اخيرا تم القاء القبض على قتلة هشام الهاشمي بعد اكثر من سنة، وتم عرض اعترافات احد المسؤولين عن عملية الاغتيال، من خلال تلك العملية وعدد المشاركين فيها و كمية الصور الفيديوات التي تصورعملية الاغتيال، والتي تضع تساؤلات، لماذا هذه المدة الطويلة التي اخذتها الجهات الرسمية لمعرفة والقاء القبض على الجناة، مع انه الكل كان يعرف الجناة ومن هم الذين وراء تلك العملية.
من حق اي شخص ان يطرح تلك التسائلات، و يطرح تسائل لماذا تم الكشف عنها في هذا الوقت بذات؟ هل لان الجهات المسؤولة لم تكن تعرف!!! وانها اكتشفت الجناة الان.للاجابة على ذلك السؤال يجب معرفة الوقت الذي تم فيه الكشف عن الجناة او ما يقال انهم الجناة في وقت تغلي فيها الاوضاع في العراق وخاصة في الناصرية، اثر حادثة مقتل وجرح العشرات من مرضى مستشفى الحسين التعليمي في الناصرية، تلك الجريمة التي لا تعبر الا عن استهتار ولا مبالات حكومة بغداد وعلى راسها رئيس الوزراء الكاظمي، والفساة السياسي والمالي الذي تعيش فيها العملية السياسية بالكامل.
ان اختيار الوقت الحاضر للكشف عن قتلة الهاشمي هو لهدف تحويل نظر المجتمع في العراق عن ما حدث في الناصرية وهذا شيء تعودت عليه الحكومات العراقية وبذات حكومة الكاظمي التي عملت نفس الشيء في المظاهرات الاخيرة والتي عملت على القاء القبض على قاسم مصلح لاتهامة بقتل متظاهرين، وكانما لم تكن تعرف ذلك وتم اطلاق سراحة بعد ذلك نتيجة ضغط الميليشيات الحاكمة الفعلية في العراق او تحت ضغط ايران او لخفوت المظاهرات وانتفاء الحاجة من تلك التمثيلية.
ان عرض العملية بهذا الشكل وتقديم القتلة الى العدالة فيها اشكاليات كثيرة، اولها اين باقي المتهميين لماذا لم يتم عرض اعترافاتهم؟ ما هي الجهات التي كانت خلف عملية الاغتيال؟ لانه من المعروف هناك جهة سياسية وراء كل عمليات الاغتيال تلك وكل العمليات الاخرى ضد المتظاهريين وفعالي تلك التظاهرات، كل تلك المسائل تضع تلك العملية تحت شك كبير وتشكك بجدية الموضوع كله، وليس غريبا ان وجدنا او سمعنا ان المعترف الاول هرب الى الخارج العراق وبذات ايران.
ان سياسة تحويل نظر المجتمع عن مشاكله الاساسية هي احدى السياسات البرجوازية لمواجهة ازماتها، مثلها كمثل التصريحات الاخيرة لمقتدى الصدر عن انسحابه من الانتخابات، تلك التصريحات التي جاءت عقب احداث الناصرية وتراجع شعبيته بشكل كبير جدا، وسياسات البعثية منها في فترة السبعينات موضوعة عدنان القيسي حيث كان المجتمع غارق في مباريات ذلك المصارع في وقت كانت الاغتيلات والتصفيات السياسية على اكبر مدياتها في العراق. تلك السياسة تتبعها الحكومات والقوى البرجوازية في كل لحظة بذكاء ودهاء منقطع النضير.
الصراحة لقد نجح الكاظمي في تجاوز اكثر من ازمة بهذا الاسلوب، لكن هل يمكنه الاستمرار بذلك، في بلد يعاني من ازمات كبيرة منها البطالة التي تعصف بشباب هذا البلد وانعدام ابسط الخدمات من كهرباء وماء وتعليم متهالك يقوده الجهلة والاميين من ازلام الاحزاب السياسية الحاكمة ومباركة المراجع الدينية في قم والنجف، وانعدام الامن والامان وعمليات التهجير و القتل السياسي منها والطائفي و الفساد السياسي والمالي الذي يعصف بالعراق، امام كل هذه المشاكل، لا يمكن الاستمرار باسلوب الكذب والاعمال الهوليودية التي يتبعها الكاظمي لتجاوزها.
ان المشاكل التي تواجهها الحكومة في العراق كبيرة، وتحتاج الى حكومة قوية تمتلك الارادة والقوة على مواجهة الاحزاب الحاكمة و مليشاتها الحاكم الفعلي في العراق، وان اي شخص يتصور ان حكومة جاءت من رحم تلك العملية السياسية ومباركة القوى السياسية الحاكمة باحزابها ومليشياتها و تلك الاطراف الامريكية منها والايرانية، المسؤولة عن ذلك الخراب الذي يشهده العراق، ان تجد حلول للاوضاع الكارثية في العراق،انما هو تصور ممزوج بالسذاجة والغباء وتحميق الذات.