الأخبارالمقالاتبيانات و وثائق الحزبعاجل

إسرائيل “نجمة” الإرهاب “الحميد” في العالم الحر!

 (على هامش  الهجوم الإسرائيلي على قطر)

في يوم الثلاثاء، (10 سبتمبر 2025)، قامت الطائرات الحربية الإسرائيلية بقصف عدة مبانٍ في الدوحة، عاصمة قطر. وذكرت وكالات الأنباء الإسرائيلية، نقلاً عن مسؤولين في هذا البلد، أن 10 طائرات حربية إسرائيلية أطلقت 10 قنابل على مبانٍ سكنية يُعتقد أن قادة حماس يقيمون فيها، بهدف القضاء على الوفد المفاوض التابع لحركة حماس.

وقد صرّح الجيش الإسرائيلي بأن هدف الهجوم هو القضاء على قيادة حماس، وأعلن أن الحكومة الأمريكية كانت على علم مسبق بالهجوم. وقد أعلن مكتب نتنياهو ومسؤولون إسرائيليون مختلفون تبنيهم الكامل للهجوم ودافعوا عنه. من جهتها، أدانت الحكومة القطرية هذا الهجوم واعتبرته انتهاكًا سافرًا لجميع المعايير والقوانين الدولية، ووصفت هذه الأعمال بأنها غير مقبولة على الإطلاق.

وأفادت التقارير أن الهجمات أسفرت عن مقتل 6 أشخاص، من بينهم نجل أحد قادة حماس وضابط أمن قطري، بالإضافة إلى إصابة عدد آخر. وقالت وكالات الأنباء إن الوفد المفاوض التابع لحماس نجا من الهجوم.

وبحسب وسائل إعلام مختلفة، وقع الهجوم الإسرائيلي بينما كانت قيادة حماس متواجدة في الدوحة لدراسة خطة ترامب بشأن “إنهاء الحرب في غزة” وإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين والتفاوض مع إسرائيل. وكان ترامب قد أعلن سابقًا أن الحكومة الإسرائيلية وافقت على خطته، وحذر من أن عدم موافقة قيادة حماس ستكون له عواقب وخيمة عليها.ومع ذلك، قامت إسرائيل، بعلم مسبق من الحكومة الأمريكية، بقصف عدة مبانٍ في الدوحة بهدف اغتيال وفد حماس. ويأتي هذا الهجوم في بلد لعب دور المضيف والوسيط في عدة جولات من المفاوضات بين حماس وإسرائيل.

وعقب هذا الهجوم، الذي يبدو أنه لم يحقق أهدافه، عبّر ترامب بلا خجل عن “أسفه” لأن الهجوم وقع على الأراضي القطرية، وانطلقت سيل من بيانات “الإدانة” والدعوات إلى “ضبط النفس من الجانبين” من قبل رؤساء حكومات عدة دول، وهو ما يحدث دائمًا بعد كل هجوم أو اغتيال أو مذبحة أو قصف إسرائيلي. إدانات منافقة لم تتضمن في الماضي، ولا الآن، أي خطوة عملية أو ضغط جدي على إسرائيل لإنهاء جرائمها وعملياتها الإرهابية.

الهجوم الإسرائيلي على الدوحة، حيث تقع أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في المنطقة وتخضع أجواؤها بالكامل للسيطرة الأمريكية، لا يترك أدنى شك في أن العملية تم تنفيذها بموافقة حكومة ترامب. كما قامت إسرائيل في (1 أغسطس 2024) باغتيال إسماعيل هنية، القائد السياسي لحماس والمفاوض الرئيسي لها، في طهران، مع حارسه الشخصي. وفي (12 يونيو 2025)، وبالتزامن مع مفاوضات أمريكية إيرانية، شنت إسرائيل هجومًا واسعًا على إيران استمر 12 يومًا.

