مات دونالد رامسفيلد مهندس تدمير العراق قبل أيام بهدوء وبدون ضجيج إعلامي، كما يضج الإعلام عند موت أحد السياسيين الأمريكيين البارزين. كان رامسفيلد مهندس ومخطط الحرب في أفغانستان والعراق عندما شغل منصب وزير الدفاع في حكومة جورج بوش الابن. وان وقت موته يصادف أسبوع رحيل الجيش الأمريكي في أفغانستان وكذلك انقطاع شامل للكهرباء في العراق في ظل الحرارة الشديدة التي وصلت الى أكثر من خمسين درجة مئوية … ولم يستقر العراق وأفغانستان منذ ذلك الوقت وحتى اليوم.
عندما دقت طبول الحرب في العراق في بداية عام ٢٠٠٣، تحرك دونالد رامسفيلد عالميا بفبركة وإقناع العالم بان حكومة البعث و صدام حسين تهدد امن أمريكا والعالم ويجب إزاحتها بالقوة العسكرية وإقامة نظام ديمقراطي اكثر استقرارا واكثر امنا للمنطقة والعالم. وتحرك أيضا في أروقة صفوف ما يسمى بالمعارضة العراقية آنذاك من القوميين والإسلاميين والطائفيين في مؤتمر لندن لتحل مكان النظام البعثي الاستبدادي. وأبدتْ هذه المعارضة العراقية الموافقة على برنامج التخريب وتدمير العراق لرمسفيلد والتي لا زالت مستمرة لحد هذه اللحظة. وعندما سُئل عن سبب تهديد العراق ومن ثم احتلاله، قال كل هذا يأتي من أجل مصلحة الشعب العراقي أولا وتخلصه من الديكتاتورية البعثية وكذلك مصلحة العالم والمنطقة من شر وبلاء صدام حسين وجنونه القتالية… و ذهب ابعد من ذلك واراد ان يجر المجلس الأمن الدولي وراء هذه السياسة وفبركتها بقرارات اكثر اممية، ولكن وُجِهت بالفشل الذريع حتى من اقرب حلفائها المقربين فرنسا وكندا.
والان عندما نعود الى الوراء والى حجج وأسباب اندلاع الحرب ، نرى إنها واهية وكاذبة كل هذه الادعاءات والأقاويل والوعود قبل الحرب مع الواقع الحالي العراقي من استمرار المستنقع الدامي يوم بعد يوم وأصبح العراق جحيما لشعبه ورجع الى الوراء لأكثر من مئة عام سياسيا واقتصاديا واجتماعياً ولا توجد لغة بغير لغة القتل والاغتيالات و قوة المليشيات المسلحة ولا توجد أصلا أسس المجتمع المدني، وانتشار الفساد والنهب علنيا مع فخر أصحاب الفساد بما يقومون، ولا توجد ابسط مقومات الحياة ومنها كهرباء والتي حُرمت منه الجماهير في العراق ثلاث ارباع اليوم او اكثر من انقطاع الكهرباء طوال ١٨ سنة من بعد حرب بقيادة رامسفيلد و بوش والاحتلال العراق …
ان جميع معارضة الأمس والحاكمين اليوم، شركاء اصليين في تدمير العراق؛ مع المجرم رامسفيلد وبوش الابن وتوني بلير وجاك سترو في تحطيم دولة العراق وعدم استقرارها…واذا توجد محاكمة عادلة فيجب زج جميع هؤلاء في قفص واحد وإرسالها الى كوكب اخر لعدم تكرار ما حدث لجماهير العراق من الطبقة العاملة والجماهير الكادحة والمحرومين. ان أمثال رامسفيلد يجب ان لا يذكره التاريخ الا بتوصيف السفاحين ومصاصي الدماء وليس كسياسي مخضرم، وان ذكراه يجب ان تكون مخجلة وليس محل ثناء وأن يوصف بالجبان وليس بطلاً كما يتوهم بوش الأبن، وان يموت في قفص الزنازين وليس على فراش الملوك… وعليه ان يواجه زوارا من أطفال العراق الأبرياء يوميا في زنزانته كمسبب لآلامهم ومعاناتهم، حتى يصبحوا كبارا وان يرى ما يعانون منه بسبب سياساته الإجرامية من القتل وتدمير الجسور والأبنية والخدمات وجميع المحطات الكهرباء وصرف المياه الصحي و والمعاناة من الأمراض الفتاكة كالسرطانات المتعددة نتيجة استخدام أنواع واشكال الأسلحة والمواد الفتاكة في العراق… وان تكون زنزانته في العراق وان يواجه معاناة من ازمة الكهرباء كما يعاني المواطنون العراقيون من الحر الشديد وان يحرق كتابه (رامسفيلد) حول دفاعه عن احتلال العراق في البرد الشديد… وان يأكل ويشرب ما يأكله ويشربه العراقيون من الأكل الفاسد والمياه غير الصحية وان ينام على الأرض وان تكون غرفة زنزانته مغطاة بلوح من المعادن … وان يكون أصدقائه ومساعديه من السياسيين العراقيين من القوميين والطائفيين في الغرفة المجاورة له وبنفس الشروط كما أوصفناه وكما تعيش الجماهير المحرومة في العراق!
لقد مات رامسفيلد مجرم الحرب ومهندس تدمير العراق وهو لم يمثل امام محكمة عادلة ولكن يبقى في محكمة التاريخ كأحد ابطال تدمير العراق و جعله مسرحاً لألوان العذاب، ويبقى في ضمير كل إنسان حر وشريف كمجرم وحشي ولا توجد لديه ذرة إنسانية … ولكن شركاه في هذه العملية أمثال جورج بوش وتوني بلير وجاك سترو و كولن بأول ورايز وغيرهم وفي العراق الطالباني والبرزاني والحكيم والعامري والصدري والمالكي والكاظمي و غيرهم من الطبقة الحاكمة الحالية ان لا يموت على فراش الملوك وانما في السجون والزنازين العراقية. واليوم نحن على اعتاب ما يسمى بالانتخابات في شهر أكتوبر في العراق وعلينا بدل المشاركة في الانتخابات ان نقاطع هذه الانتخابات وان نجمع قوانا وان ننظم أنفسنا اكثر للمواجهة الشاملة ليس للمقاطعة وحسب وانما لكنس جميع هذه القوة عن طريق انتفاضة جماهيرية وبطريقة ثورية كبارا او صغارا نساء ورجالا شمالا وجنوبا … وهذا ما يتطلبه منا ان نجمع قوانا وان نوحد صفوفنا وان يكون نضالنا مخططا وواعيا وان نعرف اهدافنا بوضوح لكي لا يكون مجال ليخدعنا مرة أخرى احدا من نفس العائلة من طبقة الأغنياء وأصحاب الأملاك وان نتجاوز ما خربه رامسفيلد والسياسيين العراقيين الحاليين لبناء مجتمع يليق بالإنسانية المعاصرة… مات رامسفيلد والموت للرامسفيلدية وعملائها في العراق.