في يومنا هذا، وعلى ضوء كثرة المشاكل والمعضلات، وعلى ضوء كثرة التحديات التي يواجهها مجتمع الإنسانية حاليا، وكذلك التطور التكنولوجي والاعلام العملاق، يظهر لأول وهلة بأن النضال الطبقي في المجتمع وفي العالم ، تُطغى عليه رائحة الغبار ولا يظهر للسطح الا نادرا. او بالأحرى تحاول الطبقة البرجوازية العالمية، ان تخفي النضال الطبقي الأصلي في المجتمع، بأكبر قدر ممكن وتحاول ان تقمع، كل الصور والاصوات التي تعبر بشكل او بآخر نضال الطبقة العاملة، المناهض للبرجوازية والمجتمع الرأسمالي.
ان الحروب والصراعات الاقتصادية والسياسية والعسكرية بين الأقطاب البرجوازية ما هي الا الاشكال وآلية لإظهار جبروتها امام الطبقة العاملة العالمية، وتخويفها اذا حاول ان تقلب الأوضاع لصالح المحرومين في المجتمع. اذا وقع المرء تحت تأثيرات هذه الدعايات البرجوازية وسياساتها، يكفي ان يفكر ويتمعن ولو قليلا بالاحداث والتظاهرات والاحتجاجات والصراعات العمالية في جميع انحاء العالم من اجل رفع الأجور وبالضد من الغلاء والبطالة وبالضد من القوانين التي تجبر العمال بان يدفعوا ثمن الأزمات الحتمية للنظام الرأسمالي، ويمحي من ذاكرته كذب ونفاق البرجوازي. انظروا الى التظاهرات والاحتجاجات المستمرة للنقابات والاتحادات العمالية في فرنسا خلال الشهور الماضية والمستمرة حتى الان بالضد من قانون رفع السن التقاعدي للعمال من ٦٢ الى ٦٤ سنة التي شرعت حكومة ماكرون فرضها على المجتمع الفرنسي. وانظروا الى اعتصام اقسام من العمال في كل من النرويج وبريطانيا وكندا وامريكا وألمانيا وروسيا وبقية دول العالم، من اجل رفع الاجور بما يتلائم مع ارتفاع أسعار السلع وضرورات الحياة جراء الأزمة الاقتصادية العالمية. ان كل هذه المظاهر ما هي الا الجانب الصغير من الصراع اليومي العمالي. ولكن تظاهرات العمال في فرنسا، في السنوات والاشهر الماضية تعبر بشكل أوضح، معركة الصراع الطبقي في المجتمع الفرنسي بين العمال والدولة البرجوازية الفرنسية. ان هذا الصراع الطبقي بين العمال الفرنسيين والدولة البورجوازية الفرنسية، هو أصل كل صراع، ولا يمكن تضليله مهما حاول الاعلام البرجوازي! ان انتصار إضراب ٢٥ الف عامل نرويجي في القطاع الخاص من اجل زيادة الاجور وكذلك اضراب العمال وموظفي الخدمات الاجتماعية في كندا في الوقت الحالي والاضرابات العمالية المستمرة في ايران… دليل على بروز الصراع الطبقي الى الواجهة في المجتمع.
نحن نقترب من الأول من أيار هذه السنة، باعتقادي تسود هذه السنة ظهور النضال الطبقي في جميع ارجاء العالم بصورة واضحة ويعطي زخما كبيرا بسبب كثرة الهجمات الطبقة البرجوازية، على معيشة وحياة العمال نتيجة الازمات الاقتصادية المستمرة، وتكلفة الدول الصناعية لنفقات الحرب الأوكرانية وزيادة نفقات التسليح ومرور الاقتصاد العالمي نحو حالة الركود المزمن. ان هجوم الطبقة البرجوازية على العمال، يواجه برد الطبقة العاملة بضرورة التنظيم اكثر، ومن هذا المنطق سوف يبرز النضال الطبقي الى واجهة المجتمع مرة أخرى كما رأينا مرات عديدة في التأريخ.
في العراق تختلف اشكال النضال الطبقي. ولكن المحتوى يكون نفس المحتوى مع بقية العمال العالم. ان الصراع الطائفي والقومي وصل الى ذروته، وان الصراع من اجل السلطة بين التيارات مكنت ان تسود هذا الصراع الرجعي في المجتمع وان تخفي عن الانظار الصراع العمالي في المجتمع. هناك في المجتمع العراقي احتجاجات وتظاهرات واضرابات أيضا، ولكن ممزوجة في بعض الأحيان مع الطبقات والشرائح المحرومة الأخرى والتي لا تظهر ملامحها المستقلة كما في التظاهرات والاحتجاجات العمالية الفرنسية. والسبب في ذلك باعتقادي يرجع الى عدم وجود التنظيم العمالي وعدم وجود التنسيق بين أجزاء القطاع العمالي؟ الحكومي والأهلي ، الصناعي والخدمي، الدائمي والمؤقت، المشغل والمعطل عن العمل و…الخ.
الأول من أيار هو هذا اليوم والذي، علينا ان نفكر بجدية حول هذه المشاكل والمعضلات التنظيمية والسياسية بين أبناء طبقتنا. اول خطوة علينا ان نجمع كل قوانا الى الساحة في الأول من أيار رغم مشاكلنا واختلافاتنا ورغم ضعفنا… ان جمع القوى العمالية في الأول من أيار يلفت نظر وانتباه المجتمع نحو الصراع الطبقي الأصلي في المجتمع. عندما يبرز هذا النضال الطبقي الأصلي في المجتمع سوف يفتح الأبواب الأخرى لطرح المشاكل والمسائل التي تعاني منه الطبقة العاملة العراقية يوميا في نضالاتها. ولهذا تكمن أهمية الأول من أيار، أي ان عيد العمال ليس عيدا بمعناه الحرفي وانما يوما للنضال الطبقي. في هذا اليوم نشعر بقوتنا الطبقية ونشعر بقوة ووحدة صفوفنا ومن هنا نفكر كيف نمضى بخطوات عملنا نحو تجاوز نقاط ضعفنا وان نتقدم الى الامام.
ان ابراز النضال الطبقي وصراعاته وادارته في المجتمع هي مهمة الشيوعيين والاشتراكيين العماليين. وان الأول من أيار هو احدى المحطات التي نستطيع من خلالها ابراز هذا النضال العمالي في المجتمع ويكمن محور اهتمامنا في هذا اليوم، نحو ابراز النضال الطبقي في المجتمع.