الكلمة الافتتاحية للمؤتمر السابع للحزب الشيوعي العمالي العراقي
هل الشيوعية ممكنة في العراق؟
صباح الخير أيتها الرفيقات والرفاق
أهلا وسهلا بكم أيها الرفاق، ونرحب باسمكم بوفد الحزب الشيوعي العمالي الكردستاني ونقدر حضورهم ومشاركتهم في هذه المناسبة.. كما نرحب بالضيوف الأعزاء، وبجميع المشاركين في هذه المناسبة العزيزة، مناسبة انعقاد المؤتمر السابع للحزب الشيوعي العمالي العراقي.
أيها الرفاق استهل حديثي، أو لِنَقُلْ افتتح المؤتمر السابع، اليوم، بسؤال: هل الشيوعية ممكنة في العراق؟ كان يصعب عليَّ على الأقل طرح هذا السؤال، بالرغم من أننا كنا مؤمنين جدا بتحقيق الشيوعية، وكنا مع قسم كبير منكم، منهمكين بالعمل ليل نهار من اجل ذلك؟ لكن اليوم وفي هذه الظروف والأوضاع المحلية والعالمية، يطرح السؤال، هل أنَّ شيوعية ماركس، شيوعية منصور حكمت ممكنة في العراق؟
برأيي أيها الرفاق، يجب أن يكون الرد على هذا السؤال، هو الشغل الشاغل لأعمال هذا المؤتمر، وعلى هذا المؤتمر الذي نجلس اليوم تحت مظلته الرد عليه.
لماذا نظام إسلامي مستبد رجعي، بالرغم من تجاربه المريرة على صعيد إفقار الجماهير، وعلى صعيد امتهانها كرامة وقيمة وإنسانية المرأة، وعلى صعيد فرض الانحطاط الاجتماعي على المجتمع على جميع المستويات، وعلى صعيد القتل والسرقة والفساد وكل أشكال الجرائم التي مارستها منذ ما يقارب أربعة عقود من الزمن ضد جماهير العراق، ممكن؟، ويحاولون ليل نهار إجبارنا على القبول بذلك النظام، ولماذا الشيوعية التي تعني التحرر من هذا النظام المنحط اجتماعيا واخلاقيا وسياسيا غير ممكنة؟
لماذا نظام قومي وفاشي، جربته الجماهير على مدى أكثر من ثلاث عقود (النظام البعثي) الذي ارتكب من جرائم الحروب والمقابر الجماعية والمعتقلات والسجون والتعذيب والإعدامات ما لا يعد ولا يحصى، يحاول اليوم إعادة ترتيب أوراق العودة مجددا الى السلطة، ولماذا الشيوعية التي تعني تحقيق كل اشكال الحريات وإعادة الاعتبار والقيمة للإنسان غير ممكنة في العراق؟
لماذا نظام في أفضل أحواله برجوازي بلباس وهيئة ليبرالية موالي لأمريكا والغرب من الممكن أن يحكم في العراق، لتطبيق كل سياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من خصخصة كل مفاصل المجتمع وفرض الأسعار على المحروقات وخفض قيمة العملة المحلية، وتمرير قوانين تفوض الحكومة بالتدخل في شؤون العمال، ومنع حرية التعبير، والنموذج الديمقراطي هذا قد شاهدناه في الغرب حول جرائم إسرائيل في غزة عندما هجم على كل الحريات تحت عنوان معاداة السامية، أو كما شاهدناه في الحرب الروسية على أوكرانيا، عندما منعت الرواية الروسية من التداول على وسائل أعلام تلك الدول التي تدعي الديمقراطية وهذه ممكنة، ولماذا الشيوعية التي تعني المساواة بالمعنى المطلق للمقولة غير ممكنة؟
أيها الحضور الأعزاء.. عندما نخرج من هذا المؤتمر، سيسأل العديد من أصدقائنا ومؤيدينا بل وحتى أعدائنا، عن ماذا كانوا يتحدثون، ما هي أوراقهم السياسية، وماهي المهام التي وضعه المؤتمر على عاتقهم؟
يجب أن يعرفوا ويتلمسوا، ويكون ردنا بشكل عملي، كنا نناقش ونتجادل حول سبل تحول الشيوعية إلى راية في المجتمع، راية للعمال سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص وذلك عن طريق حصولهم على الأمان الاقتصادي، من تعديل سلم الرواتب والمعاشات والضمان الاجتماعي والصحي وسكن ملائم وتعليم مجاني ولائق لأطفالهم وأبنائهم، ويجب أن تتحول الشيوعية إلى راية تخلص المرأة من هذا العبودية وهذا الانتهاكات الصارخة بحقوقها الآدمية والإنسانية وإقرار قوانين مساواة كاملة مع الرجل، ويجب أن تتحول الشيوعية إلى راية المدنية والتحضر والعصرية والحرية بالمعنى المطلق دون أي انتقاص تحت أية شروط، وإلى راية لإنهاء تحول أطفالنا الى متسولين وباعة في مفارق الطرق، لكي يعيشوا طفولتهم الحقيقية، إلى راية تعريف الإنسان بالهوية الإنسانية وإعادة الهويات الطائفية والدينية والقومية الى مستنقع التاريخ، ويجب أن تتحول الشيوعية إلى راية الدفاع في المنطقة لمواجهة السياسات الإمبريالية وسحب البساط من تحدت أقدام ما يسمون انفسهم ب”المقاومة والممانعة” وفضح الأهداف التي يتعقبونها من خلال الشعارات الزائفة، بغية فرض إفقار ونهب وسلب المجتمع، ان تتحول الشيوعية إلى راية الدفاع عن تأسيس دولة فلسطينية مستقلة وإنهاء الظلم القومي على الشعب الفلسطيني، عبر تقوية هذا الخط وهذا التيار، بمد الجسور الى القوى التحررية والإنسانية في العالم وتشكيل جبهة إنسانية تكون هذه رايتها، راية مواجهة التهديدات الحربية والنووية التي تلوح بها القوى الإمبريالية العالمية.
أيها الرفيقات والرفاق الأعزاء.. إنَّ جميع الشواهد تشير بأنَّ هذا المجتمع بحاجة الى الشيوعية، لقد كنا موجودين في الأول من أيار بين العمال، وهم متعطشين الى حزب لخلاصهم، وكنا موجودين في يوم المرأة، وكانت تأتي إشارات إيجابية وإعجاب وتأييد لشعارات الحزب من اجل تحرر المرأة ومساواتها الكاملة مع الرجل، وكنا موجودين في جميع الحملات السياسية ضد انتهاكات حرية التعبير وما سمي بالجندر والمثلية، وضد رفع قيمة الدولار وضد سياسات ورقة البيضاء التي تطبقها اليوم حكومة السوداني، وكان هناك تأييد مع السياسات التي طرحناها والوقوف بوجه هجمة الدولة إسرائيل النازية في غزة.
في نهاية حديثي أريد أن أجر انتباه المؤتمر، إلى أنَّ جوابي على السؤال الذي بدأت به كلمتي، هو: أنَّ الشيوعية ممكنة في العراق، لأننا نقف على أرضية اجتماعية مناسبة، فانتفاضة أكتوبر خلقت وعي جديد في المجتمع، وعي إنساني، وعي تحرري. وإنَّ كل مساعي الطبقة البرجوازية الحاكمة في العراق من لصق صور السليماني والمهندس، واغتيال النساء واختلاق مواضيع هامشية مثل” المحتوى الهابط” و “الجندر” و”المثلية” و”حرق القران” وغير ذلك هي فقط لإشغال المجتمع وفرض الاستبداد والقمع لاسترداد زمام المبادرة وإعادة إنتاج وجودهم الاجتماعي، هو من اجل دفن هذا الوعي، الذي أحد عناوينه انتشار الاشتراكية والمساواة وقراءة الماركسية في صفوف الجيل الذي شارك في الانتفاضة، وبموازاته هناك وعي ينمو في صفوف الطبقة العاملة. هناك عشرات الحركات الاحتجاجية العمالية، ولابد من الإشارة الى احتجاجات عمال المصافي في إسقاط المادة ٤٢ من الموازنة الحكومية التي كان مقرراً بموجبها رفع أسعار برميل النفط، والذي كان يعني رفع أسعار الوقود، وبالتالي رفع أسعار النقل وتأثيرها على رفع أسعار المواد والسلع التي تؤثر على مجمل الأوضاع المعيشية للطبقة العاملة وعموم المجتمع، فضلا عن عشرات الإضرابات والاحتجاجات التي تجتاح المصانع والمعامل. والشاهد الآخر إنَّ الأول من أيار هذا العام اختلف عن السنوات السابقة في العراق، هناك وعي طبقي مستقل ينمو في صفوف العمال. هذه الشواهد هي معطيات مادية على نهوض طبقتنا، الطبقة العاملة.
نحن نقف على هذه الأرضية. المجتمع من الممكن دفعه نحو اليسار ولكن يحتاج إلينا أيها الرفاق، بحاجة الى حزبنا، بحاجة الى ما أشار اليه منصور حكمت بأن الشيوعية بحاجة الى الارادة الى منهجية لينين. والمجتمع أمام خياران أحدهما أمام اليسار، وقد أشرت إليه، والآخر أمام اليمين الذي تحاول الطبقة البرجوازية دفعه إليه، وتحويل العراق الى مزرعة للعبيد بنظام استبداد إسلامي قروسطي.
إنَّ الشيوعية ممكنة فقط، لانتشال المجتمع العراقي من هذا الانحطاط السياسي والاجتماعي والإفقار والفقر المدقع، أذا كانت لدينا إرادة وصممنا عليها، فالعوامل الموضوعية، بالإضافة إلى الأرضية الاجتماعية مهيئة لنا، أو مهيئة لانعطافه المجتمع نحو الشيوعية واليسار. فكما يقول لنا ماركس هنا الورد فلترقص هنا.
عاش المؤتمر السابع للحزب الشيوعي العمالي العراقي
عاش الحزب الشيوعي العمالي العراقي
١٠ أيار ٢٠٢٤