بصدد “التغير المناخي”
التدهور البيئي والتغير المناخي هما خطر جدي يؤرق البشرية فعلاً. ان اعباء هذه الظاهرة تقع بالدرجة الاولى والاساس على الطبقة العاملة وكادحي المجتمع ومحروميه. ان من يقف وراء التلوث البيئي وتغير المناخ والذي يؤدي الى احداث مناخية حادة مثل موجات الحرارة غير المسبوقة والجفاف والعواصف والاعاصير وفيضانات راح ضحيتها مئات الالاف من البشر هو النظام الرأسمالي نفسه دون شك. ان الضرر الذي يلحق بالبيئة هو متعدد الجوانب ويشمل مثلا الاحترار وتلوث المحيطات وتناقص اعداد الأسماك وقطع الغابات وتلوث المياه والهواء واستنزاف الأراضي الزراعية.
ان الجشع المنفلت العقال لنظام لا يحركه سوى دافع الربح والتعاظم المستمر للأرباح، النظام الرأسمالي، هو السبب الاساسي للمخاطر التي يمر بها عالمنا الراهن. انها ظاهرة مرتبطة بالرأسمالية وهيمنة الرأسمالية على الانتاج والمصادر الطبيعة والمنافسة المستمرة والضارية التي “لا تسمح” بالتخلي عن هذا التوجه. ان مؤتمر غلاسكو الاخير المنعقد بين 31 أكتوبر و13 تشرين الثاني 2021 وسائر المؤتمرات الدولية السابقة هي تأكيد على هذه الحقيقة.
لقد أخفق النظام الرأسمالي بشكل كامل في القيام باي عمل مؤثر لحد الان للتصدي لهذا التحدي ، وإذا تُرك لوحده سوف يستمر في تدمير ظروف الحياة.
ان الحل الحقيقي للتغير المناخي وكل اشكال تدمير البيئة الأخرى هو في عبور النظام الرأسمالي و بناء نظام انتاج مبني على الملكية الجماعية لوسائل الانتاج، والتدخل المباشر للجماهير في ادارة نفسها والعدالة والمساواة الاجتماعية وتوزيع المصادر بشكل عادل وكفء وتكون الحاجة والاستدامة البيئية وليس الربح ما يوجه القرار الجماعي. مع هذا هناك امكانية من الناحية التكنلوجية والاقتصادية للحد من التغير المناخي بشكل كبير في ظل النظام الرأسمالي، لكن هذا لن يحدث دون نضال مرير وفوري.
يعد التغير المناخي قضية طبقية وتعتبر الطبقة العاملة بوجه الخصوص اكثر المتضررين من عواقبه. يجب ان يكون النضال بشأن التغير المناخي ميدان رئيسي للصراع الطبقي وجزء اساسي من النضال لإنهاء الرأسمالية او فرض تغيرات هيكلية في الاقتصاد الرأسمالي.
وعلى صعيد العراق، يغط المجتمع لأكثر من نصف قرن في حروب متواصلة، وبالأخص حرب امريكا على العراق والمواد المحرمة دوليا التي استخدمتها، فيما تتعرض البيئة جراء سياسات النظام البعثي الفاشي السابق وسياسات حكومات المليشيات منذ 2003 الى عملية تخريب منظم من حيث تجفيف الاهوار وسياسة الاراضي المحروقة، تجفيف الانهار وتدمير الاشجار والغابات وانعدام المعالجات لانبعاث الغازات النفطية وللممارسات التخريبية التي تقوم بها الدول الاقليمية من مثل ايران وتركيا بقطع المياه وبناء السدود وارسال المواد الملوثة وغير المعالجة للأراضي العراقية والخ بهدف الاستفادة من غياب الدولة والتخلص منها بأسهل الطرق واقل تكلفة وبهدف ممارسة الضغوط السياسية والتدخل في الوضع السياسي، خلق ظروف غير امنة لدورة حياة سليمة للإنسان ولمجمل حركة الكائنات في المجتمع.
ثمة سخط واسع وعارم بوجه هذه الوضعية وهذه السياسات وهذا الاهمال السافر على صعيد اجتماعي واسع. ان من هو خالق والمستفيد من هذه الوضعية في الوقت الحاضر هم الجماعات والاحزاب المليشياتية الحاكمة التي هي صاحبة المصلحة المباشرة في هذا الاستهتار الواضح بالبيئة وبحياة الانسان وسائر المخلوقات. ان اتساع هذا السخط وتحوله الى حركة اجتماعية واسعة تتصدى لهذا الاستهتار الذي يستهدف فقط وفقط تعاظم الربح على حساب إفناء محيط الانسان والطبيعة هو امر لا غنى عنه لحياة افضل للمجتمع.
يؤكد المؤتمر السادس للحزب الشيوعي العمالي على حقيقة الا وهي طالما ان ما يسود عالمنا هو منطق الربح الرأسمالي، لا يمكن وضع نهاية حاسمة لعملية الحاق الدمار المتعاظم بالطبيعة وارساء نظام طبيعة سليم وصديق للبيئة. في الوقت ذاته، يثمن الحزب ويقدر اي مسعى لصيانة البيئة وتخفيف الدمار البيئي. يرى الحزب ان التمتع ببيئة وحياة صحية وسليمة وبعيدة عن اي تلوث هو حق اولي واساسي لأي انسان.
وعليه يؤكد المؤتمر السادس للحزب على:
– على الحزب كشف وفضح ابعاد هذه القضية المؤرقة على صعيد اجتماعي واسع ويقوم بالتوعية والنقد اللازمين وطرح سبل الحل اللازمة.
– يدعم الحزب مجمل الحركات التي تسعى بكل السبل الممكنة من اجل كشف هذه المخاطر والتوعية بها وارساء اجواء بيئية سليمة، ويسعى لتقويتها ورهنها بنضالات الطبقة العاملة ومجمل المجتمع من اجل حياة وعالم افضل.
– يحمل الحزب الحكومة والدولة مسؤوليتها والقيام بمهامها من أجل الحد من التلوث البيئي ومعالجته الذي بات يهدد الحياة الانسانية وينذر بمخاطر اتساع مساحات التصحر وجفاف الأنهار ونفوق الحيوانات…الخ.
المؤتمر السادس للحزب الشيوعي العمالي العراقي.
أواسط كانون الثاني