع عنه حتى وان اختلفنا سياسيا وطبقيا معها.. ان وجود قوة علمانية مثل قسد والتي تؤمن بالمساواة بين الجنسين وغير دينية في مناطق شمال الشرق من سوريا وما يسمى بالكردستان السورية سيكون نقطة قوة في تأثيرها على بقية المناطق السورية لإبقاء الدستور العلماني في سورية. وإذا حدث بالعكس وتم القضاء على قوات قسد وابعادها عن المدن ومناطق نفوذها، سيعود بالضرر على مدنية المجتمع وسيكون خطوة نحو افغنة المجتمع السوري وسيطرة الرجعية على المجتمع السوري. ومن هنا علينا ان نأخذ موقفا إنسانيا وسياسيا بما يخدم حياة ملايين من الناس.

نحن كماركسيين واشتراكيين ما يهمنا دائما هو حياة ومعيشة المواطنين وحرياتهم والحفاظ على كرامتهم، وان اي سياسة إذا ما خدمت المجتمع وخدمت التحرر حتى وان كان من قبل الطبقة البرجوازية يستحق الدفاع عنها. ولهذا حتى وان اختلفنا مع قوات قسد فكريا وسياسيا وطبقيا ولكن في الدفاع عن مدنية المجتمع علينا ان ندافع عنهم.  القسد هي احدى الاطراف القوية يمكن من خلالها مواجهة القوى المظلمة والرجعية في المجتمع السوري. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى