-بعد أكثر من عقدين من حرب أمريكا واحتلالها للعراق وأكثر من عقدين من تصاعد الصراعات السياسية، وبعض الاحيان الدموية، بين التيارات المليشياتية الاسلامية والقومية، الشيعية والسنية والكردية، والتاجيج الطائفي والقومي، والقتل على الهوية، وبتدخل اقليمي وعالمي، من أجل نيل أكبر ما يمكن من حصة من كعكة السلطة والحكم، وبعد عدة دورات انتخابية برلمانية، وفي أوضاع عالمية وأقليمية جديدة، نشهد ان الاوضاع السياسية في العراق اليوم هي على عتبة مرحلة جديدة. لا يمكن فصل هذه المرحلة عن مجمل الصراعات العالمية والاقليمية.
-وتتمثل هذه الاوضاع بسدل الحرب الأوكرانية والحرب الإسرائيلية على غزة على وجه الخصوص الستار على عالم القطب الواحد بزعامة وإستفراد امريكا بالعالم ودخول عالم متعدد الأقطاب تكون للقوى العالمية من مثل الصين وروسيا وغيرها والدول الاقليمية من مثل إيران وتركيا والسعودية وغيرها مكانة اخرى عن سابقتها في هذه الوضعية. لقد كانت المنطقة ولازالت هي احد بؤر هذه الصراعات من اجل حسم مصالح ونفوذ القوى العالمية والاقليمية بشتى ألوانهم.
-على صعيد المنطقة، يعد الصراع الامريكي الايراني، وكل معه حلفائه الاقليميين والعالميين، محور اساسي لرسم الملامح السياسية للمنطقة. ان الوضع السياسي في العراق اليوم ليس بمعزل عن صراع تلك الأقطاب الرأسمالية وحتى تفاهماتها، بل بارتباط وثيق بها. وان خصائص هذه المرحلة ارتباطاً بتلك الصراعات والتفاهمات هي: ثمة مساعي حثيثة من قبل تلك الأقطاب لحسم مصير السلطة السياسية في العراق، عبر انهاء التشرذم السياسي بين التيارات والأطراف السياسية للطبقة البرجوازية الحاكمة. استهلت بتهميش التيار الصدري، ومن بعدها إزاحة الحلبوسي، وتهميش الحزب الديمقراطي الكردستاني وحكومة الاقليم اجمالاً. اي السعي لمركزة السلطة واحباط اية محاولات ودعوات لتشكيل أقاليم لأسباب مناطقية أو اقتصادية. ومن جهة أخرى، العمل على استرداد تلك المكاسب التي حققتها البرجوازية القومية الكردية خلال العقدين المنصرمين فيما يتعلق بالنفط والثروات وادارة كردستان وثقلها في العملية السياسية، وتحولت المحكمة الاتحادية الى اداة لتحقيق هدف هيمنة حكومة مركزية على البلد. ان انهاء هذا التشرذم لايعني انتهاء الصراعات ولا يعني ان الطريق سالكة له ودون مطبات وصراعات واختلافات بين الاطراف السياسية الحاكمة.
-بعد عقود من الصراعات وانعدام الاستقرار السياسي في المنطقة، فان توجه البرجوازية اجمالاً هو خلق درجة من الاستقرار السياسي بحيث يؤمن حركة الرساميل والاستثمار ومن اجل جذب الرساميل والدفع بالمصالح الاقتصادية للشركات الرأسمالية العالمية. ان مسعى البرجوازية في العراق يأتي ارتباطاً بهذا التوجه. ومن اجل تهيئة بيئة خصبة لجذب رؤوس أموال تلك الشركات، وشرعت الطبقة البرجوازية الحاكمة بجميع تياراتها القومية والإسلامية بتشريع سلسلة من القرارات والقوانين مثل تخفيض العملة المحلية ورفع أسعار المحروقات والطاقة وفرض الضرائب على السلع والشروع بتصفية القطاع العام لتحقيق ذلك الهدف.
– تهافت الهويات الطائفية والقومية التي كانت عنوان مخادع للصراع السياسي خلال المرحلة المنصرمة بين التيارات الإسلامية والقومية البرجوازية على صعيد العراق. ووجهت انتفاضة أكتوبر صفعة جدية لهذه الهويات، وفتحت افاق اجتماعية وسياسية جديدة للحركات الاحتجاجية في المجتمع وخاصة احتجاجات العاطلين عن العمل بكل اقسامهم.
- تنامي الحركات الاحتجاجية للعمال في اغلب القطاعات الصناعية العامة والخاصة ضد الخصخصة والمطالبة برفع الأجور وتقليل ساعات العمل والضمان الاجتماعي، رافقه تزايد الوعي العمالي بمصالحهم الطبقية، وبينت تلك الاحتجاجات عن انقشاع الضباب عن الصراع الطبقي لدى العمال مما صعّد من صراعاتهم ضد الإدارات المدعومة من المليشيات واحزابها.
- شن هجمة واضحة وملموسة على النساء، والسعي عبر الدفع بسلسلة من القوانين وحرف مصطلحات مثل “الجندر” أو توظيف”المثلية” لتشديد الهجمة على حقوق المرأة.
-وبموازاة ذلك، تم شن أيضا هجمة شرسة على مدنية المجتمع والحريات السياسية والتنظيم العمالي عبر اصدار قرارات اعتقال بتهم مثل “الفيديوهات ذات المحتوى الهابط” والنيل من “شخصيات في الحكومة” والمساعي الحثيثة لإصدار قوانين مثل قمع الحريات النقابية وحرية التعبير.
-فيما يخص علاقة المركز وحكومة الاقليم، نشهد احتدام الصراع بين السلطة الإسلامية الميليشياتية في بغداد وسلطة الأحزاب القومية الكردية في كردستان. ويأتي هذا الصراع على خلفية المساعي لحسم مصير السلطة السياسية وانهاء التشرذم في صفوف الطبقة البرجوازية لصالح المركز. ان هذا الصراع يؤكد بشكل واقعي على ان الفيدرالية القومية لا تحل القضية القومية الكردية، بل انها كانت لا تتعدى نوع من تقاسم السلطة بين المركز وكردستان ارتباطاً بتوازن قوى سياسي معين بعد غزو واحتلال العراق. ان هذا يطرح مرة أخرى ضرورة ايجاد حل للقضية القومية الكردية. من جهة أخرى، لا يستهدف هذا الصراع حذف الاحزاب القومية الكردية من الخارطة السياسية، وانما تقليم اضفارها وسلطتها على المجتمع، بل ان المركز بحاجة لها للسيطرة على مجتمع كردستان، أي أن تتحول الى اداة للدفع بهيمنة المركز على المجتمع في كردستان.
-ان احدى الخصائص البارزة للوضع الراهن في المنطقة كذلك هي تطور الحركة الاحتجاجية الجماهيرية للعمال والكادحين على المستوى الإقليمي. من إيران إلى أفغانستان، ومن العراق وكردستان إلى لبنان، حركة بعيدة كل البعد عن هويات عرقية أو دينية، حركة مستقلة من أجل الرفاهية والحرية والأمن. لقد جمعت هذه الحركة الجماهير العاملة في هذه البلدان معًا فوق الهويات العرقية والدينية ومفعمة بالتضامن خارج تلك الهويات الكاذبة وبيّن عن افلاس مشروع التقسيم العرقي والطائفي في المنطقة.
-تدفع حرب اسرائيل على غزة وشن الهجمات على لبنان والاغتيالات للقادة الايرانيين وسعي اسرائيل الحثيث للدفع بهذه الحرب ومدّها الى دول المنطقة، لبنان وسوريا وبالأخص ايران من أجل جر ايران الى حرب اوسع وأشمل في المنطقة، حرب ستكون أكثر دموية وشراسة ومصائب وويلات، وستترك مخاطر جدية على مجمل المنطقة وستصيغ أوضاعاً ومعادلات جديدة في المنطقة.
ولهذا تتمثل الخطوط الأساسية لسياسات الحزب بما يلي:
– الحزب الشيوعي العمالي العراقي هو حزب سياسي شيوعي ثوري ومناضل من اجل الثورة العمالية وارساء بديل ومجتمع اشتراكي، وان إنهاء سلطة الأحزاب والتيارات الميليشياتية الاسلامية والطائفية والقومية وتأسيس سلطة مجالس جماهير العراق هما السبيل والخطوة الأولى لتحقيق هذا الهدف. يضع الحزب حشد قوى الجماهير العمالية والكادحة من أجل الاطاحة بهذه السلطة هدفاً رئيسياً له.-
– تنظيم الحركة العمالية والاحتجاجات العمالية، سواء على مستوى المصنع أو على المستوى الوطني، حول المطالب والأشكال المناسبة للنضال والتنظيم. تمتين الصلة ما بين القيادة والناشطين العماليين وتقوية وتعزيز التيار الاشتراكي داخل الحركة العمالية.
– تنظيم وقيادة الحركة الاحتجاجية الحاشدة ضد الاوضاع الاقتصادية؛ مثل غلاء الأسعار والفقر والسياسات الضريبية والبطالة وعدم دفع الرواتب ونقص الخدمات وغيرها من المطالب. وتوحيد وتنسيق جهود نشطاء وفعالي هذه الحركة ودعمها في ارساء هيكل تنظيمي جماهيري مناسب ينظم صفوف هذه الحركة ويسلحها بقيادة ثورية على صعيد البلد.
– التصدي للهجمة الشاملة التي تتعرض لها المرأة التي تستهدف ادامة فرض المكانة الدونية عليها. الدفاع عن حرية المرأة ومساواتها التامة بالرجل. الدفاع عن تطلعات الشباب والثقافة والتقاليد المساواتية والعصرية.
– التصدي لكل مساعي خنق الحريات والمبادرة والتنسيق مع المنظمات والقوى العمالية والتحررية والتقدمية في المجتمع لإحباط محاولات سلطة المليشيات في فرض سياسة القمع والترهيب على المجتمع.
– تعزيز مكانة الحركة الشيوعية والعمالية في العراق ككل وخاصة تقوية الصلة بالحزب الشيوعي العمالي الكردستاني والعمل معا لتعزيز روح التضامن والمصير المشترك بين الطبقة العاملة والجماهير الكادحة في العراق وكردستان.
– توحيد الحركات الاحتجاجية الجماهيرية في كردستان والعراق من أجل تغيير ثوري لإنهاء الحكم القومي- الإسلامي وإقامة دولة مؤتمر ممثلي مجالس الجماهير.
– حل القضية الكردية من خلال العودة إلى رأي جماهير كردستان بين البقاء في العراق من خلال ضمان حقوق متساوية للجماهير الناطقة باللغة الكردية مع بقية السكان، أو الانفصال وإقامة دولة مستقلة. ولا يمكن للأحزاب القومية الكردية ولا الحكومة المركزية أن تقرر في هذه القضية خارج إرادة جماهير كردستان. وإلى أن تتاح الفرصة لمثل هذا الحل، فإن حزب العمال الشيوعي يصر على ضرورة وجود دولة مركزية غير اثنية وغير دينية وضمان كافة الحقوق السياسية والمدنية للجماهير الناطقة باللغة الكردية ومساواتها التامة مع بقية الجماهير.
– التدخل السياسي الفعال في الصراعات الإقليمية المتعلقة بالقضية الفلسطينية والحركات الاحتجاجية في المنطقة، من منظور مصالح الطبقة العاملة والجماهير المحبة للحرية.
– الدعم المستمر للحركات الاحتجاجية في دول المنطقة. دعم ومساندة عملية تنظيم وتطوير هذه الحركة وتعزيز روح التضامن والمصير المشترك بين الطبقة العاملة والجماهير الكادحة في المنطقة.
– النضال من أجل تشكيل قطب راديكالي وتحرري على الصعيد العالمي. تعزيز العلاقات مع النقابات العمالية والقوى اليسارية والاشتراكية والتحررية.
يناشد المؤتمر قيادة الحزب وكوادره وتنظيماته وكل مؤيدي ومناصري الحزب الى الدفع باقصى ما يمكن من جهود وهمة نضالية بهذه السياسات وتحقيق الاهداف التي وضعها الحزب على عاتقه.
المؤتمر السابع للحزب الشيوعي العمالي العراقي
أيار ٢٠٢٤