نادية محمود
تقوم الدولة ” الشيعية” في العراق وتستند على اربع ركائز وتسعى على امتداد اكثر من عقدين على تشييد واقامة دولتها “الشيعية” على اساسها. هذه الاركان الاربعة، تعمل وبشكل منظم على اعادة المجتمع العراقي الى زمن البربرية، واللصوصية، والقتل وانتهاك حقوق البشر، وغياب القانون، وعلى الاخص، انتهاك حقوق اضعف فئات المجتمع وهم النساء والاطفال. تشكل استباحة المال واستباحة الاناث مسألتين محوريتين في رسم ملامح هذه “الدولة”. ويمكن تحديد هذه الركائز بما يلي:
أولا: تنطلق الاحزاب الاسلامية الشيعية من فقه وتشريع مفاده بأنه يمكن الاستيلاء والاستحواذ على المال الذي لا صاحب له فيما يُعرف عندهم مجهول المالك. تعتبر الاموال في البنوك هي اموال لا صاحب لها. وحيث ان اموال بيع النفط تودع في البنوك، فهي اموال لا صاحب لها. وحتى الحكومة ذاتها، لا تعتبر بنظرهم، انها صاحبة توكيل او ولاية على التصرف بمال الدولة. لذا يستطيع اي شخص يجد سبيلا للاستحواذ والسيطرة على تلك الاموال، فلا اشكال شرعي ولا ديني ولا اخلاقي في ذلك!!!.
هذه هي النظرية” الاقتصادية” و” الاخلاقية” التي انطلقت منها الاحزاب الشيعية وبدأت بالاستيلاء على ثروات البلاد. وحيث ان ميزانيات العراق، هي ميزانيات انفجارية، تذهب تلك الميزانيات ” الانفجارية” الى جيوب الاحزاب، حيث ان الميزانيات تذهب الى الوزارات التي تسيطر عليها تلك الاحزاب. وحيث ان الحكومة ليست لديها الولاية على مال” لا تملكه وغير معروف صاحبه” فهي لا تحاسب ولا تراقب صرف تلك الاموال، فلا الحكومة تعتبر نفسها مسؤولة، ولا الاحزاب ترى نفسها محاسبة امام تلك الحكومة. من هنا وصلت نسب الفساد الى نسب صاروخية. منحت الاحزاب الاسلامية الشيعية لنفسها الحق بان تستبيح هذه الاموال، وهي لديها غطاء شرعي بفتوى من الحاكم الشرعي. من هنا، لا تخصص ميزانية للخدمات، وان خصصت، فانها تسرق وتنهب، ولا يوجد استثمار في المشاريع. وتستمر الناس بالاحتجاج، مطالبة الدولة، باعتبارها كيانا مسؤولا عن المجتمع، والمطالبة بالخدمات وفرص العمل.
ثانيا: العصابات: ان منطق الاستيلاء على المال العام، ومزاحمة الاخرين والتنافس معهم على الاستحواذ عليه يقتضي وجود “عصابات” وتحديدا عصابات مسلحة او ميلشيات وهي الركن الثاني من اركان” الدولة الشيعية”. هذه العصابات اعطيت لها صفة قانونية من قبل نفس الاحزاب الاسلامية الشيعية. لتقوم بحراسة وحماية السيطرة على الاستيلاء على المال العام. وتم لها ذلك بتوفير غطاء قانوني هذه العصابات موجودة لتوسع من نطاق استيلاءها على المال العام، وتغلق افواه الاصوات المحتجة والمعترضة.
ثالثا: القائمة الثالثة التي تقوم عليها دولة ما بعد 2003، او الدولة ” الشيعية” هي العشائر، امتدادا لما قام به نظام صدام المقبور، من تقوية العشائر حتى تدعم نظامه الذي بدأ بالتهاوي بعد عام 1991 وانتهاء حرب الخليج، وحدوث انتفاضة اذار 1991. تستخدم الاحزاب الاسلامية العشائر وترشيها وتتودد لها، وتستعين بها من اجل ابقائها في السلطة. لقد تم تأسيس مجلس العشائر، من اجل مد يد العون لهذه الاحزاب الاسلامية، واستخدامه للسيطرة على ابناء تلك العشائر. والان تعيش العشائر مرحلة ازدهارها، حيث تمارس العشائر قوانينها، فالعشائر تحسم الصراعات العشائرية باستخدام مختلف اشكال القمع. فهي تتقاتل مع بعضها البعض لخلافات قد تحدث بسبب نزاع حول قطعة ارض، او مصدر ماء، او بقرة سارحة في مراعي عشيرة اخرى، وتستخدم مختلف انواع الاسلحة الخفيفة والمتوسط، امام عجز حكومي تام عن التدخل. الان تضاهي ان لم تزيد قوة القانون العشائري على قانون الدولة.
رابعا: ما نحن بصدده الان، هو تفتيت قانون الدولة المتعلق بالأحوال الشخصية، وفق التعديلات التي طرحت من قبل نواب الاحزاب الشيعية في البرلمان. حيث يراد تفكيك وقضم فقرات ومواد قانون الاحوال الشخصية، وعمليا حل محاكم الدولة فيما يتعلق بقضايا الاسرة، واعادتها الى المحاكم الشرعية. اي بقرار واحد، وبتشريع قانوني برلماني جديد، طرح من قبل نواب الاحزاب الشيعية يراد اعادة تاريخ العراق الى ستين عاما للوراء. فبعد ان وجد قانون الاحوال الشخصية ليوحد المواطنين للخضوع لقانون واحد، تأتي التعديلات الحالية، لتفتيت القوانين، واعادتها الى رجال الدين بدلا من الدولة. وهنا، يترك للشرائع الحبل على الغارب. فكما ان الشريعة والفقهاء الشيعة يتحدثون عن النفط، والارض والمطر والزرع، والغابات، هي لا صاحب لها، فان امكانية الاستيلاء عليها لمن يجد لذلك سبيلا هو امر مباح، وخاصة اذا حصل على مباركة من الحاكم الشرعي، فهم اليوم يتحدثون عن اغتصاب الطفلات، ومفاخذة الرضيعات، وبيع وشراء النساء والفتيات باسم” الشرع والفقه”. ويعطي حق التصرف بأجساد الطفلات الى اولياء امورهن، وان انتفى وجود الاخير، فان الحاكم الشرعي له حق الوصاية للتصرف باجساد الطفلات.
وهكذا، تبنى، الاحزاب الاسلامية الشيعية، ” دولتها” على اساس النهب، وتستعمل كل سبل القوة لحماية ما نهبت وما ستنهب، وتحتمي بقوة العشائر والعصابات، واستباحة اجساد الاناث من المهد الى اللحد.
هذه هي ملامح الدولة الشيعية التي يراد فرضها علينا، عبر الانتخابات والديمقراطية، وعبر تكميم الافواه. فهل هذا ما نريد؟
لقد قالتها الجماهير بمختلف الاشكال: يجب الخلاص من سلطة هذه الاحزاب، بشرعها، وفقهها، وعصاباتها، وقوانينها وعشائرها، من اجل مجتمع يستطيع العيش بأمان وتوضع فيه قوانين الدولة لحماية الانسان في العراق.