إن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة ومحاولة اغتيال الوفد المفاوض لحماس أثبتا مرة أخرى للعالم أن إسرائيل، ما دامت تحظى بالدعم الكامل من الحكومات الغربية بكامل إمكاناتها المالية والسياسية والدبلوماسية والعسكرية، ستواصل الحرب والجرائم والإرهاب والاحتلال بلا هوادة. إن هذا العمل الإسرائيلي ومحاولة اغتيال الوفد المفاوض، إضافة إلى كونه انتهاكًا صارخًا لجميع المعايير والاتفاقيات الدولية، واعتداءً على سيادة قطر وسلامة أراضيها، يكشف عن الطبيعة الإجرامية لدولة تجاوزت كل حدود الإرهاب المعروف.

إنها دولة تتمتع بحصانة كاملة رغم ارتكابها جرائم إرهابية، ومجازر جماعية، وتطهير عرقي، وجرائم حرب في فلسطين، واعتداءات واحتلالات في دول أخرى، وعمليات اغتيال إرهابية لا تُحصى. بل إنها لا تزال تتلقى دعمًا شاملًا عسكريًا، واستخباراتيًا، وسياسيًا… من الدول “الديمقراطية” الغربية مثل أمريكا، وبريطانيا، وألمانيا، وغيرها.

لقد فاقت إسرائيل في إرهابها وجرائمها الجماعية، بما فيها الإبادة الجماعية وسفك دماء عشرات الآلاف من الأبرياء في فلسطين والمنطقة، جميع الجماعات الإرهابية مثل داعش، والنصرة، وبوكوحرام، والقاعدة، وطالبان، وغيرهم.بأفعالها في المنطقة، أثبتت إسرائيل للعالم أنها أداة تنفيذ أكثر السياسات الحربية والإرهابية تطرفًا في خدمة حكومات الرأسمالية العالمية المعاصرة. دولة تدار على يد مجموعة من القتلة المحترفين، بدعم ومشاركة القوى الغربية التي كانت دائمًا حليفًا وفيًا لتاريخها الحافل بالإرهاب والإجرام.

إن هجوم إسرائيل على الدوحة لا يُظهر فقط انعدام أي التزام لدى إسرائيل وشركائها بالخطط الدبلوماسية لإنهاء الإبادة الجماعية والحرب في غزة، بل يكشف أيضًا عن المأزق الكامل الذي يعيشه الغرب حتى في التظاهر بمحاولة حل القضية الفلسطينية.

وفي العالم المتعدد الأقطاب اليوم، فإن إعلان نتنياهو الرسمي عن تحمُّل المسؤولية الكاملة عن قصف الدوحة، يُظهر مدى انهيار الفاشية الحاكمة في إسرائيل بعد تراجع موقعها كمراقب للغرب في المنطقة، مقارنةً بالعالم القديم ثنائي القطب (الغرب مقابل الشرق).

أما بيان حكومة ترامب، الذي تضمن “الأسف” لهذا الهجوم، واعترافه بأن العملية “لا تخدم لا استراتيجية إسرائيل ولا أمريكا”، فهو دليل على الضغوط داخل المؤسسة الحاكمة الأمريكية على ترامب للاعتراف بهذا الواقع، والسعي نحو إيجاد “حل موثوق” لوقف المزيد من تراجع مكانة أمريكا في الشرق الأوسط بأكمله.

لكن، الوقوف في وجه إسرائيل، وإرهابها العلني وجرائمها اليومية، هو مهمة المليارات من البشر الداعين للسلم ومحبي الإنسان في جميع أنحاء العالم. إنها مهمة الطبقة العاملة، والشعوب المحبة للحرية التي قالت “لا” لإسرائيل وجرائمها، وطالبت بمحاكمة حكامها المجرمين، كما طالبت بمحاسبة شركاء إسرائيل وداعمي إرهابها الرسمي في عواصم الدول الغربية. إن حركة “لا للتوحش والإبادة الإسرائيلية، نعم للدفاع عن الشعب الفلسطيني” التي وحّدت العالم، هي في الوقت نفسه حركة “لا للحرب والعسكرة، لا للفقر والهمجية، نعم لعالم حر، إنساني، ومتحضر”.

حزب الحكمتي (الخط الرسمي)

10 ايلول 2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى