مع أعمال القصف المكثف والواسع لاسرائيل على جماهير فلسطين في غزة وقطع الماء
والمواد الغذائية والوقود وتحويل غزة الى أنقاض على رؤوس ساكنيها، ومع قصف مستشفى
المعمداني في قطاع غزة، دخلت الأحداث مرحلة اكثر خطورة. وجراء وحشية وبربرية هذه
الإبادة الجماعية، وبدعم مالي وعسكري تام من قبل الحكومات الغربية ومؤسساتها الدعائية
الحربية، وإرسال أكبر الأساطيل الحربية الى المنطقة، طرأت تغيرات جدية على اللوحة
السياسية للمنطقة وعلى الاصطفافات في الشرق الأوسط والعالم، وجعلت الشرق الأوسط يدخل
مرحلة مليئة بالمخاطر.
لقد اصبح معروفاً للجميع تلك الحقيقة التي مفادها تحوّل الحكومات الغربية الداعمة لإسرائيل
وألمانيا وبريطانيا وفرنسا وأمريكا و. غيرها الى جزء من الماكنة الحربية والدعاية
والبروبكاندا الإسرائيلية والى جزء من أصل القضية وفشل حل قضية فلسطين. إذ تمنع ما
تسمى بــ “الديمقراطية الغربية” أي شكل من أشكال الاحتجاج على جرائم إسرائيل والدفاع عن
جماهير فلسطين، وترسل قوات “مكافحة الإرهاب” لتهجم على المدافعين عن جماهير فلسطين
وتُجَرّم حياة الفلسطينيين في الغرب، وتعمق البغض والكراهية القومية والدينية في قلب
“التمدن البشري”، وتمنح الضوء الأخضر الى اكثر أقسام المجتمع تخلفاً للحملة على
“الأجانب”. وبهذه الممارسات، فقدت هذه الأطراف مشروعيتها في نظر الجماهير المتمدنة في
العالم، وبالأخص في الغرب، أكثر من أي وقت مضى.
وبسبب دفاعها غير المشروط عن إسرائيل ووقوفها حائلاً دون إيقاف القصف وإبادة الجماهير
في قطاع غزة، ودفعها لسنوات عديدة أمر حل قضية فلسطين للفشل، لم يلحق العار والخزي
والانزواء والتهميش بالحكومات الغربية والأحزاب والمؤسسات الدولية في أي وقت مضى
بقدر ما لحق بها اليوم. إذ تقترن “الديمقراطية الغربية” اليوم، وبحق، بالحرب والقتل والإبادة
الجماعية ومقص الرقابة والقمع والجريمة. ففي أنظار العالم اليوم، إن حكومة إسرائيل
وحلفائها الغربيين هم المسؤول الأول والسبب الرئيسي لأية قطرة دم تراق في المنطقة. ومن
زاوية جماهير العالم المصدومة من جرائم إسرائيل، وفي حمية الدفاع عن جماهير فلسطين،
تعلن بعض الحكومات بأوج قساوتها بأنها “تقف بجانب إسرائيل!”. إنها حكومات لا تتحلى
بشرعية، ولا يتعدى ما يسمى بــ “العالم الحر” للغرب و “كعبة آمال الديمقراطية” كونه مجرد
خرافة!
طبع الدفاع عن جماهير فلسطين وحل القضية الفلسطينية بختمه على صلة الجماهير المتمدنة
والتحررية في الغرب بحكوماتها. إن قتل الأبرياء في غزة والدعم السافر للحكومات الغربية
للقتلة في إسرائيل، دفع الاتحادات العمالية والمؤسسات المدافعة عن حقوق الإنسان في العالم
وفي الدول الغربية نفسها الى مرحلة جديدة من المجابهة مع حكوماتـ”ها”. لم تعد “معضلة
فلسطين” اليوم معضلة “المسلمين” و”العرب” ودول المنطقة. إن معضلة فلسطين اليوم هي
معضلة جماهير العالم.
إن هجمة حماس على إسرائيل ورد الأخيرة على قطاع غزة وقتل عشرات الألاف يأتي في
ظل أوضاع عالمية جديدة، حيث تراجع مكانة أمريكا في العالم وفشل سياساتها الحربية
وتراجع مكانة إسرائيل في الشرق الأوسط وفشل سبل حل تقوية مكانة إسرائيل دون الرد على
معضلة فلسطين، وأخيرا، وتحت ضغط الاحتجاجات العالمية والجماهيرية، تم اليوم وأكثر من
أي وقت مضى فرض مطلب حل قضية فلسطين على الحكومات الغربية والأمم المتحدة
والدول الرجعية في المنطقة و…غيرها. إن هذا الأمر يلحق الفشل باي شكل من حل معضلة
فلسطين من قبل هذه الحكومات وخارج دور الجماهير وإرادتها.
