أية مصلحة لنا في تحول “النفط والغاز” من جيوب لصوص أربيل إلى جيوب لصوص بغداد ؟!
(حول قرار الحكومة الاتحادية بتسليم كامل إنتاج النفط والغاز في كردستان إلى بغداد)
أصدرت المحكمة الاتحادية قرار (بطلان قانون النفط والغاز في كردستان) والذي يعني الزامية تسليم اقليم كردستان النفط والغاز إلى الحكومة في بغداد.
ليس قرار المحكمة الاتحادية المذكور إداري أو فني او قانوني او يتعلق بتصحيح “غبن” ما، أنه قرار سياسي بامتياز. إذ لا يمكن فصل هذا القرار عن مجمل العملية السياسية اليوم وصراعات أطرافها وعمليات الجذب والشد ولي الأذرع وبالأخص في هذا الوقت بالذات، أي ما بعد الانتخابات وتشكيل الحكومة وغيرها.
إن كل الاطراف التي تدافع عن قرار المحكمة الاتحادية هي نفسها حين كانت في السلطة قد عقدت اتفاقيات مع حكومة الإقليم حول النفط والغاز. المالكي، العبادي و…اخيراً الكاظمي نفسه من قاموا بذلك و بموافقة كل الأطراف الأخرى من أجل تثبيت سلطتهم وحكمهم وبالتالي نيل أكبر ما يمكن من حصتهم من الفساد والنهب.
إن طرح هذا الموضوع اليوم هو من أجل غايات سياسية محددة أولها تحرك تيارات ما محتجة على مكانتها الحالية وعلى سياسات تهميشها لتوجيه ضربة للتحالف الثلاثي (الصدري-البارزاني-الحلبوسي) وخلق الصدع فيه، وبالتالي، ممارسة أكبر ما يمكن من الضغط على التيار الصدري ليتخلى عن طرح “حكومة الاغلبية” والعودة إلى “حكومة ائتلافية توافقية”، يعني افساح مجال أكبر لهم في السلطة والحكومة المقبلة. ومن جهة اخرى، انهم يسعون عبر اشاعة هذه القضية وقبلها موضوعة رئاسة الحكومة الى حرف أنظار الجماهير عن جوعها، فقرها، بطالتها، وانعدام الخدمات وسائر مطالبها الاساسية والملحة ونضالاتها.
ان التيارات المليشياتية الحاكمة، الطائفية منها والقومية بأشكالها وجلابيبها المختلفة، سعت وتسعى دوما الى اعادة زمام امور السلطة والحكم وتقاسم الثروات والقرار الى بغداد و تحجيم سلطة الأحزاب القومية الحاكمة في كردستان. انها تسعى لإعادة نفط وغاز كردستان الى بغداد. بيد أن دعاة هذا الامر انفسهم يعرفون قبل غيرهم انهم أعجز عن القيام بمثل هذه الخطوة نظراً لتوازن القوى المحلية من جهة، ومن جهة أخرى لعقد حكومة الإقليم اتفاقات مع العشرات من الشركات العالمية ولعقود تصل إلى عقود طويلة مقبلة وأن مصالح عالمية متدخلة في الأمر. ولهذا، فإن الأمر لا يتعدى وسيلة ضغط سياسية ومادة لحرف الأذهان والانظار. أن مآل هذا الصراع هو الجلوس مرة اخرى الى مائدة المفاوضات وحل هذه القضية بموجب المصالح الآنية لتلك القوى والاطراف.
ان التطبيل والتزمير للكثير من القوى القومية والإسلامية الفاسدة والتي أغرقت جماهير العراق بالفقر والعوز وانعدام الأمان والخدمات لهذا القرار ووصفه بأنه قرارا “تاريخياً”، ولقى ترحيباً واسعا لدى قطاعات واسعة من الجماهير، فهو لا يتعدى اكثر من نشر الأوهام الوطنية والقومية وتمررها و تؤججه التيارات السياسية الحاكمة زوراً وكذباً بوصفه دفاعاً عن مصالح وحقوق الجماهير في العراق.
لم تذق الجماهير من نفط وغاز سواء كان في كردستان او في العراق سوى الجوع والفقر والحرمان والعيش من النفايات وانعدام الخدمات! ما الذي تربحه جماهير البصرة والعمارة وواسط والانبار من تحول عائدات نفط وغاز من لصوص كردستان الى لصوص العراق ؟! هذا التأجيج الذي يصب الماء في طاحونة مصالحهم و يديمها ويديم عمر سلطتهم ونهبهم.
ان النفط والغاز هو ملك جماهير العراق وكردستان، وعليها الالتفاف حول ازاحة سلطة الاحزاب القومية والدينية والطائفية البرجوازية الحاكمة في العراق وكردستان وتحرير المجتمع منهم ومن فسادهم ونهبهم لثروات المجتمع. ينبغي عودة ثروات المجتمع في العراق وكردستان إلى أصحابها الحقيقيين، الى الجماهير المليونية والى ممثليها المنتخبين والمباشرين لكي تتحول كل تلك الثروات الهائلة الى رفاه، خدمات، مساواة وامان اقتصادي واجتماعي، وبالتالي، خلاص المجتمع من مصائبه ومآسيه التي لا تعد ولا تحصى جراء هذه السلطة الحاكمة في العراق وكردستان.
الحزب الشيوعي العمالي العراقي
19 شباط 2022