تواردت انباء عن محاولات جدية من قبل السلطات في محافظة السليمانية لخصخصة مستشفى هيوا، وهو المستشفى الحكومي الوحيد المتخصص بعلاج امراض السرطان في كل المحافظة.
من المعروف ان الأحزاب القومية الكردية، وخاصة الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، قامت منذ اليوم الأول لتحكمها بمجتمع كردستان بسرقة والاستيلاء على كل مقدرات المجتمع من خلال مليشياتها الدموية. لقد حولت كل مفاصل وميادين حياة المجتمع الى وسيلة للتجارة وتراكم الأرباح. لقد وصل الامر بهذه الأحزاب اليوم بان تقوم بخصخصة المستشفى الاختصاصي الوحيد بأمراض السرطان كخطوة أولى لخصخصة كل القطاع الصحي وما تبقى من خدمات.
ان هذه الخطوة معادية لوجود الانسان ذاته ولكل قيم انسانية وجريمة صريحة بحق مواطني كردستان!
يجب فضح كل من يدعو الى بيع مستشفى هيوا الى القطاع الخاص ومحاكمته كمجرم بحق الانسانية مثله مثل من يرتكب اعمال قتل جماعية. ان خصخصة المستشفى الوحيد المختص بأمراض السرطان في مدينة من مدن كردستان العراق حيث تعيش الجماهير في أوضاع مزرية حيث البطالة المرتفعة جدا والأجور المتدنية والحرمان من ابسط الخدمات، وفي وقت وصلت معدلات الإصابة بالكثير من السرطانات الى معدلات خرافية نتيجة الثلوث التي تسببت بها الحروب ونتيجة غياب المعايير الصحية التي تحمي الانسان من المواد المسرطنة بما فيها تلك التي تأتي عن طريق المواد الغذائية الفاسدة هي جريمة قتل جماعية بحق الأبرياء بما فيهم الأطفال. يجب ان ينبذ هؤلاء وينظر إليهم باحتقار. ان من يقومون بخصخصة مستشفى هيوا هم طبقة طفيلية منفصلة عن المجتمع لا تحتاج خدمات هذا المستشفى أصلا وهم يستنكفون المعالجة فيه.
كما يجب ان تسحب اجازة اي طبيب يدعو الى خصخصة مستشفى حكومي، وخاصة مستشفى هيوا، لأنه بهذا العمل لا يلتزم بأبسط القواعد الاخلاقية للطب وهي ” لا تؤذي أولا”. ان بيع مستشفى هيوا الى القطاع الخاص يعني حرمان الالاف من البشر من الخدمات الصحية التي يقدمها هذا المستشفى، وهذا يعني الحاق الأذى بهم والذي يصل الى حد الموت. ان بيع مستشفى هيوا يعني موت اعداد كبيرة من الأبرياء بأمراض السرطان التي يمكن علاجها من خلال العلاجات الحديثة، اذ يستحيل على الكثير من العوائل توفير المبالغ اللازمة لعلاج مرضاهم التي قد تصل الى عشرات الالاف من الدولارات. فكيف يمكن لاي انسان تبرير موت طفل بسرطان يمكن علاجه، لا لذنب سوى كونه من عائلة غير فاسدة ولم تشارك تلك الاحزاب في سرقة خيرات المجتمع؟
اين الأطباء الذين ينتمون الى الأحزاب الحاكمة في كردستان من هذه الجريمة؟ ان سكوتهم مقابل هذه الجريمة يضعهم في خانة المجرمين الذي يقترفون اعمال الجينوسايد. لا يشرفني انا شخصيا ان أكون زميل مهنة لهؤلاء.
يجب الوقوف بحزم ضد محاولات حكومة الاتحاد الوطني لخصخصة مستشفى هيوا. يجب بناء حملة من اجل افشال هذه الخطة ومن اجل اخراج كامل الخدمات الاجتماعية في كردستان العراق من ايدي عصابات هذه الأحزاب الذين أصبحوا تجار الدم.
ان السياسات الليبرالية الجديدة هي تحت طائلة السؤال في مراكز الرأسمالية العالمية الاساسية. ففي أمريكا نفسها هناك نضال مرير باتجاه جعل الرعاية الصحية مجانية للجميع. لقد تبين ان برنامج النيوليبرالية الجديدة الذي يهدف الى تبني سياسات وحشية من بينها خصخصة قطاعات الخدمات لا يشكل خطر على صحة وسلامة وسعادة الافراد فحسب، بل يعرض مجمل بنيان المجتمع للانهيار والتفكك حيث يقضي على كل الاواصر والعلاقات الإنسانية في المجتمع ويحول المجتمع الى غابة يأكل فيها القوي الضعيف.
ادعو كل العاملين في القطاع الصحي في كردستان وكل والتحررين والشيوعيين وكل من يلتسع قلبه للإنسان وحقوقه وسعادته في المجتمع الى الوقوف بحزم بوجه هذه السياسة الهمجية للاتحاد الوطني لأنها ستكون بداية لهجمة أكثر شراسة على المجتمع في كردستان.
الطبيب توما حميد- استراليا
طبيب سابق في مستشفى ازادي في دهوك