عادل احمد
لم يكن في أي وقت من الأوقات، إن عموم جماهير العراق تقف مستاءٌ في الجانب الآخر من الخندق امام السلطة سواء في كردستان بالضد من الأحزاب القومية او في باقي مناطق العراق بالضد من الأحزاب الإسلامية الشيعية والسنية ومليشياتها … حان الوقت لحسم الأمور لصالح الجماهير المحرومة وخاصة اليوم الذي يمر فيه العراق إلى مرحلة الاستعداد للانتخابات في شهر أكتوبر القادم.
ان هناك حركة قوية في المجتمع لمقاطعة الانتخابات القادمة، أقوى وأوسع من المقاطعات السابقة وخاصة بعد احداث انتفاضة أكتوبر وتضحياتها وكذلك رد فعل الجماهير بالضد من القتل السلطة الوحشي للمتظاهرين وعملية الاغتيالات وتعذيب فعالي وناشطي الاحتجاجات الجماهيرية. ان عامل اندلاع الانتفاضة قد غير المعادلات السابقة وأدى الى تعرية كل السياسات الأحزاب والمليشيات الحاكمة وأفعالها الوحشية وكذلك سحب البساط من تحت اقدام الطبقة الحاكمة و ولائها المطلق لإيران او لأمريكا، وبينت جوهر سياساتهم ومعاداتهم للجماهير العمالية والكادحة والمحرومة في المجتمع العراقي. وفي كردستان ظهرت أيضا حركة احتجاجية قوية وتظاهرات بالضد من السلطات الحاكمة المتمثلة بعائلة الطالباني وعائلة البارزاني وأعوانهما… وفي كل احتجاج جماهيري حول أية مسألة معينة تنظر الجماهير الى السلطة القومية الحاكمة، نظرة رفض وتنهض لكنسها من حياتها.
ان تنظيم هذه الحركة الاحتجاجية وخاصة في ظل المقاطعة الانتخابات سيكون مصيريا هذه المرة، ولهذا يتطلب الجهد والعمل المعين والعمل الجدي من اجل تقدم جبهة الجماهير بوجه السلطات المتعفنة والفاسدة والقاتلة. ان اول ما يتبادر في الذهن هو كيفية ونوع العمل من اليوم والى يوم الانتخابات، أي العمل على تعميق و توسيع جبهة المقاطعة وتنظيمها تنظيما جماهيريا وقويا ومؤثرا بحيث يترك بصماته على الأوضاع ما بعد الانتخابات…
ان تشكيل نواة لجمع الاصوات المقاطعة للانتخابات قد يبدو ضروريا ان يبدأ من اليوم، وضروري ان تتجمع وان تتحد جميع عناصر المقاطعة في تشكيلة جماهيرية واحدة وتحت شعار واحد وان تشمل جميع ميادين الحياة. وان هذا السقف وهذه المظلة هي حركة المقاطعة باسم وشعار معين وتتمحور الدعاية والتحريض حول هذه المسألة وان تستخدم جميع شبكات التواصل الاجتماعية لهذا الغرض وان تنخرط فيه الفئات الشبابية التي سحقت حياتها تحت سلطة هذه المليشيات الطائفية والقومية… مثل حركة ” كفاية ” في مصر قبل الثورة المصرية والتي لعبت دورا مميزا لاندلاع الثورة وسقوط حكومة مبارك.
ان تنظيم حركة مقاطعة الانتخابات تحت شعار معين وتنظيمها مثل شعار ” كفى وبعد ” او أي شعار اخر للمقاطعة ان يكون شعار عمومي وان يكون شعار جميع اصوات المعترضين للوضع القائم وان يكون واسعا ومنتشراً اجتماعيا. ان هذه الحركة ستكون بلا شك، قد وضعت جميع المشاركين في ما يسمى بالعملية السياسية في خانة الأعداء لمصالح الجماهير المحرومة وتقوي جبهة المحرومين لإنهاء الأوضاع المأساوية للجماهير في العراق. ويتطلب هذا النمط من العمل نواة جدية ومنتظمة وعلى الناشطين وفعالي حركة المقاطعة ان يتحدوا وان ينخرطوا بجدية وان يشكلوا نواتها. ان المدة الزمنية من اليوم والى يوم الانتخابات تقريبا أربعة اشهر، ولهذا يكون لدينا وقتا كافيا لتعبئة الجماهير نحو المقاطعة ونحو فضح جميع القوى المنخرطة في السلطة السياسية بأوسع اشكالها…
باعتقادي، اذا استطاعت حركة المقاطعة ان تنظم نفسها وتتحد اكثر، بإمكانها ان تمد يدها الى مسائل أخرى اكثر ضرورية لإنهاء معاناة الجماهير المحرومة من الفقر والجوع والبطالة وانعدام الحريات … أي تمتد حركة نحو النضال الجماهيري والطبقي الصريح. وهذا ليس سهلا ولكن ممكنا. عندما تتجذر الروح الثورية في المجتمع. وان عملية المقاطعة وحركتها تكون احد الميادين الآنية ولهذا تنظيمها سيكون بمثابة تنظيم المجتمع نحو الخطوات القادمة لتحقيق مطالبات الجماهيرية المحقة. واليوم تقوية حركة المقاطعة هي مهمة الثوريين والتحرريين ودعاة المساوات والحرية وان تنظيمها تنظيما قويا و منسجما يتطلب جهدا عمليا وبطوليا وجديا ولهذا علينا ان ننخرط جميعا في هذه المرحلة بقدر أوسع وان نكثف جهدنا وقوتنا من اجل تحقيق هذه المهمة التاريخية.
ان تشكيل نواة هذه المهمة هي احد مهامنا الرئيسة في هذه المرحلة ونحن على اعتاب الانتخابات القادمة وتتحدث جميع القوى البرجوازية عن ضرورة مشاركة الجماهير في الانتخابات، ويتحدثون عن كيفية تحريض الجماهير عن طريق وعودها الكاذبة نحو صناديق الانتخابات وتظليل الجماهير بحجج ودلائل واهية وكاذبة لكسب أصواتهم وتكرار عملية انتخاباتهم والاستحواذ اكثر الى ثروة ومقدرة المجتمع عن طريق قوة مليشياتهم … واليوم وبعد تجارب الجماهير مع كل هذه القوى وانتخاباتهم والتي لم يكن نصيبهم بغير الإضلال والفقر المدقع والقتل والاغتيالات والبطالة المليونية وسرقة المليارات من الأموال العامة والفساد المنتشر في جميع نواحي الحياة ، سيكون مقاطعة مصيرية ، اما استمرار الأوضاع نحو الأسؤ او تغير الأوضاع لصالح الجماهير المحرومة والكادحة إنهاء سلطتهم القمعية.
ان خطواتنا العملية والفورية لمقاطعة الانتخابات تحتاج الى تهيئة الأرضية المناسبة لجمع وتنظيم الأصوات المقاطعة وهذا ما يتطلب منا تشكيل نواتها من اليوم وان تكون رؤيتنا واضحة من اجل نهوض جماهير العمال والكادحين والمحرومين لاسترجاع ارادتهم المسلوبة من اجل بناء عالم أفضل .