الأخبارالمقالاتعادل احمد

مفهوم الإرهاب في سوريا!

عادل احمد

ان سقوط النظام في سوريا على يد القوى الاسلامية مثل جبهة النصرة  والمتحالفين معها المدعومين دوليا، يعكس تغيرالتوازنات السياسية في منطقة الشرق الاوسط بعد الإبادة الجماعية والدمار في غزة ولبنان واضعاف إيران من قبل إسرائيل وامريكا. وان هذه التغير في توازن القوى سيؤدي الى التغير في كل المفاهيم والمواقف السياسية السابقة المعتادة. الحكومة المعترف بها دوليا بما فيه من قبل الامم المتحدة تعرف كقوة ارهابية والمعارضة الإرهابية تصبح مقاومة شرعية، وحتى تقدمية في عرف أمريكا والليبرالية الغربية.

ان مفهوم الجماعات والمنظمات والقوى الإرهابية يتم استخدامه وتعريفه حسب علاقة  تلك القوى بالغرب، إذا عملت لصالح الغرب وتحقيق مطالبه، يتم تعريفها بالمعارضة وإذا وقفت بالضد من مصالح و مطالب الغرب فإنها إرهابية ويجب سحقها وما الى ذلك… ان القاعدة وجبهة النصرة واحرار الشام كانت في قائمة الجماعات الإرهابية وبين ليلة وضحاها اصبحت هي المعارضة المعتدلة ويتم مقابلة زعيمها، أبو محمد الجولاني في أكبر القنوات الإعلامية الامريكية وتسميته باسمه الحقيقي.

وهذا صحيح أيضا بالنسبة لروسيا والمتحالفين معها في افغانستان، فان حركة طالبان الأفغانية كانت حركة إرهابية عندما كانت تعمل لصالح الغرب و بالضد من المصالح الروسية ولكن بعد استلامها السلطة مرة أخرى في عام ٢٠٢١ أصبحت هي السلطة الشرعية ويتم التعامل معها كحكومة شرعية لأفغانستان من قبل الدولة الروسية. وحكومة بشار الأسد بعد كل المجازر والقمع الوحشي للمواطنين في سوريا، اعتبرتها روسيا والصين وبعض الدول العربية، الحكومة الشرعية لسوريا. وكذلك بالنسبة للمسلحين في قسد في شرق سوريا، اذ يعتبرون  مقاتلين في سبيل الحرية من قبل أمريكا والغرب، بينما تعتبرهم تركيا إرهابيين، ويتم تعريفهم من قبل سوريا وروسيا بشكل اخر أي ان القسد لا هي عدوا ولا صديقا ويمكن التعامل معها بحذر..

ان تعريف الإرهاب والجماعات الإرهابية من قبل جميع اجنحة الطبقة البرجوازية العالمية يكون حسب المصالح، وليس حسب الاعمال الإرهابية التي ترتكبها ضد المواطنين الأبرياء او اعمال القتل والتنكيل الوحشي امام انظار العالم لترهيب الجماهير.. وهذا يدل على أي مستوى وصلت الطبقة البرجوازية العالمية بحضاراتها وليبراليتها وتقدمها التكنولوجي من انحطاط والى أي طريق مسدود وصل تقدم البشرية في ظل النظام الرأسمالي الحالي.

وبناءً على هذه الحقائق عن ازدواجية المعايير وطريقة استخدام المفاهيم والمصطلحات واتخاذ المواقف السياسية من قبل جميع اطراف الطبقة البرجوازية، يتوجب علينا فضح كل ما في جعبة الغرب وامريكا وروسيا من تضليل للأمور والحقائق انطلاقاً من مصالحهم السياسية.. وان الحقائق تظهر لدى الجماهير نفسها عندما تتم مشاهدتها على ارض الواقع، ومن خلال المأساة والمعاناة بشواهد واثباتات ويتم تداولها فيما بينهم عن طريق شبكات التواصل الاجتماعية. ان انشاء المنصات لكشف الحقائق لا يمكن الا ان تكون تنفسا للطبقات المسحوقة والمحرومة في المجتمع، والتي لها النصيب الأكبر من كل تلك المعاناة والمصائب التي تخلقها القوى البرجوازية .. ان رؤية العالم بشكله الحقيقي والواقعي والصراعات السياسية والاقتصادية المتصاعدة برعبها وشؤمها يجب ان يكون بمنظار النضال الطبقي في المجتمع، ومن خلال هذا المنظار يمكن رؤية الدقائق المجهرية التي توصلنا الى كل خيوط وتفاصيل صراعات المجتمع. ان النظر من خلال منظار النضال الطبقي لاثبات الحقائق لدى الجماهير وازالة الغبار والتضليل الإعلامي عن كل تحركات الدول والمنظمات والوسائل الاعلامية والمؤسسات المالية والمؤسسات التربوية والمنظمات الجماهيرية الصفراء التي تخدم مصالح الدول البرجوازية.

من خلال ما يحدث في سوريا يمكن رؤية جميع اللاعبين السياسيين من نظام بشار الاسد والنصرة والقوى الاسلامية الاخرى والقسد ووؤية الدول من روسيا وامريكا والغرب وتركيا وإيران وإسرائيل والدول العربية بصورتها الحقيقية والواقعية. ان جميع هؤلاء اللاعبين يمكن تتبع خيوط مصالحهم وأهدافهم بسهولة.

ويمكن رؤية قربها وبعدها عن مصالح جماهير الطبقة العاملة والجماهير الكادحة في المجتمع. أي يمكن عن طريق سياساتهم قياس مدى تمثيلهم لمصالح الجماهير المحرومة.. اليوم وحسب هذا المعيار فان جميع اللاعبين لا يعيرون أي اهتمام بمصير الطبقات المحرومة و بمعاناة ومأسي الجماهير وانما جميعيهم مشاركين في تفاقم الأوضاع والتنصل عن تلبية أدنى حاجة من حاجات الجماهير في سوريا. يجب ان ننزع جميع الأقنعة عن هذه القوى من اسلامية وقومية و”ديمقراطية’” وليبرالية حتى يتسنى  للجماهيران ترى الأوضاع بشكلها الطبيعي والواقعي.. علينا ان لا نكون تجريبيين حتى يتسنى التعرف على الوقائع وانما باستخدام الرؤية الطبقية يمكن ان توضيح الصورة الحقيقية.. ان حل الاوضاع  الحالية لا يتم الا عن طريق ثورة الجياع ثورة الطبقة العاملة وقلب هذا العالم الكئيب والمليء بالمآسي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى