
في فجر يوم الجمعة (14 يونيو 2025)، شنت الحكومة الإسرائيلية الفاشية والمتعطشة للحرب، بذريعة “خطر إيران النووية وأمن إسرائيل”، هجمات واسعة على عشرات المراكز العسكرية والنووية والمناطق السكنية في مدن إيرانية مختلفة مثل طهران، شيراز، أصفهان، كرمانشاه وتبريز، مما أسفر عن مقتل عدد من قادة الحرس الثوري ومئات من المدنيين الأبرياء وإصابتهم بجروح.
وقد أعلنت الحكومة الإسرائيلية أن “هذه الهجمات ستستمر طالما لزم الأمر”، وهو إعلان رسمي عن نية هذه الحكومة جرّ المنطقة بأسرها إلى حقبة مظلمة وخطيرة. وكما في هجماتها السابقة على غزة ولبنان وسوريا، وقتل مئات الآلاف من الأبرياء، فإن هذه الهجمات ما كانت لتتم دون تأييد وتعاون من الحكومة الأمريكية ودعم من الدول الغربية وصمت خصومهم الدوليين. وعليه، فإن المسؤولية المباشرة عن نتائج هذا التوحش والانفلات والمجازر بحق المدنيين في إيران تقع على عاتقهم كلهم.
إن رد إيران على هذه الهجمات من خلال قصف مواقع عسكرية وسكنية مختلفة داخل إسرائيل، واستمرار الهجمات المتبادلة، يعني بدء حرب لا يمكن التنبؤ بأبعادها أو نطاقها أو نتائجها ولا مصيرها، ولا بحجم الخسائر البشرية والدمار وآثارها الكارثية على جماهير إيران والمنطقة.
لقد سعت الحكومة الفاشية والمغامِرة في إسرائيل منذ فترة طويلة إلى إشعال حرب شاملة في المنطقة، بدعم من أمريكا، في محاولة للهروب من أزماتها العسكرية والسياسية الداخلية وعزلتها الدولية، ومن الانتقادات العالمية الواسعة على جرائمها ضد الفلسطينيين. وتدفع اليوم جماهير إيران ثمن هذا الإفلاس والعزلة بحياته وأمنه. إن الذرائع الفارغة حول “خطر إيران النووية وأمن إسرائيل”، إلى جانب تهديدات ترامب المتكررة لإيران ودعوته لايران إلى “قبول شروطه أو مواجهة الهجوم”، مع التحريض الذي تقوم به حكومات بريطانيا وفرنسا وألمانيا بحجة “التهديد النووي الإيراني”، وفرت الأرضية لبدء هذه الحرب. إن انفلات إسرائيل، وعدم التزامها بأي قانون أو اتفاق دولي، وحصانتها من المساءلة على جرائمها ضد الفلسطينيين، وهجماتها على لبنان وسوريا واحتلال أجزاء من أراضيهما، واليوم على إيران، لم يكن كل هذا ليتحقق دون الدعم والمشاركة الفعالة من الدول الغربية في هذه الجرائم. لقد نهض أحرار العالم بحق ضد هذا الانفلات والجرائم الجماعية، وضد كل من يقف وراءها من إسرائيل إلى أمريكا وأوروبا.
إن جماهير إيران التي تناضل يومياً من أجل الحرية، وتخوض صراعاً يومياً ضد الجمهورية الإسلامية من أجل إسقاطها بثورة وإنهاء الفقر والاستبداد وتحقيق حياة إنسانية، ستتضرر كثيراً من هذا الهجوم الإسرائيلي واندلاع الحرب. فهذه الحرب، إلى جانب آثارها الضارة والمدمرة على الجماهير في ايران والمنطقة، وبمعزل عن تبعاتها على الجمهورية الإسلامية وخسائرها، تفتح يد النظام لقمع الاحتجاجات التحررية ضده، وفرض الخوف والبؤس على الناس. لا تحتاج جماهير إيران للهروب من كابوس الجمهورية الإسلامية أن تستبدلها بجلادي غزة، إحدى أكثر الحكومات الإجرامية في التاريخ، والتي تقتل الفلسطينيين منذ أكثر من 70 عاماً، وهي اليوم المصدر الرئيسي لعدم الاستقرار في المنطقة.
في هذا الوضع، من جهة، تحاول الجمهورية الإسلامية، تحت شعار “الدفاع عن النفس” و”وحدة الأراضي الإيرانية”، ومن خلال الدعاية القومية والوطنية، ليس فقط حشد القوميين الإيرانيين في الداخل والخارج، بل أيضاً تبرير الفقر والحرمان والبطالة والقمع والعسكرة وجرائمها بحق جماهير إيران، بهدف إضعاف خطر الاحتجاجات الشعبية، واحتجاجات الطبقة العاملة والنساء والفئات المحرومة، وتحقيق توازن لصالح بقائها، وفرض اليأس على المجتمع. إن أول ضحايا الحرب والقصف وأجواء الرعب والخوف، هم الأحرار والمنادون بإسقاط النظام. إن الطبقة العاملة والقوى التحررية في إيران تجد نفسها اليوم، بسبب العدوان الإسرائيلي، في وضع أكثر خطورة وغموضاً، وبمواجهة أصعب وأعقد وأخطر مع الجمهورية الإسلامية.
ومن جهة أخرى، ومع الهجوم الإسرائيلي وسقوط الضحايا في طهران وغيرها، وفي ظل الخوف والقلق الذي يلف إيران، نرى بعض أطراف المعارضة المؤيدة لإسرائيل يحتفلون ويهزجون، ويروجون لرسائل نتنياهو وكأنها “خلاص” لجماهير إيران، و”أفضل فرصة لتحرير إيران” و”إسقاط النظام”، ويعدون بـ”حرية إيران” ولو على أنقاضها كما حدث في بيروت. وبذريعة العداء للجمهورية الإسلامية، إنهم قوى لها تاريخ مظلم في دعم كل السياسات الرجعية، من التدخلات العسكرية إلى الدعوة لتحويل إيران إلى سوريا أخرى. إنهم من نفس طينة الرجعية الإسلامية والفاشية الإسرائيلية، وهم أعداء مباشرون للحرية والأمن ورفاهية جماهير إيران.
يقف الحزب الحكمتي (الخط الرسمي)، إلى جانب الطبقة العاملة والنساء والفئات المحرومة، ولا يكتفي بإدانة العدوان العسكري الأمريكي-الإسرائيلي، بل يرفض الحرب وتوسعها، ويطالب بوقف فوري للهجمات المتبادلة. نحن، إلى جانب القوى التحررية في إيران، ندين أي اعتداء من جانب الجمهورية الإسلامية على حياة الناس، على أمنهم ومعيشتهم، بحجة “الحرب مع إسرائيل” و”الدفاع عن النفس”، ونقف في وجهها بكل السبل.
يدعو الحزب الحكمتي (الخط الرسمي) جميع المنظمات والهيئات العمالية والتحررية والمدافعة عن حقوق الإنسان والمناهضة للحرب والجرائم في العالم، إلى الاحتجاج على الحرب، وعلى إسرائيل وداعميها، والدفاع عن جماهير إيران والمنطقة.
الحزب الحكمتي (الخط الرسمي)
14 حزيران-يونيو 2025