حول إعلان تأسيس “الجبهة العمالية الموحدة للدفاع عن الشعب الفلسطيني”
(مقابلة جريدة إلى الأمام مع سمير عادل)
الى الأمام: لقد تم الإعلان قبل أيام عن تأسيس “جبهة عمالية موحدة للدفاع عن الشعب الفلسطيني”، لماذا الآن، بماذا تختلف عن بقية الحركات المدافعة عن القضية الفلسطينية، وماهي ماهية وقوفها في مواجهة الإبادة الجماعية والحرب في غزة واليوم في لبنان؟
سمير عادل: لا شك هناك حركة عالمية مناهضة للإبادة الجماعية والحرب في غزة والضفة الغربية التي تشنها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وهذه الجبهة العمالية هي جزء من تلك الحركة العالمية، إلا أنَّ المسالة المهمة هي تفعيل دور الطبقة العاملة، التي لها وقعها وتأثيرها على الحكومات، ويمكن لها اذا ما أخذت دورها الريادي، التأثير على أفق وقوة ودينامية هذه الحركة وإعطائها زخما كبيرا، تخيل فقط لو أنَّ الطبقة العاملة تعلن عن إضراب عن العمل في جميع القطاعات، سترغم هذه الحركة الحكومات بالضغط على إسرائيل وداعميها لإيقاف الماكنة العسكرية الدموية لإسرائيل وبلطجتها وسياستها الفاشية، ولكن للأسف فالتجربة التاريخية تعلمنا أنَّ الحكومات البرجوازية ودولها تتلاعب بشكل مستمر بالقضية الفلسطينية، وليس هناك ما يدلل على إنهاء الظلم القومي على الفلسطينيين، فبعد اتفاقية أوسلو طبخوا لنا اتفاقات إبراهام التي لم تطرح ــ لا من بعيد ولا من قريب ــ إنهاء ذلك الظلم القومي على الفلسطينيين وتشكيل دولتهم المستقلة، وبعد ذلك جاء السابع من أكتوبر، لتطلق أيادي دولة إسرائيل النازية في الإبادة الجماعية، وترحيل حل القضية الفلسطينية الى أجلٍ غير مسمى.
وتجدر الإشارة بدور الطبقة العاملة التي حينما تلج الميدان فإنَّها تغير من توازن القوى، فقبل أيام فقط كانت هناك اكثر من ٢٠٠ منظمة ونقابة عمالية في إسبانيا قد اعلنوا عن إضراب لمدة ساعة وأوقفوا العمل، وسبق ذلك الحدث قبل اشهر إضرابات عمالية في إيطاليا، وهناك تضامن عمالي من أكبر الاتحادات في بريطانيا وإضراب عمالي في الولايات المتحدة الأمريكية، أي هناك تحركات عمالية تدافع عن الشعب الفلسطيني ولكنها ما زالت في بداياتها، وهناك مساعي في الجبهة العمالية الموحدة لإيقاف العمل في العديد من ميادين العمل في البلدان التي تتواجد فيها اطراف الجبهة بإيقاف العمل ولو بشكل رمزي والذي له دلالات اجتماعية وسياسية عميقة، ويمكن ذكرها، وأولها ظهور الطبقة العاملة كصاحبة القضية الفلسطينية وسحب البساط من تحت أقدام التيارات البرجوازية التي تتاجر بها منذ عقود وعقود، وثانيا فصل آفاق الطبقة العاملة عن آفاق تلك التيارات البرجوازية وعدم السماح لأن يكون العمال وقود لتلك التيارات التي متى ما شاءت تقذف العمال على مذبح مصالحها تحت يافطات “تحرير فلسطين” ، وثالثا تلمس المجتمع للقوة الكامنة داخل الطبقة العاملة ومسؤوليتها كصاحبة المجتمع وفي خندق الدفاع عن كل ما هو إنساني والتصدي لكل الترهات القومية والدينية والجنسية والعرقية التي تفرق بين البشر وتنتزع منها الهوية الإنسانية من أجل مصالح الطبقة البرجوازية التي تستفيد وتستغل تلك الترهات وتحويلها الى حقانية مزيفة في المجتمع.
الى الأمام: من هي أطراف هذه الجبهة، وهل هي مرتبطة بحكومات المنطقة ودولها؟
سمير عادل: في ٢٢ أيلول ٢٠٢٤، تم الإعلان عن تأسيس إطار تنظيمي لعدد واسع من الاتحادات والمنظمات العمالية وأحزاب عمالية واشتراكية من فلسطين والأردن ومصر والمغرب وايران والجزائر والعراق وليبيا ومصر وموريتانيا. وهناك مساعي حثيثة لجذب منظمات عمالية أخرى للانضمام في هذا الإطار الذي سميناه (جبهة عمالية موحدة للدفاع عن الشعب الفلسطيني). وجميع هذه الأطراف مستقلة ولا تمت بأيَّة صلة إلى الحكومات أو أنَّ تكون مرتبطة بدولة، وقد اشترطنا عند الاجتماعات التحضيرية بأن الأطراف التي تنضوي في الجبهة، يجب أن تكون مستقلة، وأيضا اتفقنا على ألا تكون شكلية أو تكرار للتجارب السابقة التي لا تتجاوز الإطار الدعائي.
الى الأمام: ما هي آليات عمل هذه الجبهة، وهل تقف في حدود الشرق الأوسط والتضامن الأممي؟
سمير عادل: لقد اتفق جميع من انظم إلى الجبهة العمالية، على تجاوز الأطر الشكلية مثل تلك التي شكلتها المنظمات العمالية الصفراء التابعة للحكومات، التي تبغي منها فقط رفع العتب والتنصل عن مسؤوليتها بدرجات مختلفة عن الظلم السافر بكل أشكاله على الشعب الفلسطيني وهي في النهاية تهدف إلى ذر الرماد في عيون العمال، فاليوم قد أصبحت القضية الفلسطينية احدى العناوين البارزة للماهية الإنسانية، وبعبارة أخرى فإنَّنا عازمون على أن تكون هذه الجبهة العمالية، إطاراً واقعياً له وقعه وتأثيره السياسي والاجتماعي والدعائي، وعليه هناك العديد من الأفكار والمقترحات المطروحة لآليات عمل هذه الجبهة، منها تشكيل هيئة أو مكتب تنفيذي يخول من الاجتماع العام للجبهة صلاحيات اتخاذ القرارات اللازمة ويقود الجبهة على الصعيد السياسي والدعائي والتنظيمي، وهناك مقترح عقد مؤتمر للجبهة تُدعى له اتحادات ومنظمات ونقابات عمالية مختلفة في المنطقة والعالم، وهناك مقترحات لاتباع أشكال وأساليب نضالية مثل التظاهرات والإضرابات والتجمعات والندوات.. الخ.
الى الأمام: هل ستحصر هذه الجبهة العمالية عملها في اطار القضية الفلسطينية؟
سمير عادل: من الناحية المبدئية، تحدثنا في أول اجتماع والذي كان نواة ومقدمة لاجتماع أوسع، أنَّ هذه الجبهة ستأخذ على عاتقها أيضا العديد من القضايا العمالية التي تهم الطبقة العاملة في المنطقة مثل العمل اللائق للعمال والحريات النقابية والضمان الاجتماعي والحريات السياسية وإنهاء كل أشكال التمييز.. الخ. أي ستكون هذه الجبهة رأس حربة بالدفاع عن المصالح المستقلة للطبقة العاملة وعن حقوقها الاقتصادية والسياسية، والتصدي لهجمات الطبقات البرجوازية على الطبقة العاملة والدفاع عن الحركة العمالية ورايتها بتحقيق الحرية والرفاه والكرامة الإنسانية لا لنفسها فحسب بل لعموم المجتمع، إلا أنَّ المرحلة الحالية تكون أولوية الجبهة هي القضية الفلسطينية وتوظيف جميع الطاقات لإيقاف الحرب والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني.
الى الأمام: هل ستمتد هذه الجبهة الى المناطق الأخرى؟
سمير عادل: بالتأكيد سنعمل على توسيع هذه الجبهة وكسب التضامن العمالي العالمي معها. سنعمل على أن تكون هذه التجربة نواة ببناء جبهة عمالية عالمية تقف في مقدمة الصفوف الحركات المناهضة للحروب والعسكرتارية والإنفاق العسكري والتسلح النووي والتغيير المناخي. ففي المؤتمر المنعقد في طوكيو اليابانية (ZANKO) وهو (تجمع من اجل الديمقراطية والسلام) المنعقد في ٢٧-٢٨ أيلول من هذا العام استطعنا إستصدار قرار بدعم الجبهة العمالية الموحدة التي كانت قيد التأسيس آنذاك. وأبدى نشطاء وقادة عمال واشتراكيين في ذلك المؤتمر دعم مشروع الجبهة والاستعداد للمشاركة في فعالياتها.