عادل احمد
في بداية الازمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم عام ٢٠٠٨ ، تحدث قادة الدول الصناعية الكبرى، بان النظام الرأسمالي استنفد كل الطرق، من اجل إيجاد الحلول للحفاظ على هذا النظام وسأل بوتين آنذاك القادة السياسيين، اذن ما هو البديل الذي يجب ان يحتل مكانة النظام الحالي؟ ولم يحصل على الإجابة على الاطلاق. كان بوتين يقصد جميع الحلول الليبرالية وصلت الى نهايته لإدامة الرأسمالية ويجب إيجاد طريق لإنقاذ النظام الرأسمالي العالمي. ومنذ ذلك الوقت تحاول كل دول العالم ان تنقذ نفسها في الغرق وان تجد مكانة فيما يحصل للعالم في القرن الواحد والعشرين.
ان ما يحصل اليوم في العالم، من حرب أوكرانيا وتكتل الناتو والحرب الاقتصادية واصطفاف الاقتصادات العالم في الشرق والغرب، هي بوادر عالم يسود فيه الغموض وعدم اليقين في مستقبل النظام الرأسمالي. ان من المعروف بان النظام الرأسمالي لا يهمه أي شيء سوى الربح وتراكم الثروة ومن اجل هذا مستعد ان يرسل ملايين من البشر الى حافة المجاعة والفقر والقتل والدمار ومستعد ان يصرف مئات المليارات لآلاتها العسكرية والحربية فقط لأجل تقسيم العالم من جديد فيما بينهم. ان الغموض وانعدام الرؤية الواضحة لدى الطبقة البورجوازية لمستقبل عملية الرأسمال تدفع العالم نحو مصير مجهول.
وفي الجانب الاخر من العالم الرأسمالي أي عالم الطبقة العاملة والجماهير الكادحة ، توجد محاولة وطريقة أخرى ومغايرة عن الطبقة البورجوازية وهي إيجاد طريق اخر وبديل اخر عن العالم وهي عالم الرفاه والسلام والاخوة لجميع ساكني العالم. وان هذه المحاولة وان تكن موجودة دائما على طوال تاريخ النظام الرأسمالي ولكن في ظل الازمة الحالية للنظام الرأسمالي وبعد العالم الوبائي لكورونا ، ظهرت الى الميدان الحركة العمالية العالمية بقوة. ان النظرة السريعة الى تظاهرات الأول من آيار المليونية في جميع انحاء العالم تثبت الحقيقة بان العالم متعطش الى البديل العمالي لقيادة العالم. ان بالإضافة الى حضور الملايين في مسيرات وتظاهرات الأول من أيار ، ظهرت الشعارات والمطالبات العمالية، القسم الأكبر من هذه الشعارات كانت شعارات أممية تخص الأوضاع والحروب والخوف من الحروب النووية وعدم استخدام الاقتصاد كسلاح الذي تدفع ثمنه بالأساس الطبقة العاملة والجماهير الكادحة. ان ارتفاع اسعار المواد الغذائية والاساسية المستمر وإن التضخم والخوف من فقدان فرص العمل في ازدياد متواصل … هذه هي حالة الأوضاع في جميع انحاء العالم ولهذا بالضرورة تتوافق الشعارات والمطالبات العمالية في كل مكان ويرفع بصوت واحد وبنبرة واضحة وبمناسبة واحدة وهي الأول من أيار يوم التضامن العالمي للعمال.
اثبت الأول من آيار في جميع انحاء ألعالم لهذه السنة الحضور الميداني للطبقة العاملة في مواجهة وحشية الهجمات وشراسة الطبقة البورجوازية البربرية بحق البشرية. واتحدت الأصوات وبينت بانه لا يمكن الاستغناء عن القوة الطبقية للطبقة العاملة في تغير الأوضاع وانه آن الأوان للوقوف بصف واحد وتحت راية واحدة وهي الأممية بوجه النظام الرأسمالي. وان العالم شهد في الأول من أيار صبغة عمالية والاشتراكية والتي قل نظيرها منذ سنين خلت، وان ادامة هذه الأجواء واستمراريتها يؤدي الى ابراز البديل الاشتراكي والعمالي مرة أخرى الى السطح السياسي العالمي. وان الذي ترك عدم الجواب، من قادة الطبقة البرجوازية عندما توجه اليهم بوتين عن البديل النظام الرأسمالي بالسؤال أعلاه. أجابت عليه الطبقة العاملة والاشتراكيون هذه السنة في الأول من أيار بكل وضوح: بأن ليس هنالك بديل غير البديل العمالي والاشتراكي لإنهاء معاناة البشرية من الحروب والجوع والفقر والبطالة وتفشي الامراض وانعدام الحقوق وانعدام المساواة بين جميع البشر. ان عالم خالي من الركض وراء الأرباح وعالم خالي من إستغلال الانسان للإنسان وعالم يكون مستقبل البشرية في رفاهية مستمرة لا يمكن الا في عالم الاشتراكية والشيوعية والتي تجعل من الإنتاج في خدمة حياة وكرامة البشرية.
ان الاهتمام بالعالم العمالي في العراق يبدأ من الأول من أيار ويوم المرأة وإيجاد منظمات عمالية قوية وتظاهرات والاحتجاجات العمالية اليومية وإيجاد جرائد عمالية ومقرات العمال والبيوت العمالية لتجمع العمال والقادة العماليين والندوات العمالية حول سبل النهوض العمالي وتبادل الآراء وخلق الأجواء العمالية والنضالية من ركب بالنضال العمال العالمي.
ان النهوض بالنضال العمالي في العراق وإبراز البديل العمالي والاشتراكي هي مهمتنا الأولية في الوقت الحاضر وهذا يتطلب من جميع فعالي الحركة الاشتراكية والعمالية ان يوحدوا صفوفهم في المنظمات و اللجان الشيوعية وان تتبادل الآراء مع البعض من اجل القادم ومن اجل النهوض بروح عمالية واممية حتى نوجه المسيرة العمالية العالمية والتي هي أيضا في طور النهوض والغليان.