هدوء وأمان مدينة كركوك يأتي عبر النضال الموحّد لجماهير المدينة!
ما أن انتهت سياسة التعريب القومية في مدينة كركوك حتى استبدلت بالسياسة بعد غزو واحتلال العراق، إذ تم الاستئثار بالمناصب والامتيازات واستغلت الأحزاب قومية الكردية نفوذها لتنظيم عمليات السلب والنهب والفساد، وإغراق جماهير كركوك بالفقر والعوز، وإشاعة أجواء من الريبة والخوف في المدينة عبر غض الطرف عن عمليات الاختطاف والاغتيالات وسياسة الابتزاز التي كانت تمارس في المدينة لإدامة سلطتها، لتاتي بعدها أحداث 16 أكتوبر 2017 وهجمة الجيش والقوى المليشياتية الشيعية المختلفة والحشد الشعبي والفرقة الذهبية على مدينة كركوك وفرض سلطة عسكرية وميلشياتيه على المدينة، دخل الوضع السياسي والأمني للمدينة مرحلة أخرى من الصراع بين الحكومة العراقية وأحزاب الإسلام السياسي الشيعي والأحزاب القومية الكردية. فمن جهة فرضت الحكومة العراقية محافظ بمعزل عن قرار الجماهير وحتى تخطياً لقوانين الحكومة نفسها على مدينة كركوك، وفرضت عدد من القرارات القومية والرجعية وشرعت بتدمير بيوت في مناطق ومحلات يسكن في غالبيتها ناطقين بالكردية. كما شرعت بالاستيلاء على أراضي وزيرية للفلاحين في بعض القرى وإزاحة بعض المدراء والموظفين الناطقين بالكردية. وبهذه الطريقة، لم تحيي ــ بلباس آخر ــ سياسة التعريب والترحيل للنظام البعثي الفاشي فحسب، بل صعدت من التمييز والتأليب القومي والشوفيني. من جهة أخرى، وكجزء من الصراع حول المناصب من أجل الحفاظ على مكانتهم في هذه المدينة، تسعى الأحزاب القومية الكردية لوضع محافظ ناطق بالكردية تابع لاحزابهم كي يعيدوا بالأوضاع الى ما قبل 17 تشرين الأول، ويعيدوا مرة أخرى مؤسساتهما وقواهما المسلحة والأمنية الى المدينة، ويكسبوا المنافسة القومية في كركوك. وفضلا على ذلك فأن الحكومة المحلية الحالية تمارس سياسة التمييز المناطقي ضد جماهير كركوك، وتحرم أغلبية سكانها من فرص العمل وسبل العيش، وتحصر الوظائف والامتيازات في شريحة معينة تنتمي الى بقعة جغرافية وعشائرية ينتمي إليها محافظ كركوك وحاشيته.
إن أوضاع مثل هذه ستضع دون شك حياة ساكني هذه المدينة ومعيشتهم وسلامتهم عرضة لمخاطر ومصائب مستمرة ومفجعة. ونظراً للاختلافات اللغوية والدينية، فإنَّها مصيبة تجعل مجمل جماهير المدينة هدفاً لها.
لقد كانت جماهير كركوك دوماً ضحية سجل من القمع والهجمات الحكومات المتعاقبة للعراق والسياسات غير المسؤولة للأحزاب البرجوازية القومية الكردية وتلاعبهم بمصير جماهير هذه المدينة، كي يحققوا عبر هذا مصالحهم ويستولوا على السلطة وثروات هذه المدينة. ولهذا ينبغي ألا تنطلي عليكم الوعود الكاذبة تحت عنوان “تطبيع وضع كركوك” لأن هذه الأطراف بينت بالتجربة إنها هي نفسها وقواها المسلحة مصدراً وسبباً لانعدام الأمان وسببا للحروب القومية والقمع والتطاول على الممتلكات والحياة اليومية للجماهير، فهي لا تريد وليس بوسعها إبقاء قاطني المدينة في وضعية هادئة وآمنة ومتعايشة.
على العكس من ذلك، فإن استعادة وضع آمن في هذه المدينة مرهون كخطوة أولى بطرد ولجم القوى القمعية للحكومة العراقية والقوى المليشياتية لكل حزب قومي وإسلامي. وتجاه هذا الوضع الملغوم بالمخاطر أو أي احتمال غير مرغوب فيه، على جماهير مدينة كركوك أن يتمعنوا بوعي بحياتهم وبسجل هذه القوى والأطراف، وتقف بهذا السياق بكل قواها بوجه تعامل الحكومة العراقية والسياسة الرجعية لأحزاب الإسلام السياسي الشيعي والسياسات القومية للاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني وان لا تفسح المجال لمصيبة ومأساة أخرى تحل عليهم.
يعلن كلا الحزبان الشيوعي العمالي في كردستان والعراق بأنَّ إبعاد أي شكل من أشكال المخاطر عن هذه المدينة وتطبيع حياة قاطنيها يمكن تحقيقه عبر الاتحاد ودخول الميدان بالنضال الموحَّد لجماهير المدينة وابتعادها عن الروحية القومية والتعصب الديني. ولهذا على جماهير المدينة أن تفصل صفها ومصالحها عن صف الأحزاب القومية والطائفية ومصالحهم ويحلّوا في الميدان موحدين حول النقاط أدناه، وينتزعوا مصيرهم ومدينتهم خطوة خطوة من تلك القوى:
1/حضر أي شكل من أشكال المعالم المسلحة في المدينة، يتم حضر وجود أية قوة مسلحة ومليشيا حزبية سواء تابعة للحكومة العراقية أم للأحزاب والجماعات القومية والإسلامية.
2/ إن المحافظ بالوكالة، (راكان الجبوري)، هو محافظ تم فرضه، ولا يتمتع بأية مشروعية، وينبغي إزاحته.
3/ ينبغي إيقاف العمل وإلغاء جميع القرارات التي أصدرها المحافظ المفروض على المدينة والمناهض لحرية ومعيشة جماهير المدينة التي غدت مادة للفصل والمنافسة القومية.
4/ تحسين حياة ومعيشة قاطني المدينة وخدماتها عبر إنفاق بعض العائدات النفطية للمدينة.
5/ تأمين حرية النشاط السياسي لجميع الأطراف وتأمين حرية السكن والتعامل مع أملاك وممتلكات جميع قاطني المدينة بغض النظر عن القومية والدين.
6/ يُحضر أي سلوك أو خطاب يدفع بالمنافسة القومية والدينية والاثنية ويتناقض مع حياة التعايش وروح المواطنة في هذه المدينة، وينبغي التعامل معها كجريمة، وينبغي على كل من يقوم بذلك سواء كأفراد أم أطراف أن يكون تحت طائلة القضاء.
بهدف إنهاء الأجواء العسكرتارية والقمعية ولإبعاد أية مخاطر تهدد من الآن حياة الجماهير ومعيشتها، يدعو الحزب الشيوعي العمالي العراقي والكردستاني كل جماهير مدينة كركوك الى أن تلتف حول هذه المطالب وتوحد نضالها حولها، وتقتحم بصفها الموحد الميدان. يحيل كلا الحزبان إدارة هذه المدينة الى إدارة مؤقتة من قبل الممثلين المنتخبين للجماهير، وتضع على عاتقها إدارة ومسؤولية صيانة الوضع الأمني وتامين الخدمات. يعتبرا الحزبان أن هذا سبيل حل مناسب لحين حل قضية هذه المدينة في إطار حسم قضية الكرد على صعيد العراق. إن التوافق والنضال المشترك لقاطني هذه المدينة ووحدة النضال الطبقي للعمال والكادحين والابتعاد عن التعصب والحقد القومي والطائفي، وبهوية إنسانية، بوسعه دون شك أن يصون الأمان الاجتماعي والأسس المدنية. وان هذا بوسعه أن يكون أساس كسب تضامن ودعم جماهير العمال والكادحين في عموم العراق لقاطني هذه المدينة.
الحزب الشيوعي العمالي العراقي
الحزب الشيوعي العمالي الكردستاني
نهاية حزيران 2023