
في الحادي والعشرين من تموز/يوليو عام 1993، أُعلن عن تأسيس الحزب الشيوعي العمالي العراقي، في مناخٍ سادته مختلف التصورات والأفكار اليمينية والرجعية المعادية للطبقة العاملة والإنسانية وقيم الحرية والمساواة. جاء التأسيس وسط أوضاع، تضافرت فيها التيارات السياسية والمدارس الفكرية البرجوازية لتروّج للطبقة العاملة والكادحين في هذا العالم، رواية كاذبة تزعم موت “الاشتراكية والشيوعية” التي سوقت لها كذبا وتزويرا بتصوير انهيار الكتلة الشرقية والقطب السوفيتي بانهيار الاشتراكية. وروّجت تلك القوى لفكرة “نهاية التاريخ” وانتصار “أصالة الفرد” واقتصاد السوق وابدية النظام الرأسمالي القائم على كل أشكال الاستغلال والظلم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، متمثلة بـ”الديمقراطية” و”حقوق الإنسان” وفقًا لمقاييس رأس المال.
أما في العراق، وفي مجتمع أنهكته حرب دموية استمرت ثماني سنوات، لتنهال بعدها صواريخ الكروز وقنابل الـ B-52 على رؤوس الناس، مدمّرةً البنية التحتية للمجتمع، ومعيدةً به عقودًا إلى الوراء، تحت راية ما سُمّي بـ”النظام العالمي الجديد”، الذي أُعلن عن ولادته فوق جماجم العراقيين بذريعة “تحرير الكويت”. ومن نجا من المجازر، فُرض عليه حصار اقتصادي وحشي لا يقلّ فتكًا عن الحصار المفروض اليوم على غزة.
في خضم هذه الاوضاع، رُفعت راية الشيوعية – شيوعية ماركس – من جديد في العراق، إذ تم الإعلان عن تأسيس الحزب الشيوعي العمالي العراقي، وبادر فور تأسيسه، إلى مواجهة حاسمة مع جميع الأفكار والتصورات الرجعية. وقف عمليًا في وجه العصابات الإسلامية والقومية، ورفع شعاراتٍ جريئة وثورية، منها: “الحرية السياسية دون قيد أو شرط”، و “الشوفينية القومية عار على الإنسانية”، و “لا شرف في قتل الشرف”.
تُرجمت هذه الشعارات إلى مواقف فعلية؛ إذ وقف الحزب ضد حملات التجنيد الإجباري للأطفال، وخاض نضالًا واسعًا بالتعبئة الجماهيرية والسياسية لوقف العنف ضد النساء. وما نراه اليوم من قوانين لحماية المرأة في كردستان العراق، ما هو إلا ثمرة من ثمار نضال هذا الحزب. كما ساهم الحزب في وقف الاغتيالات السياسية، وأسّس مركزًا لحماية النساء واتحادًا للعاطلين عن العمل، وهو ما أثار رعب القوى القومية الكردية.
وفي الوقت الذي كانت فيه الأحزاب الكردية القومية تنخرط في مفاوضات سرّية مع نظام صدام الدموي، وتنسّق وتتعاون معه، رفع الحزب الشيوعي العمالي العراقي شعار إسقاط النظام البعثي الفاشي، ووقف بصلابة ضد “الاستفتاء” الذي نُظّم عام 1995، وهو ما أدى إلى اعتقال العديد من أعضائه وكوادره الذين قضوا سنوات في السجون ثمنًا لهذا الموقف.
وعلى إثر توسع نضالات الحزب، تحالفت القوى القومية والإسلامية وملالي المساجد المأجورون مع الرجعية السياسية، وبدعم مباشر من الجمهورية الإسلامية في إيران، لإيقاف عجلة نضال الحزب. فاغتيل الرفيقان شابور عبد القادر وقابيل عادل على يد الجماعات الإسلامية في 28 نيسان 1998، كما اُغتيل عدد آخر من الكوادر في 14 تموز 2000.
وأُغلقت إذاعة الحزب، ومركز حماية النساء، ومنظمة النساء المستقلة، وتم اعتقال العشرات من أعضائه وكوادره في محاولات يائسة لإنهاء وجوده السياسي.
رغم ذلك، لم تنجح تلك السياسات والمؤامرات في ثني عزيمة الحزب. فعلى مدى اثنين وثلاثين عامًا، لم يتوقف عن النضال. من مقاومة الاحتلال الأمريكي، إلى التصدي للحرب الأهلية، ورفض مشروع تقسيم العراق على أسس طائفية واثنية، مرورًا بحرب داعش، ووصولًا إلى مواجهة النظام السياسي القومي-الطائفي ومليشياته، وقوانينها الرجعية ضد العمال والنساء والشباب، وسعيها إلى بناء دولة استبدادية بهوية دينية وطائفية.
في هذه المناسبة العزيزة، ذكرى تأسيس الحزب الشيوعي العمالي العراقي، يتوجّه الحزب بأحرّ التهاني إلى كوادره وأعضائه ومؤيديه، ويوجه ندائه الى الطبقة العاملة التي ينتمي لها، وإلى جميع الاشتراكيات-ين والثوريات-ين والأحرار للالتفاف حول رايته، وتقوية صفوفه، فهو الحزب الوحيد على الساحة السياسية في العراق، لم يساوم طوال تاريخه النضالي، ولن يساوم على حساب مصالح الطبقة العاملة، والنساء، والشباب، والجماهير الكادحة.
إن طريق الحزب الشيوعي العمالي هو طريقكم، وهو أداتكم الفعّالة في مواجهة القوى الإسلامية والقومية والطائفية الممثلة السياسية المحلية والعالمية للطبقة البرجوازية الرجعية، وهو السبيل لوضع حد لاستهتارهم وبلطجتهم ونهبهم المنظّم، ولجم خطابهم الطائفي، ودعاياتهم المضلّلة للبقاء في السلطة، التي تتخذ تارةً ستار “المقاومة والممانعة”، وتارة أخرى تروّج للبديل الأمريكي تحت ذرائع مختلفة.
إن الحزب الشيوعي العمالي هو أداتك لإنهاء سلطتهم الرجعية والجائرة والفاسدة، تلك السلطة الجاثمة -التي نصبت بحراب المارينز الأمريكي على صدور الجماهير-، وبناء المجتمع الاشتراكي، المجتمع الحر، تسوده المساواة والحرية والرفاه.
عاش الحزب الشيوعي العمالي العراقي
عاشت الحرية-المساواة-الحكومة العمالية
20-7-2025