بالإضافة الى هذه الحقائق، فان ضغط الجماهير التحررية من أجل حل معضلة فلسطين، دفع
الحكومات الرجعية الحاكمة في المنطقة، من حكومة محمود عباس الخاوية والهزيلة وحزب
الله اللبناني الى السعودية والأردن وقطر ومصر والعراق وإيران وتركيا الى التحرك كي
تتعقب أهدافها الرجعية بصورة مرائية تحت أسم “الدفاع” عن جماهير فلسطين. أنها حكومات
هي نفسها من خلقت الوضع الظلامي والحرمان والفقر وانعدام الحقوق والاستبداد والجرائم
بحق الجماهير في بلدانها أو على صعيد المنطقة، حكومات كانت منهمكة بالاستغلال التاريخي
لمعضلة جماهير فلسطين من أجل مصالحها وصفقاتها مع البلدان الغربية وإسرائيل، وهي
كانت نفسها عائقاً جدياً أمام حل معضلة فلسطين، وتطرح اليوم، تحت ضغط الدعم العالمي
للبشرية المتمدنة، نفسها بصورة مرائية تحت يافطة “مدافعة” عن جماهير فلسطين.
شرعت الجماهير المتمدنة والتحررية في أنحاء العالم اليوم بإرساء جبهة مقتدرة ومستقلة عن
الحكومات والقوى الرجعية ضد إسرائيل وداعميها. إنها جبهة تنشد بصوت واحد محاكمة قادة
حكومة إسرائيل بوصفهم مجرمي حرب ومحاكمة رؤساء الحكومات الغربية والأحزاب
ومافيات الإعلام و…. الخ بوصفهم شركاء وداعمين لهذا الإجرام ضد جماهير فلسطين.
محاكمة عبر محاكم مستقلة عن القوى الغربية وداعمي دولة إسرائيل الفاشية، وتنشد حلاً
فورياً ونهائيا للقضية الفلسطينية. حضر هذا الصف المقتدر الميدان في ذروة جريمة حكومة
إسرائيل على جماهير فلسطين، ويمضي نحو ترك بصمته على التحولات المقبلة. إن تقوية
هذه الجبهة والسعي لحضور الاشتراكيين والطبقة العاملة الميدان بوصفهما حملة راية قوة
كبيرة ضد جرائم الحرب ودفاعاً عن حل قضية فلسطين ومن أجل إرساء عالم أكثر أمناً
وإنسانية هي مهمتنا ومهمة أية قوة وتيار شيوعي.
على هذا الأساس، نطالب نحن الحزب الحكمتي (الخط الرسمي) والحزب الشيوعي العمالي
الكردستاني والحزب الشيوعي العمالي العراقي بتنفيذ البنود المدرجة أدناه فوراً:
- وقف إطلاق النار والإنهاء الفوري لقصف قطاع غزة!
- الإنهاء الفوري للحصار الاقتصادي على جماهير قطاع غزة!
- الأرسال الفوري للمساعدات الطبية والصحية والغذائية و… غيرها الى قطاع غزة!
- إنهاء أجواء العسكرتارية في المنطقة فوراً وخروج أساطيل أمريكا والقوى العسكرية
للدول الغربية من المنطقة! - ترك إسرائيل فوراً للمناطق المحتلة وعودة جماهير فلسطين الى أماكن عملهم
ومعيشتهم وإنهاء أي من أشكال التهديد لهم!
إنها الخطوة الأولى لإنهاء مسلسل ودوامة الإجرام المنظم لحكومة إسرائيل بحق جماهير
فلسطين وإمكانية نيل سبيل حل جذري وأساسي لقضية فلسطين، أي الإقرار بحق الفلسطينيين
بتشكيل دولتهم المستقلة.
ندعو جميع الاتحادات العمالية والأحزاب السياسية والمؤسسات المتمدنة والمدافعة عن حقوق
الإنسان والجماهير المتمدنة في العالم للدفاع عن جماهير فلسطين المحرومة وعن مفاد هذا
البيان والحل الجذري لمعضلة فلسطين والإفرار بالدولتين.
الحزب الشيوعي العمالي العراقي
الحزب الشيوعي العمالي الكردستاني
الحزب الحكمتي (الخط الرسمي)
18 أكتوبر 2023
