بصدد سبيل حل قضية فلسطين!
قضية فلسطين هي أحد أكثر القضايا مأساوية في عالمنا المعاصر. فعلى امتداد أكثر من 7 عقود، تم سلب جماهير فلسطين من أكثر الحقوق أساسية من حق الحياة والسكن الى التمتع بأبسط ضروريات المعيشة اليومية العادية. وواجهت مطالب جماهير فلسطين بأكثر أشكال عنفاً ووحشية. ان الإحتلال والحروب وأعمال القتل الجماعية والتهجير والطرد الجماعي والاغتيالات وتجريف بيوت الفلسطينين وبناء المستوطنات وإرهاب الدولة هي جزء من مفردات حياة الفلسطينيين اليومية، ناهيك عن العيش في ظروف اقتصادية وخيمة، بالأخص بعد الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تخيّم على العالم اليوم.
إن قضية فلسطين من الناحية التاريخية هي امتداد للاستغلال الشوفيني لدولة إسرائيل للظلم التاريخي الذي مورس على اليهود والذي بلغ أوجه في نزعة معاداة السامية وإرهاب النازية الالمانية إبان الحرب العالمية الثانية. مارست دولة إسرائيل أبشع أنواع الظلم المستند على النزعة القومية والدينية على جماهير فلسطين.
ومن أجل مصالحها الضيقة في الحكم والسلطة ونيل الإمتيازات، تلاعبت الدول والتيارات والقوى السياسية القومية والدينية المتنوعة بمصير جماهير فلسطين. فمن جهة، دعم الغرب، وبالأخص أمريكا، للسياسات الفاشية للحكومات المتعاقبة لدولة إسرائيل، ومن جهة أخرى، استغلت الدول والتيارات القومية العروبية والدينية الإسلامية في المنطقة هذه القضية وإشاعة الكره والبغض القومي والديني من أجل ترسيخ سلطتها ومكانتها في الصراع الجاري في المنطقة وترسيخ حكمها وسلطتها وفرض اشد انواع القمع والإستبداد السياسي وحرف أنظار الجماهير المحتجة على الجوع والفقر والحرمان وإنعدام الحريات السياسية في المنطقة تحت يافطة “قضية العرب الأولى”.
سعت إسرائيل، وبدعم واضح من أمريكا والغرب، الى سياسة المماطلة وفرض الأمر الواقع بالعنف الدموي عبر مواصلة بناء المستوطنات والقرض التدريجي المتواصل للأراضي الفلسطينية و اقتطاعها من فلسطين وإلحاقها عنوة بإسرائيل. و زد على ذلك، تسارع مسار فك عزلة إسرائيل في المنطقة او ما يسمى بـ”التطبيع”، ومع أزمة أوكرانيا التي تركت آثارها على العالم كله، وتهميش هذه القضية عملياً، توفر أفضل ارضية لإسرائيل لممارسة غطرستها والاستفراد بجماهير فلسطين أكثر وأكثر.
إن الحل المبدئي والحاسم لتحرر جماهير فلسطين وإنهاء الظلم وانعدام الحقوق مرهون بإرساء الحرية والرفاه والاشتراكية. ولكن في ظل غياب مثل هذه الوضعية، فإن سبيل الحل الفوري يتمثل بالتالي:
- إقامة دولة فلسطين المستقلة جنب إلى جنب إسرائيل هي الخطوة الأولى للحل الحاسم لهذه القضية. ينبغي أن تتمتع دولة فلسطين بسائر الحقوق التي تتمتع بها دول العالم. إن سائر الطروحات المقترحة لحد الآن تستند الى حرمان دولة فلسطين من حق التحكم بالحدود والأجواء والمياه و غيرها وتقطيع الاراضي الفلسطينية هي عملياً طروحات لتابيد الإحتلال على مجمل الحياة السياسية والاقتصادية والإجتماعية لجماهير فلسطين.
- حل مشكلة اللاجئين والمشردين الفلسطينيين في العالم بوصفه جزء أساسي من حل هذه القضية. الإقرار بحق المواطنة للجماهير هذه في البلدان التي سكنوها الان، تعويض الخسائر الناجمة عن الطرد والتشرد، وإزالة كل ما يعيق عودتهم هي إجزاء سبيل حل مسألة اللاجئين. إن اختيار اي من هذه الحلول يعود لجماهير فلسطين نفسها.
- الإيقاف الفوري لسياسة الاستيطان وبناء “مستوطنات اليهود” في أراضي فلسطين. مع تشكيل دولة فلسطين المستقلة، تكون هذه المستوطنات خاضعة لسلطة دولة فلسطين المستقلة.
- في الاوضاع الراهنة، ثمة أقسام واسعة من أراضي فلسطين لا زالت تحت إحتلال دولة إسرائيل وتتعرض بصورة مستمرة للإرهاب والعقوبات الجماعية من قبل حكومة الإحتلال الإسرائيلي. من جهة أخرى، تقوم الجماعات الإرهابية الأسلامية بعملياتها الإنتحارية بحق المدنيين والعزل الاسرائيليين وتهدد أمنهم. ولهذا، يجب ان تخرج قوات الإحتلال فوراً من المناطق المحتلة ورجوعها الى حدود ما قبل 1967. من الضروري تواجد قوات حفظ السلام في المنطقة.
- جماهير فلسطين وإسرائيل والمنطقة متعطشة للسلام. إن السلام الحقيقي والدائم في المنطقة يستند فقط إلى النزعة التحررية والأممية والنزعة الإنسانية والمساواتية. ولكن ينبغي دعم كل مساعي ومشاريع السلام التي تعمل على تخفيف معاناة جماهير فلسطين وإنهاء عمليات القتل الجماعي والإرهاب والإرهاب المضاد وإرساء دولة فلسطين المستقلة.
- لعبت أمريكا دوراً خاصاً في دعم إسرائيل مالياً وعسكريا وسياسياً. ينبغي ممارسة أوسع أشكال الضغط على أمريكا من أجل وقف دعمها غير المشروط لدولة إسرائيل وسياساتها الفاشية في فلسطين ودفعها للكف عن سياساتها هذه والإقرار بحق جماهير فلسطين بتشكيل دولتهم المستقلة والمتساوية الحقوق على مجمل الأراضي الفلسطينية.
- بعد إقامة دولة فلسطين، بوسع المنظمات الدولية المتنوعة، كل بميدان عملها، أن
تساهم مساهمة جدية في إزالة كل التبعات العميقة الناجمة عن أكثر من سبعة عقود من الاحتلال وفرض الحرمانات المتواصلة. إن ذلك يأتي عبر بناء البنى التحتية وبناء الاقتصاد والمستشفيات والمدارس وتوفير فرص العمل وحل مشكلات البطالة والجوع والفقر وغيرها.
إن حل قضية فلسطين يوفر الأرضية لفرض التراجع على تيارات الإسلام السياسي وارهابه والرجعية عموماً ويدفع بالشفافية والنضال الطبقي للأمام وسائر الحركات والاحتجاجات الاجتماعية الواقعية والنضال الاشتراكي في فلسطين والمنطقة.
الإجتماع الاعتيادي للجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي العراقي
أوائل حزيران 2022