البرلمانية والحماية الاجتماعية، ليسا جوابا كافياً على حاجات الجماهير!
كل ما تفتق عنه عقل النظام الرأسمالي وما فعله سياسيا واقتصاديا هو ان يقدم ” البرلمانية” كنظام للتمثيل السياسي، وان يقدم الحماية الاجتماعية كنظام اقتصادي يهدف لترقيع اوضاع الفقر التي تسبب هو فيها بالمقام الاول، والتي هي اوسع بكثير من ان ترقع.
ليس هنالك بلد اثبتت فيه البرلمانية كمسخرة كما اثبتته تجربة العراق. البرلمانية قُدمت على انها نظام لتمثيل ارادة الناس السياسية واختيار ممثليهم. ولكن الذي حدث ويحدث ان ” الممثلين” لا صلة لهم بالشعب ولا بطبقاته. اصبح التزوير وشراء الذمم والاصوات وحرق صناديق الانتخابات واغتيالات المرشحين، وتشويه سمعة النساء المرشحات، كلها ممارسات عادية ولا جديد فيها. الجديد هو ان الصراع من بين نفس احزاب الطبقة الواحدة، وصل حدا انهم يضعوا العصي في دواليب برلمانهم هم، ليمنعوه من العمل انفسهم، قبل اي كان غيرهم. ويريدون من الجماهير القبول به!
النظام البرلماني ليس نظاما للتمثيل السياسي لإرادة الناس بل نظاما لإعطاء الشرعية لعدد من الفاسدين واللصوص الفرصة ليمعنوا في السرقات والنهب باسم عضويتهم في البرلمان. يصبح النهب قانونيا، ومدعوم سياسيا. يصبح البرلمان، جهاز فوق ارادة الناس وضد مصالحها.
البرلمان ليس اطارا ولا نظاما لتمثيل ارادة الناس السياسية. بل هو نظام يعمل بالضد تماما من ارادة الناس، ولا يلتفت البرلمانيون بأية درجة الى مطالب الجماهير. البرلمان هو جهاز طفيلي ومعادي للجماهير.
التمثيل السياسي لإرادة الناس بحاجة الى نظام اخر تماما، يتقاطع كليا مع نظام التمثيل السياسي البرلماني البرجوازي السائد.
اما من الناحية الاقتصادية، تبنت السلطة في العراق نظام النيوليبرالي، تتبنى سياسة الحماية الاجتماعية كنظام، يسعى الى الوصول من البشر، ليعطيهم فتاتا لا يكفي لسد اية حاجة من حاجاتهم. ومع هذا، وكحال البرلمان العراقي، لا يقدم نظام الحماية الاجتماعية اي عون ودعم للفقراء يتمكنوا من خلاله من الاجابة على حاجاتهم من غذاء ومسكن وصحة وتعليم وخدمات.
يتبنى العراق، كدولة رأسمالية، النيولبرالية، حتى لا يضيع البعض في معرفة ماهية النظام الاقتصادي للعراق، والتي مفادها، ان الدولة ليست مسؤولة عن المواطن وحاجاتها. البحث عن سبل العيش هي مسؤولية المواطن في سوق العمل، مع تقليص الدولة لفرص العمل في القطاع الحكومي، توفير الصحة، التعليم، الخدمات( من ماء وكهرباء يجب ان تشترى كليا او جزئيا). اي فرض على المواطن، ان يتدبر مصادر معيشته وان يتدبر تغطية نفقاته، في دولة خلعت عن نفسها اية مسؤولية امام المواطن. وان الدولة ستقوم عبر توفيرها للحماية الاجتماعية بدعم اولئك الذين يعيشون تحت خط الفقر.
ومع هذا، ومع ان الحماية الاجتماعية هي نظام ترقيع الفقر في المجتمع الرأسمالي، الا انه في العراق، مرة اخرى، لا يتجاوز ان يكون خرقة بالية لا تستطيع ان ترقع اي شيء!
ولكن العيش تحت خط الفقر او فوقه ليس ما يتطلع الية البشر. لم يكتب احد على جبين الجماهير ان تعيش الفقر للأبد، كما لم تكن للعبودية يوما، مصيرا محتوما على البشر. انتهت عبودية الانسان للإنسان، وستنتهي عبودية الانسان لهذا النظام الاقتصادي الذي اسمه النظام الرأسمالي. فاحتكار حفنة من الاشخاص على معظم الثروات واتاحة النزر اليسير لملايين من الناس ليس مصير محتوما.
نحن في معمعة وفي قلب هذا الاعتراض على النظام الرأسمالي. لا أسم اخر ولا عنوان آخر لنضالنا غير النضال ضد النظام الرأسمالي، بهيئاته السياسية المنافقة والكاذبة التي تسمى البرلمان، و”رحمة” نظامه الاقتصادي، الذي يقوم على استغلال عمل البشر من جهة، ورمي الفتات على الذي يعيشون تحت خط الفقر.
لا خضوع للفقر، ولا خضوع لهذه الكذبة التي اسمها التمثيل البرلماني. نظام اقتصادي اخر قائم على توزيع الثروات على البشر وفق حاجاتهم أمرٌ ممكن.
لقد بدأت الجماهير في كل المنطقة من تونس الى ايران والعراق ولبنان والسودان تعي هذه الحقيقة. انها تثور وتنتفض، وتنظم، و تقطع الشوارع، وتتظاهر، وتنشر، وتستخدم وسائل التواصل الاجتماعي، وتكتب. الجماهير بدأت حربها ضد هذا النظام الرأسمالي، لا البرلمانية سبيلنا للتعبير السياسي ولا الحماية الاجتماعية كافية لسد حاجاتنا المتنامية. بالإمكان اشباع حاجات البشر. وسيكون هذا حقيقة، التي نحن اليوم في معمعة النضال للوصول لها.
الاشتراكية هي الحل، هي إعادة توزيع الثروات في المجتمع بما ينسجم ويستجيب لحاجات الناس المادية والمعنوية، دون الالتفات الى تحقيق ارباح او مغانم على حساب الاخرين. الحماية الاجتماعية ستصبح من مخلفات الماضي، لتحل محلها اشباع حاجات الناس. ستخلق الاشتراكية نظاما اقتصاديا واجتماعيا واخلاقيا جديدا قائما لا على الاخلاق المتخلفة واللاأنسانية للرأسمالية والتي تتصف باستغلال جهود الاخرين او النهب او السلب او الفساد. في ظل نظام سياسي جديد يضع مصلحة المجتمع وافراده وليس مصالح اقلية ضئيلة مستغلة في المجتمع.