الأخبارالمقالاتبيانات و وثائق الحزب

بيان ثلاثة أحزاب شيوعية عمالية في المنطقة:

نظام ينهار وعالم يجوش!

سرائيل، جماهير فلسطين وخداع الحكومات الغربية)

لقد مضت قرابة 22 شهرًا منذ بدأت إسرائيل، الدولة الفاشية، عملية إبادة جماعية شاملة ضد جماهير فلسطين. في هذه الأشهر الـ22، شهدت البشرية واحدة من أفظع المجازر في تاريخها، حيث تعرض ملايين البشر للهجوم، من الجو والبر، وللاغتيالات والتجويع والعطش والقصف وتدمير المدن والقرى ورياض الأطفال والمدارس والمستشفيات وكل ما يمثل مظاهر المدنية والعيش. لقد تحولت غزة خلال هذه الفترة إلى مسلخ ومجزرة، وكان الأطفال هم الضحايا الأكبر.

لقد فاقت هذه الوحشية ألف مرة ما فعله هتلر والنازيون في ألمانيا. ورغم أن الجرائم بدأت تحت شعار “محاربة حماس” و”الدفاع عن النفس”، فقد أصبح واضحًا اليوم أن سياسة إسرائيل المعلنة هي الاحتلال الكامل لما تبقى من أرض فلسطين، من غزة إلى الضفة الغربية، وتهجير سكانها وتطهيرهم عرقيًا. أقرّ البرلمان والحكومة الإسرائيليان بذلك، ولم يتركا مجالًا لأي توهم أو غموض حول طبيعة سياساتهما الفاشية والمعادية للإنسانية، حتى لدى أكثر أقسام المجتمع تخلّفًا في هذا العالم. إن هذه الخطة، التي تُنفّذ منذ 77 عامًا عبر القتل والتهجير، تُعد اليوم خطوة أولى ضمن مشروع “الشرق الأوسط الجديد” بقيادة إسرائيل، حيث تدفع جماهير لبنان وسوريا ثمن هذه السياسة من خلال تدمير حياتهم وقصفهم الجماعي بالقنابل الإسرائيلية. ويُعتبر الهجوم على إيران وتوسيع رقعة الحرب في المنطقة جزءًا من نتائج هذه الخطة.

إن تاريخ إسرائيل مليء بالجرائم، وقد كانت دائمًا الذراع العسكرية للغرب، ولا سيما الولايات المتحدة، تنفذ سياساتها دون أي قيود أو احترام للقوانين الدولية، وتحظى بدعم كامل من هذه الدول. وكانت جماهير فلسطين دومًا الضحية الأولى لهذه الجرائم.

لكن خلال هذه الـ22 شهرًا من المجازر، واجهت إسرائيل عقبات جدية أمام تحقيق خططها المشؤومة.  تمثلت في حركة جماهيرية انطلقت منذ اليوم الأول للهجوم على غزة، وتعاظمت مع تصاعد القتل، وأصبحت عالمية ومقتدرة، وتحدّت إسرائيل وداعميها تحديًا كبيرًا. أصبحت هذه الحركة بوابة لرؤية أوسع لعالم، لعالم اوسع ينهار فيه النظام الرأسمالي: نظام الفقر والتمييز العنصري والحروب والعسكرة والقتل والإرهاب المنظم وانتهاك الحريات الفردية والاجتماعية والسياسية والديكتاتورية المقنّعة بعباءة “الديمقراطية”. إن الدفاع عن فلسطين هو، في إطار هذا المشهد، جزء من مقاومة هذا النظام المتوحش، ومن الدفاع عن مكتسبات الطبقة العاملة والإنسانية الداعية للسلام في وجه هجوم هذا النظام بقيادة الغرب.

لم تكن إسرائيل في أي وقت من تاريخها منبوذة ومعزولة كما هي اليوم، ولم تكن بهذا الضعف واليأس وإنعدام المستقبل. إن سعيها الحثيث لتوسيع رقعة الحرب وجرّ الولايات المتحدة وشركائها إلى الميدان ما هو إلا محاولة لإنقاذ موقفها المهزوز والضعيف.

إن وحشية إسرائيل المنفلتة، التي تهدف إلى البقاء، والتي إحتشدت البشرية المتمدنة ضدها، أصبحت اليوم عبئًا ثقيلًا على حلفائها. وقد اضطرت حكومات الغرب في برلين ولندن وباريس وروما وغيرها، تحت ضغط الجماهير، الى رفع راية الإحتجاج على “مغالاة” الهيئة الحاكمة في إسرائيل، في محاولة لستر وجهها البشع والرجعي ودورها والتهرّب من مسؤوليتها في المجازر، وأُجبرت على الإعلان بعبارات تثير الإشمئزاز عن “عدم قبولها” بهذا الدرجة من الوحشية. إنها محاولات لاستعادة ما فقدته من مكانة، وحماية نفسها من غضب الشارع. إن تصريحاتها الأخيرة، خاصة ما يتعلق بـ”الاعتراف بالدولة الفلسطينية”، وإن كانت نتيجة مباشرة لضغط الحراك الشعبي العالمي، إلا أنها تكشف أيضًا عن قمة النفاق والوقاحة لدى هذه الحكومات – من بريطانيا وألمانيا، إلى فرنسا وأستراليا وغيرها.

لم توقف هذه حكومات يوماً دعمها العسكري والمالي والاستخباراتي والدبلوماسي و السياسي والإعلامي لإسرائيل، ورغم ذلك تدّعي الآن أنه إذا استمرت إسرائيل في جرائمها، فإنها ستعترف بدولة فلسطين في اجتماع الأمم المتحدة القادم في أيلول- سبتمبر! انها دعايات جوفاء توظفها في الوقت ذاته من أجل “إبراز وجودها وقدرتها” بوجه أمريكا. إن هذه تهديدات جوفاء ومقززة، لا تحمل أي قيمة حقيقية، ولا تأثير فعلي على حياة جماهير فلسطين ومستقبلها. ليست هذه التصريحات سوى إهانة لذكاء وكرامة جماهير العالم المتمدن، وهي تأتي من نفس الحكومات التي كانت طوال التاريخ شريكة في جرائم إسرائيل. إن العديد من قادة هذه الدول، إلى جانب قادة إسرائيل، يجب أن يُحاكموا أمام محاكم شعبية بتهمة الإبادة الجماعية وإرتكاب جرائم ضد الإنسانية. كما أن عددًا من الدول الأخرى – مثل الصين وروسيا والبرازيل وتركيا ودول عربية عديدة – التي تدّعي “دعمها لجماهير فلسطين”، لم تطرح حتى الآن مسألة قطع العلاقات السياسية أو الاقتصادية مع إسرائيل. بل أصبحت قضية فلسطين وسيلة لتحقيق مصالحها ومنافعها في المنافسات الإقليمية والدولية، دون أن يقلل ذلك من مسؤوليتها في هذه الجرائم.

لقد فقدت الجماهير المتمدنة والإنسانية الثقة منذ زمن بالحكومات العالمية ومؤسساتها الدولية، وأدركت أن الأمل الوحيد لإنهاء هذه المجازر هو في الحركة العالمية والمستقلة الداعمة لجماهير فلسطين. إن هذه الحركة تتسع يومًا بعد يوم، وترتفع أصواتها أكثر فأكثر في مواجهة هذه الهمجية وداعميها. إن الطبقة العاملة في العديد من الدول، وخصوصًا في قطاعات الموانئ والنقل، بدأت بالتحرك المباشر لمنع شحن الأسلحة إلى إسرائيل. ويتعالى صوتها المطالب بوقف القتل والتجويع وقطع العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية معها وتتردد بقوة متزايدة. كما  تتسع كذلك الدعوات لمقاطعة إسرائيل يومًا بعد يوم.

إن انتصار هذه الحركة سيكون مكسبًا عظيمًا للطبقة العاملة والإنسانية المحبة للسلام في العالم أجمع في معركتها ضد النظام الرأسمالي القائم. فالمستقبل المظلم لا يخص إسرائيل وقادتها المجرمين فحسب، بل يهدد النظام العالمي السائد بمجمل أقطابه. تنهار تحت أقدام هذه الحركة كل القيم والمفاهيم التي روّج لها هذا النظام الوحشي، وتُكشف حقيقته العارية. إن هذه الحركة الإنسانية التي تدافع اليوم عن جماهير فلسطين، ستكون غدًا في الخطوط الأمامية لإنهاء الحروب والعسكرة. ومع كل خطوة وكل انتصار، تبشّر بزوال هذا النظام البائس.

الحزب الشيوعي العمالي العراقي
الحزب الشيوعي العمالي الكردستاني
حزب حكمتيست (الخط الرسمي)
 13 آب 2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى