لتتقدم الاحتجاجات الحالية في العراق وتحقق إرادة الجماهير الثورية
06/08/2015
عمت موجة جديدة من الاحتجاجات الجماهيرية أكثرية مدن العراق منذ عدة أيام. بدأت هذه الموجة باحتجاجات المواطنين على الكهرباء وتردي الخدمات والفساد المالي، تلتها الاحتجاجات المتجددة والمتواصلة للعمال على تأخير دفع الرواتب وتنفيذ سياسات التقشف الحكومية. لقد انطلقت شرارة هذه الموجة الاحتجاجية الجديدة في قضاء المدينة في شمال البصرة يوم 18 تموز حين قام الموطنون بالتظاهر أمام مبنى المجلس البلدي وتعرضوا لاطلاق النيران وقُتلَ أحد المتظاهرين من قبل مجاميع ميليشية تابعة، حسب الأخبار، لـ “سرايا عاشوراء” للمجلس الأعلى الاسلامي.
منذ ذلك الوقت ولحد الآن يقوم المواطنون وخاصة قطاعات واسعة من الشباب ودعاة الحرية بالاحتجاجات بصورة شبه مستمرة في مدن البصرة، بغداد، النجف، كربلاء، السماوة، الحلة، الناصرية، الكوت، العمارة وديالى. وفي خضم هذه الاحتجاجات قام عمال سكك الحديد بالتظاهر وقطع الشوارع في مدينة بغداد قبل أسبوع للمطالبة بدفع رواتبهم. كما وقامت قطاعات من عمال الصناعة بالتظاهر يوم أمس، وتَعدّ أقسام كبيرة من العمال في هذا القطاع بتنظيم تظاهرة كبيرة خلال الأيام القليلة القادمة.
تعكس الاحتجاجات الحالية مدى غضب المواطنين من المعاناة التي يعيشونها في ظل حكم الأحزاب والقوى البرجوازية الاسلامية والقومية وفسادها الفاضح وفشلها الذريع في توفير أبسط الخدمات للمواطنين، مثل الكهرباء في أجواء العراق الشديدة الحرارة في الصيف. إنها ليست المرة الأولى التي يقوم فيها المواطنون بالاحتجاجات والتظاهرات، وخاصة أثناء الصيف من كل عام، غير أن هذه المرة تختلف عن سابقاتها لأنها تجري في ظروف سياسية مختلفة، وحيث أوضاع الأزمة المالية وسياسة التقشف الحكومية تضع بثقلها المدمر على قطاعات واسعة من المواطنين. هذا، ولأنها تجري وسط فقدان ثقة الناس بتحسين حياتهم وظروف معيشتهم في ظل هذه القوى وهذا النظام القائم، ووسط استياء وتذمر الناس من الانتظار الطويل لوضع حدّ للفساد الهائل المتفشي في كل أجهزة الحكومة ومؤسساتها التي تتحكم بها هذه القوى.
تعيش السلطات الحاكمة في أزمة عميقة ومتفاقمة، فليس لديها حل، لا للمشاكل والمعاناة التي تواجهها الجماهير، ولا لتناقضات النظام السياسي القائم. إن ما يجري في العراق هو أزمة حكم عميقة لقوى الاسلام السياسي، فموجة الاحتجاجات الجماهيرية والعمالية ظاهرة وردة فعل آنية للجماهير للتدخل والتعامل مع هذه الأزمة الواسعة والعميقة من زاوية مصالحها المستقلة ولكسب حقوقها ومطالبها. آخذين مجمل ذلك بنظر الاعتبار، نرى أن الجماهيرلم تعد متوهمة بالوعود التي تعطيها السلطات والقوى الحاكمة ولم تعد الايديولوجيا وخلق الأوهام الطائفية، التي تستغلها هذه القوى، مؤثرة في اسكات الجماهير.
لقد بدأت هذه الحركة بمطالب توفير الخدمات من نمط توفير الكهرباء ومحاكمة المفسدين غير انها تحولت بسرعة الى صب جام غضب المتظاهرين على مجمل الأحزاب الحاكمة والنظام السياسي القائم. كلما تتوسع دائرة هذه الاحتجاجات وتنضم اليها فئات من الطبقة العاملة والكادحين والعاطلين عن العمل ودعاة الحرية وتتعمق راديكاليتها الاجتماعية كلما تتوفر الأرضية لتقوية الحركة وتقدمها المطرد. هذا، وإن التحرك الجماهيري الحالي اتخذ ومنذ البداية طابعاً سياسياً بتصديه للقوى الحاكمة وفسادها المقاوم للحل. ففي خضم مسار سياسي حساس يمر به العراق حيث يتصاعد فيه دور الميليشيات والاستبداد السياسي الحكومي فان هذا التحرك الجماهيري العارم ضربة قوية لأية محاولات لتجسيد هذا الاستبداد وخنق الحرية السياسية في البلاد.
إن تسليح هذه الحركة الاحتجاجية بسياسات وآفاق تحقق استقلاليتها وتأمين أوثق الارتباط بينها وبين الحركة العمالية وآفاقها الاجتماعية والسياسية التحررية ومطالبها الاقتصادية سيخلق الأرضية لتقدم الحركة نحو الأمام وكسب أهدافها ومطالبها. وبهذا الصدد، إنه أمر غاية في الأهمية أن تتمكن الحركة من مواجهة النظام السياسي القائم بشكل حازم اذ انه الممثل لمصالح الطبقة البرجوازية المضادة لمصالح الجماهير المحرومة والكادحة، ومصدر معاناة الجماهير.
إننا في الحزب الشيوعي العمالي العراقي نناضل جنبا الى جنب الجماهير المحتجة في أنحاء العراق، وسنعمل بكل قوة لانتصار هذه الحركة الاحتجاجية وتقويتها وكسب مطالبها العادلة. كما وفي الوقت نفسه نناضل ونعمل من أجل أن تتقدم الحركة وتتخذ أشكالاً تنظيمية تجسد ارادة الجماهير الثورية المحتجة، ونعمل من أجل أن يتجسد أوثق الارتباط مع الحركة العمالية في كلّ القطاعات في العراق. إن أي نجاح تحرزه هذه الحركة الاحتجاجية يفتح الأبواب أمام تحقيق مطالبها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ويفتح الآفاق أمام التقدم الاجتماعي وتحقيق ارادة الطبقة العاملة والجماهير الثورية .
الحزب الشيوعي العمالي العراقي4 آب 2015