الأخبارالمقالاتريبوار احمد
أخر الأخبار

من تعدد الزوجات الى التطاول الجنسي على الأطفال

ريبوار أحمد

في أي مجتمع، تكون التيارات الإسلامية في السلطة، أو حتى ان يكون لها ثقل في المعادلة السياسية، فإن أول ضحايا حكمها هم النساء. ان إيران والسعودية وأفغانستان و… هي نماذج على ذلك. لإنه من زاوية التصورات ألإسلامية، المرأة بلاء ومصيبة ومصدر الفساد وناموس وشرف الرجل، والناموس والشرف الذي یقصدونە هو فرج المرأة. ولهذا، فان الجماعات والتيارات الإسلامية تفكر بكيفية وضع القيود على جميع أصعدة حياة المرأة وتكبيل أياديهن. إذ تعتبر حرية المرأة مصدر فساد وتحلل، ولهذا، كلما يأتي الحديث عن حقوق المراة وحريتها، يتصاعد زعيق هذه الجماعات وضجيجها وصخبها: يا إلهي، لقد حلّ الفساد! تتذكر دوماً ان هذه هي سبب الفساد وجلب العار. ولهذا يلفوهن بالعباءة والحجاب وغطاء البدن، كي لا يرى شخص غير مُحرم شرفهن. فوفق تصور هؤلاء، المرأة هي أداة لتلبية الهوس الجنسي للرجل وإنجاب الأطفال وجزء من مُلك الرجل وممتلكاته.

وقام أسلافهم في حرب الفتوحات، بغنيمة النساء، كغنيمة الأملاك والثروات والحيوانات، وجُعِلنَ عبيداً وتم إستغلالهن بوصفهن أدوات لتلبية الحاجات الجنسية للفاتحين. وفي لحظة مقتل آباء النساء وأخوانهن وأزواجهن، وغنيمتهن، غدون مادة للتطاول الجنسي على أيدي قتلة ابائهن وإخوانهن وأزواجهن!

ان هذه النظرة للمرأة هي من بقايا النزعة البدوية المتخلفة للجزيرة العربية ما قبل الإسلام، وعمّدها الإسلام بماء بركته وجعلها حلالاً ومقدَّسة. وبوصفها حركات سياسية برجوازية تمثل أقصى درجات الرجعية للعالم المعاصر. وجدت الحركة الإسلامية مكانة في ظل أنظمة مثل السعودية وإيران، وعبر صرف مبالغ هائلة وصناعة الدين وغسل الأدمغة والارهاب الأعمى. وان هذه الحركة هي من فرضت وربّت هذه التقاليد الرجعية. إذ لا يكفي إرعاب الانسان بخرافة نار جهنم، ولا تصمد هذه الخرافة في إخضاع الإنسان المعاصر، ولهذا فإنهم ينشدون إرساء جهنم واقعي على الأرض لحرق البشر، ويفرضوا بهذا العنف قوانينهم وتقاليدهم المتهرئة على البشرية المعاصرة كي تنصاع لهم. وإلا فان يُعطى عدة نساء في وقت واحد لرجل واحد، وتحويلهن الى مادة لتلبية غاياته، وأن تُعتبر المرأة موضوع ومبعث عار ومنبع للفساد، وعليه، ينبغي تغطيتها واخفائها، لهو في قاموس الحياة المدنية، ومن منظور انساني يرى في المرأة إنسان، هو أمر يبعث على الإستهجان والاشمئزاز.

في الوقت الذي تبغي سلطة الإسلام السياسي الشيعي، ومع القوميين العرب والكرد، الدفع بهذا التقليد البغيض عبر قسر القانون، فان المجتمع في العراق يأن فريسة البؤس والحرمان، ورغم انه يطفو على بحار من النفط، فان مواطنيه بحاجة الى ساعات من الكهرباء وألتار من النفط لكي يتحملوا ويقاوموا برد شتائه وحرارة صيفه. ان أناس هذا المجتمع يحتاجون لخبزهم اليومي في الوقت الذي ينام على ذهب أسود. إنه مجتمع غارق في الثروات ويحتاج الى ماء صالح للشرب، وبيد الرجعية الاسلامية والقومية السلطة وهي من تقرر على الثروات الخيالية الموجودة على سطح الأرض وباطنها وسمائها.

وبدلاً من أن تفكر بتأمين أبسط متطلبات الحياة اليومية، في بحر من المصائب التي يعيشها الناس، فان ذهن هؤلاء السادة الذين يسموهم ممثلي الشعب، منهمكين بسن قوانين تروج لتعدد الزوجات والتطاول الجنسي على الأطفال. أية كلمة بوسعها ان تعبر عن محتوى هذه التفاهة والتخريب ان هذا يكفي للإشمئزار من تلك العملية المسماة بانتخاب ممثلي الشعب، وان أمثال هؤلاء من يشكلون البرلمان. وبدلاً من الإنهماك في أيجاد سبيل حل لمعاناة الناس، يريدون باسم ممثلي الشعب إغراق هؤلاء الناس بالفقر والجوع وفي مستنقع رجعي. يبغون جعل النساء عبيد عبيدهم. يريدون أن يعتاد هذا المجتمع على العبودية. يريدون أن يكون هؤلاء البائسون عبيداً ومالكي عبيد على السواء. ينشدون أن يغط المجتمع في فساد، ويحذفوا من أذهان المجتمع وتفكيره الأمل بالتغيير وأفق سعيد ومفعم بالفرح والانسانية.

أن ما هو أبشع وأكثر فظاعة هو الدعوة والسعي لجعل التجاوز الجنسي على الأطفال الفتيات قانوناً. ينوون إحياء تقليدهم الوحشي لما قبل 1500 عام للهجمة الجنسية على فتيات في التاسعة من العمر. يجعلون من فتيات في التاسعة من العمر، المنشغلات في الحياة ولعب الأطفال ولا يعرفن معنى الزواج والجنس، أدوات تلبية هوسهم الذكوري العديم من كل الأحاسيس الإنسانية. في الحقيقة ان هذا سلوك تتحفظ عليه الحيوانات. فأي حيوان ينشد الجنس أن يهجم على صغير حيوان في قطيعه لم يبلغ بعد العمر اللازم لهذا الغرض؟! وفقاً لأكثر معايير الإنسان المعاصر أساسية وأكثر العلوم الإجتماعية المعاصرة أولية، ووفقاً لأكثر الأحاسيس والمشاعر الإنسانية المعاصرية أولية، فان مجمل أشكال مساعي الكبار لممارسة الجنس مع من هم أقل عمراً من (16) عام، حتى لو كان هناك ألف وثيقة قانونية تدعمه، وحتى لو تمت مباركته من قبل أحد، يعد تطاول وتجاوز حنسي فظيع. إنها لازالت طفلة، لازالت منهمكة بلعب الأطفال، لازالت تنفر من أية مسالة تتعلق بالجنس، لازالت مادة خام ينبغي ان تتعلم وتعرف عن العالم والحياة والجوانب المختلفة للحياة الاجتماعية.

كيف يمكن ان يقوم الكبار بعمل معها طالما لا تعرف ما هو، ناهيك عن إبداء رضاها وموافقتها أو رفضها؟! إن أبسط المعايير الإنسانية لممارسة الرجل للجنس مع المرأة، حتى ولو كانت زوجته، هو إنه يعتبر تجاوز جنسي إن تم دون موافقة المرأة. السؤال المطروح هنا هو كيف يتم نيل موافقة طفلة في التاسعة من العمر لهذا الأمر في الوقت الذي هي لازالت في سن الطفولة! إننا نتحدث عن طفلة في التاسعة من العمر، اي مر فقط 3 أعوام على إنهائها رياض الأطفال، ولازالت رائحة الحليب في فمها!

مع أي شعور وفهم إنساني يتناسب؟ تأمل ولو لحظة، كيف يمكن لطفلة في التاسعة من العمر أن تتحمل ممارسة الجنس مع الكبار؟! كيف تتحمل مخاضات الولادة؟! في الوقت الذي هي طفلة، كيف تتمكن من تحمل مهام ومسؤولية الأمومة ورعاية الأطفال؟! ناهيك عن ان العلم بيَّنَ ان الحمل المبكر له مخاطر صحية كبيرة على الأم (الطفلة الحامل) وعلى الجنين على السواء. ان هذه جريمة وحشية الى ابعد الحدود وكابوس لا يقع على الضحية فحسب، بل يدمر مجمل المجتمع ويحطمه. ان جريمة فظيعة مثل هذه في العالم المعاصر لا تأتي الى على أيدي الجماعات الإسلامية.

ان هذا ليس سوى جانب تشمئز له الأنفس من مجتمع يكون هذا نظام حكمه، يغط في الفساد والنهب والمصائب والمآسي. ان سن القوانين هذا من قبل حفنة من العصابات والمليشيات المتطرفة الرجعية واللصوصية والمنهمكة بالتهريب تبغي ان يغط هذا المجتمع في فساد وإنعدام حيلة وأن تكون مغلوبة على أمرها. ان ما يسموه بقانون تزويج البنات في التاسعة من العمر هو في الحقيقة هو أضفاء القانونية على التجاوز الجنسي على الأطفال. انه تجاوز جنسي في أبشع أشكاله وأعنفها، تجاوز تكون آثاره على شكل كابوس دائم لايبارح مخيلة وفكر الانسان.  

بالنسبة لطفلة في التاسعة من العمر تتعرض للتجاوز الجنسي، تبقى تعاني منه ومن كابوس داخلي فظيع. لحماية حياة أطفالنا وراحتهم، ينبغي لجم هذه البربرية التي يريدون إغراق المجتمع بها. من الضروري لجم مساعي هؤلاء المهووسين الذين يريدون جعل أطفالنا أداة لتلبية هوسهم الشيطاني. في الحقيقة ان هذا النوع من السلوك والتعامل لا يليق بطفل إنسانية معاصرة.  لا ينبغي لجم هذا المسعى وحسب، بل إحباطه وهدمه على رؤوس أصحابه و”مفكريه”. يستحق هذا الأمر ان ينهض المجتمع باكمله، جميع الذي يهمهم فلذات قلوبهم، وأن يَهِبْ ضده وينزلوا الناس للشوارع لتحطيم هذا المنظومة والقوانين والتقاليد البالية المنهمكة بجعل فلذات أكبادنا الترفين طعم هذا الهوس الإسلامي.

بدلاً من جعل الدين والمذهب والتقاليد القبلية لعشرات القرون أساساً للقانون، ينبغي أن يُصاغ دستور المجتمع وقوانينه على الأسس والمعايير العصرية والمتقدمة للإنسانية المعاصرة وتحقيق الحرية والمساواة والعدالة.   

19/8/2024

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى