حكومة إسرائيل في محكمة لاهاي بجرم الإبادة الجماعية
البشرية المتمدنة خطوة للأمام
على أثر الشكوى التي قدمتها جنوب أفريقيا لمحكمة لاهاي ضد إسرائيل بسبب ارتكابها جرائم ضد الإنسانية، وضمن رفضها لطلب حكومة إسرائيل الخاص بإغلاق هذا الملف والقضية، وهو ما يعني طرح ملف “الإبادة الجماعية” التي ترتكبها حكومة إسرائيل للتحقيق، أعلنت المحكمة يوم الجمعة المصادف 26 كانون الثاني 2024 قراراتها الأولية بخصوص هذا الملف، وجاء ضمن قرار هذه المحكمة أنَّ: “على إسرائيل أن تستخدم كل إمكاناتها لإيقاف الإبادة الجماعية في غزة وتسهيل إمكانية دخول المساعدات الإنسانية الى غزة بأسرع ما يمكن والامتناع عن التأليب والدعوة المباشرة للإبادة الجماعية أثناء هذه الحرب ومحاسبة الداعين لها. بالإضافة الى ذلك، في غضون شهر من صدور الحكم، على إسرائيل أن تقدم تقرير للمحكمة حول خطواتها الخاصة بتنفيذ الأحكام.
وإن لم تكن محكمة لاهاي قد قررت الإيقاف الفوري لعملية القتل الجماعي لجماهير فلسطين، بيد أن فتح قضية الإبادة الجماعية التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية ضد جماهير فلسطين وقرار هذه المحكمة هما انتصاراً عظيماً للبشرية المتمدنة.
إن محكمة لاهاي ليست مركزاً قضائياً بحتاً، بل مركزاً قضائياً-سياسياً تحت إشراف الأمم المتحدة؛ وان قرارات هذه المحكمة، تاريخياً، هي توليفة من أحكام قضائية في خضم ميزان قوى والأجواء السياسية السائدة على العالم. في هذه المرحلة، إن ضغط الحركة العالمية المدافعة عن جماهير فلسطين والمناهضة للفاشية والنزعة العسكرتارية ،بالإضافة إلى ضغط البشرية المتمدنة من أجل إدانة الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل وحلفائها الغربيين، ترك تأثيره على الأجواء السياسية والحكم القضائي لمحكمة لاهاي بالضد من الحكومة الإسرائيلية، إن فتح ملف وقضية حكومة إسرائيل الخاصة بالإبادة الجماعية في فلسطين والخطوات الفورية لمنع إدامة هذه الإبادة، ورغم كل التغطية الدبلوماسية والمحافظة، هي ثمرة ضغط الاحتجاجات اليومية للملايين من أوربا الى آسيا ومن أفريقيا الى أمريكا و…. وثمرة احتجاج مئات الاتحادات والمنظمات العمالية ومئات المؤسسات والمنظمات الإنسانية ضد القتل والقصف والإبادة الجماعية وقطع الماء والكهرباء ومنع الأدوية والوقود وإمكانات المعيشة و….الذي تقوم به حكومة إسرائيل تجاه جماهير فلسطين، ثمرة الاحتجاج على دعم ومساعدات الحكومات الغربية ووسائل إعلامها للحكومة الإسرائيلية. إن فتح ملف الحكومة الإسرائيلية هو هزيمة كبيرة للحكومة العنصرية والفاشية الإسرائيلية وحلفائها الغربيين التي عن طريق إعلانها، خلال كل هذه المدة، الذي تضمن عبارات أن “نقف جنب الى جنب إسرائيل” و “إن تهم الإبادة هي عديمة الأساس” ومساعداتها العسكرية والمالية والسياسية والدعائية الشاملة، فإنها شاركت عملياً في هذه الجرائم. من حق الجماهير المحبة للبشرية والتحررية أن تعلن أن الدور، بعد إسرائيل، سيكون على حكومات أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وجميع السياسيين الرجعيين الذين أعلنوا رسمياً: في خضم عملية الإبادة الجماعية هذه، بالقول: “نصطف مع الحكومة الإسرائيلية”. إن أناس وقفوا لحد اليوم بجانب الحكومة الإسرائيلية وجعلوا تلك الإبادة الجماعية أمراً ممكنا، سيصطفون بجوار قادة الحكومة الإسرائيلية والفاشيين الإسرائيليين المنفلتين من أمثال بن غوير للمحاكمة أمام (محكمة) البشرية المتمدنة.
أثمرت أعوام من ضغط البشرية المتمدنة والاحتجاجات المليونية اليومية للجماهير التحررية في أنحاء العالم ضد الحكومة الإسرائيلية وحلفائها، وبالأخص احتجاجات المئة يوم الأخيرة ضد الإبادة الجماعية للحكومة الإسرائيلية ومنع إرسال الأسلحة والإمكانات لهذا البلد وإغلاق الموانئ والمطارات وغيرها بالإضافة إلى الضغط على الحكومات والأمم المتحدة ومحكمة لاهاي لإيقاف مكانة القتل الجماعية الإسرائيلية، وبالرغم من مقاومة كل القوى الرجعية، إلا إنها أعطت ثمرها في المطاف الأخير، وتم فرضها بلسان محكمة لاهاي على الفاشية المنفلتة.
بيّنت الجماهير المحبة للبشر والداعية للعدالة والمناهضة للفاشية، بالإضافة إلى الطبقة العاملة العالمية إنها الداعم والحليف المقتدر لجماهير فلسطين، وهي وحدها نقطة أمل لِلَجم فاشية الحكومة الإسرائيلية، وبينت أن حل القضية الفلسطينية يقع على عاتقها كلياً. وإن قوة وقدرة الحركة العالمية للدفاع العالمي عن جماهير فلسطين هي أعظم وأكبر من أن تتمكن الحكومات الغربية والحكومات الرجعية للمنطقة والحكومة العنصرية والصهيونية لإسرائيل أن تتلاعب بها عبر الضغط على محكمة لاهاي. إنها قوة إنسانية عظيمة؛ وكانت حائلاً أمام إغلاق ملف الإبادة الجماعية في محكمة لاهاي، وفرضت التراجع على ضغوطات إسرائيل وحلفائها. وتحت ضغط هذه الحركة اليوم، فان ملف مساهمة رؤساء أمريكا وكندا وبريطانيا في ملف جرائم الحرب هي تحت دراسة وتقصي محاكم هذه البلدان.
وتحت ضغط الرأي العام، لم يكن هناك مناص لقادة الحكومات الغربية من الإعلان المرائي عن “احترام حكم المحكمة”. ولكن بعد يوم واحد بالضبط من حكم المحكمة، واستناداً الى حجة ادعاء إسرائيل الخاصة بـ “تعاون 12 موظف من وكالة “الأونروا”، وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة، (من بين 13 ألف عامل في هذه المؤسسة) مع حماس في 7 تشرين الأول وطلب الحكومة الإسرائيلية بإيقاف دعم هذه المؤسسة، علّقت أمريكا وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا وكندا وفنلندا وأستراليا وهولندا وسويسرا واليابان مساعداتها لوكالة الإغاثة العالمية. لم تنتظر الحكومات الغربية “المتمدنة” حتى يوماً واحداً لجواب حكم المحكمة، محكمة لاهاي، المستند الى ضمان إيصال المساعدات الى جماهير فلسطين. إن هذه في أوضاع لم يتم فيها إثبات أي جرم، ولا هناك أي وثيقة يمكن الاستناد إليها، ولم يجري أي تحقيق لإثبات ادعاء إسرائيل هذا. إن هذا هو انتقام قادة “العالم المتمدن” من جماهير فلسطين والملايين المحتجة من أجل حرية هذه الجماهير. إن هذه عقوبة جماعية وإصدار حكم الموت البطيء على أكثر من مليوني متشرد، علماً إن هدف هذه الوكالة هو إنقاذ هؤلاء الناس من الجوع والموت. إن فرض المقاطعة على أكثر من مليونين إنسان، بالضبط في أوضاع يهددهم الجوع والمرض والبرد، هو ليس دعماً ومشاركة في إبادة، وإنما مشاركة صريحة ومباشرة بإبادة جماهير فلسطين.
ليس ثمة مرحلة بقدر اليوم يتكشف فيه الوجه القبيح لـ “العالم الحر” وريائه في “الدفاع” عن حق الحياة والقيم الإنسانية ومحبة الأنسان. وحتى إن “حقوق البشر” عندهم هي مفضوحة ومبعث على الاشمئزاز أمام أنظار العالم بقدر اليوم. ليس ثمة درجة أو أبعاد لجريمة وبربرية “الديمقراطية الغربية” بحيث تفاجئ الجماهير المتمدنة والداعية للعدالة في العالم. تخطى “العالم المتمدن” مجمل حدود الوحشية والجريمة والرياء والسقوط الأخلاقي والأيديولوجي والسياسي.
نطالب نحن الأحزاب الشيوعية-العمالية في المنطقة مع الاتحادات والمنظمات العمالية والأحزاب والمنظمات التقدمية والمؤسسات المحبة للإنسان والتحررية والجماهير المتمدنة في العالم بإجراء الخطوات الفورية التالية:
- إيقاف الحرب والإنهاء الفوري لقصف قطاع غزة!
- الإنهاء الفوري للحصار الاقتصادي على جماهير غزة وإنهاء إيقاف مساعدات الدول الغربية لوكالة غوث اللاجئين!
- الإرسال الفوري للمساعدات الدوائية والطبية والغذائية و. غيرها الى قطاع غزة!
- 4- الإنهاء الفوري للعسكرتاريا في المنطقة وخروج الأساطيل الأمريكية والقوى العسكرية للدول الغربية من المنطقة!
- مغادرة إسرائيل الفورية للمناطق المحتلة وعودة جماهير فلسطين الى محل عملها ومعيشتها ووضع حد لأي شكل من التهديد عليها!
- إلغاء عضوية إسرائيل في الأمم المتحدة حتى إعلان حكم محكمة لاهاي فيما يخص ملف الإبادة الجماعية التي تقوم بها الحكومة الإسرائيلية ضد جماهير فلسطين!
- قطع الصلات الدبلوماسية مع الحكومة الإسرائيلية حتى إعلان حكم محكمة لاهاي فيما يخص قضية الإبادة الجماعية.
- حضر إرسال أي من أنواع الأسلحة والمساعدات العسكرية الى إسرائيل. اعتبار أي نوع من المساعدة العسكرية لإسرائيل جرماً.
إن ضمانة أي درجة من التقدم وفرض أي قسم من هذه المطالب هو الحضور المقتدر للطبقة العاملة والاحتجاجات العمالية وحضور الجماهير المتمدنة وممارسة الضغط على الحكومات الغربية والمدافعين عن إسرائيل. كشفت هذه المرحلة أن الأمم المتحدة ومحكمة لاهاي و”الاتفاقيات” و”القوانين الدولية”، لا بالنسبة لحكومة إسرائيل فحسب، بل للحكومات الغربية كذلك، فاقدة لأي مشروعية فقط حين يتعلق الأمر بمصالحهم. إن الرجعية العالمية والمخططين الإقليميين هم المسببين الأساسيين للإجرام والوحشية المفروضة خلال 75 سنة على جماهير فلسطين.
نوجه النداء للطبقة العاملة العالمية وللاتحادات والمنظمات العمالية والأحزاب والمنظمات اليسارية والتقدمية والجماهير المتمدنة لمواصلة السعي من أجل تحقيق هذه الخطوات وإنهاء إبادة جماهير فلسطين وحقها المشروع في التمتع ببلد مستقل وحياة حرة وآمنة.
الحزب الشيوعي العمالي العراقي
الحزب الشيوعي العمالي في كردستان
الحزب الحكمتي (الخط الرسمي)
31 كانون الثاني 2024