بعد استلام البلاشفة السلطة السياسية في أكتوبر من عام ١٩١٧، اصبح تقليداً باحتفال بأول من أيار عيد العمال العالمي، قبل ذلك كان بمثابة يوم التضامن العالمي للعمال أي يقوم العمال بإقامة التظاهرات والاحتجاجات والمسيرات من أجل رفع لائحة المطالبات السياسية والاقتصادية بوجه أرباب العمل والطبقة البورجوازية وإظهار تناسب قوتها كلما اشتد النضال العمالي وحركته. وفي زمننا اليوم لا توجد في أي مكان سلطة الطبقة العاملة حتى يحتفل به العمال في يوم الأول من أيار كعيد لهم، ولهذا لا يوجد عيد وانما يوجد يوم النضال في جميع انحاء العالم من اجل إسقاط سلطة الرأسمال.
في عالمنا اليوم اصبح أكثرية المظاهر والاحداث العالمية تظهر كأنها عالم حصري للبورجوازية، سواءً بالأخبار عن صناعاتها وتكنولوجياتها وبنوكها واتفاقاتها وحروبها وسلمها وتنوع جامعاتها وابحاثها و…الخ. ان ظهور العالم كانه عالم توجد فيها فقط الطبقة البورجوازية وافاقها وأهدافها هي محاولة مستمرة من قبل الطبقة البورجوازية العالمية في ان تعطي هذه الصبغة السياسية للعالم الحالي. وان حتى في نشرات الاخبار او في قنوات الاعلام العالمية تبرز فقط ما يريده وما تستهدفه الطبقة الرأسماليين من مشاريعها وسياساتها وحتى صراعاتها مع بعضها فقط، ولا توجد ادنى اخبار عن الصراع الخفي والعلني المستمر والحتمي واليومي بين الطبقة العاملة والطبقة البورجوازية.
تحاول الطبقة البورجوازية العالمية بجميع إمكاناتها وبصورة مستهدفة ان تخلق المشاكل والاحداث الجانبية والرجعية في المجتمعات مثل المشاكل القومية والصراعات الحدودية وحقوق الأقليات والتهجم على حقوق المرأة وخلق معارك واقتتال بين الدول بسبب مشاكل تقسيم المياه والأراضي والري و… من اجل صرف النظر عن الصراع والمعركة الاصلية في المجتمع وهي النضال الطبقي والحرب المستمرة اليومية بين العمال والرأسمالية، واستطاعت الى حد ما الانتصار في هذا المضمار. وان نضال العمال اليومي والاحتجاجات حول المطالبات وشروط العمل وحول زيادة الأجور وتحسين مستوى المعيشة على الرغم من استمراريتها لكنها واقعة تحت ظل قمع الإعلامي البرجوازي لهذا الجانب هذا من جهة ومن جهة أخرى فان حركة الطبقة العاملة العالمية اليوم تظهر اكثر بصورة دفاعية وليس هجوميا على الطبقة البورجوازية وتقتصر أكثرية مطالباتها بالحفاظ على مكتسباتها والتي فرضتها على البرجوازية في سنوات من نضالاتها. ان الموقع الدفاعي للطبقة العاملة هو حقيقة واقعية ويعبر عن تناسب قوتها في النضال الطبقي. ان حال الطبقة العاملة في أيام كمونة باريس وايام ثورة أكتوبر كانت هجومية الى درجة حتى صبغت المجتمع بشكل جلي، بالنضال الطبقي بين البورجوازية والطبقة العاملة وحتى الصراعات كانت تنعكس في الادب والفن والمسرح وفي الثقافة وفي معالم بناء المدن وفي العلم والتربية والتعليم والى كل ذلك … ان أكثرية العلماء في ذلك الزمن منقسمون الى معسكرين ولم يكن من وليد الصدفة عندما اصطف برنشتاين مع الاشتراكية والطبقة العاملة. واليوم تناسب القوى هو لصالح الطبقة البورجوازية فان كل ما اشرنا اليه واقع تحت أفق الطبقة البورجوازية.
ان الأول من أيار باعتباره يوم التضامن العمالي العالمي، يعتبر من اهم الأيام التي تستطيع الطبقة العاملة أن تنهض وان تظهر بمظهر القوة وان تظهر بهيئتها العسكرية والطبقية وان ترفع سلاحها وجبروتها بوجه الطبقة الرأسمالية. ان احدى اهم الاسلحة العابرة للقارات والتي تستطيع الطبقة العاملة العالمية ان تهز اركان المجتمع البورجوازي، هو الأول من أيار. حيث يجتمع العمال في هذا اليوم في جميع انحاء العالم ويقولون بصوت واحد ” لا ” كبيرة للنظام الرأسمالي ويتبادلون المشاعر حول المشاكل العالمية والمصيرية.
في ظل الحرب الأوكرانية الحالية ومع اقترابنا من الأول من أيار، باستطاعتنا ان نرفع صوتنا الموحد بوجه هذه الحرب الرجعية واللصوصية بين الدول الامبريالية، وان تظهر بشكل غير مباشر ولكنها حقيقةً، ونرى كيف اصبحت الطبقة العاملة الروسية والاوكرانية والأوروبية والأمريكية وقودا مباشر او غير مباشر لهذه الحرب الرجعية ويدفعون ثمن هذه الرجعية بدمائهم ومعيشتهم وفقرهم … ان ارتفاع معدلات التضخم اصبح واقع العالم وان ارتفاع الأسعار المواد الغذائية الضرورية والنقل وافلاس الشركات وتسريح العمال الى بيوتهم وقتل الاف في أوكرانيا وتشريد الملايين بسبب الصراع والحرب الأوكرانية … ان الوقوف بوجه هذه الحرب الرجعية وسياسة العسكرتارية العالمية هي احدى شعارات العمال في الأول من أيار هذه السنة. يجب ان يقطع يد الطبقة البورجوازية العالمية المتطاولة، على حق الحياة ومعيشة العمال والجماهير الكادحة في العالم. ان انتهاز هذه الفرصة قد يكون منفذا بأن تنهض الطبقة العاملة العالمية مرة أخرى وان تظهر بأس طبقتها والتي ترتجف امامها كل الطبقة الرأسمالية العالمية…
وفي العراق والتي تطغى ملامح السياسية في المجتمع بملامح وصبغة الصراع بين الطوائف والقوميات والصراع بين ايران وامريكا. وان الصراع الأصلي والذي هو صراع العمال مع الأغنياء والطبقة البورجوازية مهمل بشكل وواقع تحت غبار الصراعات بين البرجوازيين… وان أي ملامح لبروز عمالي يقمع بالحديد والنار كما راينا في قمع انتفاضة أكتوبر من قبل الميلشيات والتيارات الإسلامية الشيعية والسنية والقومية بشكل دموي… وان ظهور العمال مرة أخرى الى الميدان وبشكل مستقل عن صفوف البورجوازية هو احدى نقاط القوة اذا ظهرت شكيمتها في الأول من أيار هذا العام. ان حضور العمال والجماهير الكادحة في الأول من أيار في مسيراتها واحتجاجاتها وتظاهراتها تجهض محاولات البورجوازية لقمع النضال الطبقي للطبقة العاملة. ولهذا السبب تكمن أهمية الأول من أيار يوم التضامن الأممي للعمال في العالم وفي العراق. ان انتشار الأجواء الآيارية والعمالية في المجتمع العراقي سوف يؤدي الى ابراز النضال الطبقي في المجتمع كصراع اصلي، ويجعل من الصراعات الرجعية والطائفية للبرجوازية صراعات الطبقة البورجوازية نفسها، وتفصل خطا طبقيا بينهما وبإمكان الطبقة العاملة ان تظهر بصفها المستقل لحل جميع مشاكل المجتمع. ان هذه الأهمية هي دائما في حساباتنا واليوم حاجاتنا إليه بات اكثر ضرورة من أي وقت مضى …