أن الأجواء العالمية الحالية، شبيه الى حد ما أجواء الحرب العالمية الثانية ولكن باختلاف كون موقع ساحة المعركة تقع الحالي في أوكرانيا. كل شيءٍ تقريبا، اقتصاديا وسياسيا وعسكريا يتجه الى جعل العالم معسكرين متصارعين من أجل تقسيم العالم من جديد بين لصوص الإمبريالية العالمية. ان مرحلة تهيئة العالم الى أقطاب جديدة وإنهاء العالم القديم أحداي القطب، تصاحبه المخاطر والخوف على مستقبل العالم قاطبة؛ ويعتبر من اخطر المراحل التي يمر بها العالم في ضوء وجود التكنولوجيا النووية والصواريخ العابرة للقارات، او بشكل اخر تعتبر أوضاع اليوم هي أوضاع حرب واستخدام القوة والعسكرتارية لحسم الأمور السياسية والاقتصادية.
في خضم هذه الأوضاع السياسية الخطرة نقترب من يوم المرأة العالمي. من البديهي، مع تداعيات الحرب واشتداد الصراعات، ان يكنَّ النساء في مقدمة الاستغلال ووقوع الثقل الأكبر عليهن أكثر من غيرهن. ان الدمار والنزوح والتشرد وحماية اطفالها من خطر الحرب والجوع والبحث عن أماكن امنة، والاستغلال والاعتداء الجنسي و كذلك تشديد استغلال النساء في ميدان العمل نتيجة أجواء الحروب والأزمات الاقتصادية ،ان تسريح النساء العاملات يكن دائما في مقدمة الأمور، اي بكلمة واحدة ان كل مأسي النظام الرأسمالي يقع نصيبها الأكبر والمباشر ومن أول وهلة ضد المرأة وحقوقها. وبناء على هذا، من الضروري جدا ان يرتفع صوت المرأة هذه السنة اكثر من وقت اخر، عاليا وقويا من اجل تغير مسار الحرب والدمار والموت والجوع في انحاء العالم.
في يوم الثامن من آذار يوم نضال المرأة العالمي علينا ان نبرز النضال ضد الحرب اكثر ما نستطيع، وفي تظاهراتنا في عموم العالم علينا ان نركز و نقف بحزم في وجه الحروب والعسكرتارية العالمية والهجوم الاقتصادي للرأسمالية العالمية على حياتنا ومعيشتنا ومستقبلنا ومستقبل اجيالنا… ان أي انتصار لأي طرف من هذه الأطراف المتصارعة سوف يترك بصماته على حياتنا في هذا القرن. ولهذا من المهم جدا ان نتفهم مخاطر هذه الأوضاع على المجتمع ومستقبلنا، ونعمل على تصحيحها.
لماذا نضال المرأة ضروري في هذا العام؟ ولماذا ابراز نضال المرأة عامل مهم في تحريك المجتمع بالضد من السلطات والحكام؟ للإجابة على هذه الأسئلة، من الضروري جدا ان نرجع قليلا الى التاريخ الماضي وان ننظر إلى دور المرأة الحاسم في الوقوف بوجه الأوضاع المأساوية في المجتمع.
الحدث الأول : اندلاع الشرارة الأولى لثورة فبراير الروسية عام ١٩١٧ عندما تظاهرت الحركة النسوية الروسية في فبراير ٢٣ ( التقويم الروسي القديم) بصادف ٨ من مارس ( بالتوقيت العالمي) يوم المرأة العالمية على الأوضاع الحرب المأساوية العالمية والتي اثرت بشكل كبير على النساء و الفقر المدقع في المجتمع. تحولت هذه الشرارة الى نهوض المجتمع لإسقاط القيصر ومن ثم تطور الثورة في نهاية المطاف الى الثورة الاشتراكية بقيادة البلاشفة وانهاء الحرب العالمية الأولى.
الحدث الثاني: اندلاع تظاهرات وانتفاضة النساء في ايران العام الماضي والتي لا زالت مستمرة حتى الان بوتيرة أقل ولكن بنفس المحتوى. تعتبر هذه التظاهرات الأولى من نوعها في تاريخ الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ليس لدرجة ضخامة وسعة التظاهرات والتي سبق وحدثت عدة مرات من قبل في عمر الجمهورية الإسلامية، بل في جوهر وعنصر المحرك الرئيسي للتظاهرات والذي يكمن في حضور النساء والدفاع عن حقوقهن والوقوف بوجه الانحدار نحو الأسوأ والتي طالت حياتهن اكثر من باقي المجتمع. ان التظاهرات النسوية في ايران هزت اركان السلطة في ايران، وأثرت عليها بأن ترضخ للقيام ببعض الإصلاحات ومن ضمنها الافراج عن المعتقلين السياسيين في السجون الإيرانية وخاصة الناشطات النسويات، والتي قد تصبح الثورة الإيرانية القادمة ثورة نسوية.
ان قوة انتفاضة أكتوبر في العراق عام ٢٠١٩ كانت تكمن في حضور النساء والفتيات في الساحات والميادين ولو لم يكن بشكل مستقل ولكن كانت قوية بدرجة زرع الخوف في قلب الأطراف في العملية السياسية جميعا. ولهذا نرى حتى الان اصدار تشريعات وقوانين رجعية مستمرة من اجل قمع النساء والتقليل من فرصة المشاركة السياسية والاجتماعية بالضد من السلطة. ونستنتج من كل هذه بان الحركة النسوية ضرورية وحاسمة في قضايا المجتمع. وان حضور النساء في هذا العام في يوم المرأة العالمي بالضد من الحرب في أوكرانيا وبالضد من العقوبات والعقوبات المتبادلة بين الأطراف المتصارعة في الحرب الأوكرانية والتي تهدد يوميا سفرة كل فرد وكل عائلة في جميع انحاء العالم.
ان هذه الضرورة تجعل من نضالنا التركيز على دور النساء ودورهن في انهاء أجواء الحرب والعسكرتارية وانهاء شبح خطر الفقر والجوع والذي يجول شبحه في سماء العالم و تأثيرها سيكون مدمرا أكثر من السابق وتسود البربرية بشكل أسوأ من قبل ويتراجع المجتمع البشري خطوات كثيرة الى الوراء. نحن لا نمر في الأوضاع الروتينية والعادية كما تعودنا عليها في السنوات الماضية، بل مرحلة خطرة وحساسة ومصيرية في حياتنا.
ان لفت انظار الحركات النسوية نحو هذا التوجه في يوم المرأة العالمي ضروري جدا وان رفع شعاراتنا بما يتجاوب عن هذه المرحلة الخطرة امر ضروري وثوري لإنهاء معاناة الإنسانية في أوكرانيا وكذلك معاناة العمال والكادحين في جميع انحاء العالم جراء هذا الصراع الرجعي بين دول اللصوصية العالمية لتقسيم العالم فيما بينهم. حان الوقت لنجعل الثامن من آذار يوم النضال المرأة العالمي، شرارة عالمية من اجل الوقوف بوجه الإمبريالية العالمية وحروبها.