هدى سمير
لم اسمع يوما أغنية كاملة لمحمد رمضان أو بعض المطربين الجدد. لم تقم لي مع المطربين الجدد والاغاني الجديدة علاقة طرب استطيع الاعتماد عليها لنقدهم او الاشادة بهم. وهذا ليس هو ما يدفعني للكتابة اليوم.
ولا يدفعني للكتابة أيضا ان الموضوع يخص (السندباد لاند) كمدينة ترفيهية لأني لم اسمع إلا في الاسابيع الأخيرة عن السندباد لاند ولا ادري اين موقعها وحجمها ,ومن يملكها ولا حتى متى تأسست لان هذا ايضا ليس موضوعي اليوم .
لكن رؤية روح الفرح المتبادل بين الفنانين مثل رمضان وغيره ، الذين جاءوا من مصر لإحياء حفلاتهم ، وبين الجماهير التي التفت عليهم بالرقص والغناء وانسجام الحاضرين الجميل مع الموسيقى والأغاني هو ما يدفعني للكتابة.
وموضوعي الرئيسي هو انتقاد لقوى الظلام التي تريد أن تقضي على كل فرح او ضحكة في عيون وقلوب الشباب والشابات الذي يرون أنفسهم تواقين ويستحقون حياة أفضل وأجمل من الحياة التي قدمتموها لهم: الحياة المليئة بالألم والفقر وانعدام الأفق.
لقد روّجتم و دعمتم ودعوتم لكل انواع التخلف والرجعية في احياء مراسيمكم الدينية من التطبير، التطيين، لحس احذية “مشاية” الاربعين، البكاء، لبس السواد، تغليف النساء بالعباءات والحجاب وزواج الأربعة وزواج المسيار و المتعة وزواج القاصرات وتحليل تفخيذ الاطفال وكل ما يندى له الجبين.
لقد شغلتم واجبرتم جيلا كاملا بالعودة ألف وأربع مئة عام إلى الوراء بحجة إسلامية المجتمع والحفاظ على الدين والعادات والتقاليد والقضاء على الفساد واستقامة الأخلاق. لم تأتوا من قريب أو بعيد على صراعكم ومناطحات احزابكم من أجل مصالحكم الاقتصادية في سرقة حقوق وقوت الفقراء والأرامل وحرمان المتقاعدين والطلاب من رواتبهم وامتلاء الشوارع بالمتسولين والمتسولات وبائعي وبائعات الجسد في هذا البلد النفطي .
لم يرمش لكم جفن او يندى لكم جبين حين استبحتم حياة المتظاهرين والمتظاهرات حين طالبوا بفرصة عمل وضمان بطالة لانهم مثل سائر البشر لهم حقوق المواطنة في هذا البلد. فبأي حق تصادرون يا اسلاميين يا فاسدين ويا سراق قوت الفقير والجائع والطالب والارملة فرح الناس؟
بإغلاقكم حفلات السندباد لاند وإقامة الصلاة فيها والفرض على إدارتها إلغاء العقود مع الشركات المصرية للفنون إنما تثبتون حجم رعبكم وخوفكم من المد القادم لسحق كل رياءكم وكذبكم الذي ضللتم ملايين الجماهير به. مهزوزون لدرجة أن حفلة واحدة لمحمد رمضان جعلتكم تصعّدون من اصواتكم وتستخدمون كل وسائل اعلامكم وقنواتكم وشيوخكم للعويل وللصراخ عن سقوط الأخلاق والفساد.
الحياة تتقدم والواقع سيفرض نفسه عليكم مثلما فرض على الذين من قبلكم في السعودية والإمارات. فالإمارات غيرت عطلتها الأسبوعية من يومي الجمعة “المقدسة” والسبت لتكون في يومي السبت والأحد لضرورات التعامل مع البورصة وحركة الاقتصاد العالمي.
والسعودية ايضا فتحت أبوابها للاحتفالات والمهرجانات والافلام ونزع الحجاب وحق المرأة في السياقة وايضا لضرورات التعامل مع حركة الاقتصاد العالمي ومواكبة التغيير الاجتماعي الذي فرضته حتمية التقدم وضغط الحركات التحررية والنسوية في كل العالم .
كم ستصمدون ؟ وروح وقلب وحضارة وتاريخ الانسان في العراق ينبض بحب الموسيقى والفن. وان صورتوا وفرضتوا على الانسان في العراق قوانينكم الرجعية المتخلفة لكنه لم يتخلَ يوما واحدا عن إحياء الأفراح والاحتفالات بكل الاعياد، وكلٌ بطريقته.
كم ستصمدون؟ واعياد راس السنة قادمة وسيخرج الرجال والنساء والعوائل للرقص والغناء في الشوارع والأسواق والساحات عندها ليس لكم أن تقولوا محمد رمضان او غير محمد رمضان من أفسد الناس. لكن حب الناس للتغيير والتقدم والخروج من عباءتكم الرجعية هو ما يدفعهم للخروج إلى الشوارع من أجل الفرح وأمنيات الخلاص منكم ومن مفاهيمكم المتخلفة و الممعنة في الرجعية يوما بعد آخر.