بيان الحزب الشيوعي العمالي العراقي حول الاطاحة بالاخوان المسلمين في تونس!
عشر سنوات مرت على الإطاحة بنظام زين العابدين بن علي، على ايدي الطبقة العاملة والجماهير التحررية في تونس، وما زالت البرجوازية بجميع تياراتها السياسية، وبدعم القوى الامبريالية العالمية تسعى للالتفاف على النضالات الثورية للعمال والكادحين في تونس وتفريغها من مطالبها العادلة، وهي تحقيق المساواة والحرية وتوفير فرص العمل والعيش الكريم لجماهير الطبقة العاملة و المحرومين والكادحين في تونس.
أن إطاحة العسكر- سعيد بسلطة الاخوان المسلمين هو سيناريو آخر على غرار سيناريو الانقلاب العسكري الذي قادته المؤسسة العسكرية في مصر، وباسم الثورة للإطاحة بالثورة!!! و لأداء المهمة التي عجزت عنها النهضة والاخوان المسلمين والخاصة بقمع الجذور المتوقدة لثورة اخرى ستقلب الطاولة على كل النظام الرأسمالي القائم.
لقد ساهمت الدول الامبريالية الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في الدفع بالإخوان المسلمين ليس في تونس فحسب، بل في مصر وليبيا وعموم المنطقة وتقديم الدعم لهم على الصعيد المادي والسياسي والدعائي بعد هبوب نسيم الثورتان المصرية والتونسية على المنطقة من أجل لجم المطالب التي جاءت بها تلك الثورتين. واليوم، وبعد فشل مشروعها، مشروع تنصيب الإسلام السياسي للالتفاف على الاحتجاجات الجماهيرية في تونس وعلى ثورتها وعلى مطالبها التي تعني بالنهاية تقليل أرباح الدول الامبريالية فيها وتقويض نفوذها وانتقال رياح تلك المطالب الى خارج حدودها، قدمت اخوان المسلمين كبش فداء على مذبح الحفاظ على مصالح الطبقة البرجوازية ليس على صعيد تونس فحسب، بل على صعيد العالم. وأثبتت تجربة الإسلام السياسي لمرة أخرى بعد الألف كونها تجارب فاشلة في ايران ومصر وليبيا وافغانستان والعراق والسودان وتركيا، ولم تختلف تجاربها عن بقية التيارات البرجوازية الاخرى الا بحثالتها ورجعيتها وحجم فسادها واجرامها وقمعها لكل الحريات الانسانية. ان الاسلام السياسي الذي تحول الى غول بدعم الغرب، لم يجلب الى البلدان التي سيطروا عليها الا الوحشية والفقر والمجاعة والظلم بكل اشكاله.
ان محاولات دولة قيس سعيد-العسكر في تونس لتصوير الازمة الاقتصادية التي تعصف بتونس وتوسع مديات الفقر والبطالة والفساد وتداعيات وباء كورونا على انها جراء حكم الاخوان المسلمين هو تصوير مضلل وخادع، تصويراً يصب في مصلحة أطراف أخرى من الطبقة السياسية الحاكمة وتنصلها عن مسؤوليتها تجاه ما آلت اليها الأوضاع في تونس.
ان حرف الأنظار عبر الاحتماء وراء الدستور و”تفسير بنود الدستور” سواء لإضفاء الشرعية على الانقلاب الذي قاده سعيد-العسكر او نفي النهضة والاخوان المسلمين لتلك الشرعية لاستمرار بقائهم في السلطة هي ليست اكثر من مبررات متهافتة وجزء من هراءات البرجوازية لتضليل الجماهير. إن عدم استقرار الأوضاع السياسية في تونس مرده هو عدم قدرة الطبقة البرجوازية الحاكمة وقواها، ومن معها، الامبريالية العالمية، في لجم جماح الحركة الجماهيرية التي تقودها الطبقة العاملة في تونس من اجل المساواة والكرامة الانسانية والحرية، وفشلها الى الان بتمرير سياسة الليبرالية الجديدة وترسيخها في تونس عبر السير وراء قرارات ومشاريع المؤسسات المالية الغربية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي التي هي البديل الاقتصادي للطبقة البرجوازية بحزبها الدستوري وتيارها الديمقراطي والاخوان المسلمين…وغيرها ، بالرغم من تنظيم عدة سيناريوهات للانتخابات وتشكيل عدة حكومات.
اننا في الحزب الشيوعي العمالي العراقي، لا نعتبر الاطاحة بالاخوان المسلمين سوى سيناريو اخر من سيناريوهات صراع القوى والتيارات والبدائل البرجوازية المختلفة للالتفاف على المطالب العادلة لجماهير تونس التي رفعتها الاحتجاجات العظيمة قبل انقلاب سعيد-العسكر، وندعو الطبقة العاملة والجماهير التحررية الى عدم إبتلاع الطعم مثلما حصل مع انقلاب السيسي بعد التظاهرات المليونية ضد الإخوان المسلمين في مصر، لتفتح بعدها الزنازين والسجون والمعتقلات للمئات من نشطاء وفعالي الطبقة العاملة وقادتها ونصب المحاكم العسكرية لهم.
إن عدم قدرة البرجوازية في فرض القمع السافر لحد الان على مجتمع تونس، مثلما جرى في مصر، يعود الى حضور الطبقة العاملة عبر وحدتها وتنظيمها المتمثل بصورة اساسية باتحاد الشغل التونسي. ان الطبقة العاملة من حسمت مصير نظام زين العابدين بن علي، وهي ما تزال تلعب دورا في لجم جماح وحشية البرجوازية بعسكرها واخوانها المسلمين وفي اعادة سيناريو دكتاتورية نظام بن علي. الا انه ينبغي ان يتخطي دورها اليوم الخروج من دائرة صمام أمان لاستمرار حكم البرجوازية، وعليها التقدم نحو الاطاحة ببدائل البرجوازية والسير باقدام راسخة وثابتة نحو السلطة السياسية وانتزاعها من سعيد-العسكر ورمي اخوان المسلمين بشكل نهائي في مزبلة التاريخ. اذ لن تستطيع البرجوازية، أياً من كان في السلطة، اخوانياً ام سعدياً ام غيرهم، من تقديم أي بديل سياسي واقتصادي يحقق فرص العمل والرفاه وانهاء الفساد وليس في جعبتها سوى سياسات القمع والتنكيل ومصادرة الحريات.
ان انقاذ جماهير تونس من ازمتها السياسية والاقتصادية بيد الطبقة العاملة وعليها ان تتقدم الى الامام دون الغرق في أوهام الدستور والانجرار وراء صراعات الاجنحة البرجوازية المختلفة.
الحزب الشيوعي العمالي العراقي
27 تموز 2021