الأخبارالمقالاتبيانات و وثائق الحزب
أخر الأخبار

وحدة الطبقة العاملة هي السبيل لإنهاء الحرب والعسكرتارية والفقر

بيان الحزب الشيوعي العمالي العراقي بمناسبة الأول من أيار يوم التضامن الاممي للطبقة العاملة

بعد أيام قليلة، يحلّ علينا الأول من أيار، يوم التضامن الطبقي للعمال في مواجهة رأس المال، اليوم الذي تتعطل فيه وتفشل كل أدوات الدعاية والأيديولوجيا والسياسة البرجوازية في تقسيم البشر على أسس القومية، والدين، والطائفة، والجنس، والعرق.

إنه اليوم الذي تتجلى فيه مجدداً حقيقة ما قاله ماركس: بأن هناك طبقة تمثل الغالبية العظمى من المجتمع البشري، تعمل وتنتج، ومع ذلك يزداد فقرها وبؤسها وحرمانها. في المقابل، هناك طبقة طفيلية – الطبقة البرجوازية – تمثل أقلية ضئيلة تستحوذ على ثمار ونتاج عمل الطبقة العاملة، ويزداد ثراؤها كما تزداد معها وحشيتها وبربريتها. وحينما يتأزم نظامها الاقتصادي وتتناقص أرباحها، فإنها لا تغرق وحدها، بل تغرق العالم معها، وتدفع البشرية نحو الحروب، والاقتتال الداخلي، والتهجير، والتطهير العرقي والقومي، والتجارة بالبشر، ونشر الكراهية.

لقد حوّلت هذه الطبقة البرجوازية الطفيلية العالم إلى جحيم لا يُطاق. فالحرب التجارية التي أشعلتها الإدارة الأمريكية ضد الأنظمة الراسمالية المنافسة لها، زادت من اتساع رقعة الفقر، وألقت بأعباء اقتصادية إضافية على كاهل الطبقة العاملة، وساهمت في تغذية التيارات الفاشية، والنازية، والعنصرية في أنحاء العالم.

لقد أصبحت سمات هذا العصر هي الكراهية القومية، والجوع، والحرمان، والعوز، تترافق مع تكميم الأفواه، وقمع حرية التعبير، وإسكات كل صوت يناهض قباحة هذا النظام الرأسمالي، في عقر دار زعيق حول الديمقراطية وحقوق الانسان.

 وفي منطقتنا، الشرق الأوسط، يكشف النظام الرأسمالي، بشكل أكثر وضوحاً ودون أي مواربة، عن قباحته ووجهه اللاإنساني في غزة، حيث تسقط معه كل الشعارات الزائفة لحقوق الإنسان والديمقراطية. فالدولة الصهيونية، ذات الطابع النازي، تواصل القتل والإبادة الجماعية في غزة أمام مرأى ومسمع العالم، دون أن يردعها رادع.

وفي الوقت ذاته، تتكدس البوارج الحربية، وتتزايد التهديدات بإشعال حرب على إيران بذريعة مفاعلها النووي، فيما تتساقط يومياً، منذ ثلاثة أسابيع، الصواريخ والقنابل على اليمن، لتحصد أرواح العشرات من الأبرياء وتنشر الرعب في المنطقة. وفي خضم هذا، تزداد قوة عصابات الحوثيين، التي تبرر جرائمها ضد جماهير اليمن وبلطجتها السافرة تحت شعار زائف هو “نصرة الشعب الفلسطيني”.

وفي السودان، تتفاقم المجاعة وتشتد الحرب الأهلية، ساحقة جماهيره الكادحة، وسط صمت عالمي متواطئ.  كل هذه المآسي تكشف عن الجوهر الحقيقي للنظام الرأسمالي، وتُبرز تناقضه العميق مع تطلعات البشر إلى الحرية، والأمان، والرفاه، والسلام.

إن التحولات السياسية المتسارعة في المنطقة، بعد عملية حماس في السابع من أكتوبر ٢٠٢٣، وتغير موازين القوى الإقليمية، انعكست على العراق بمزيد من التدهور السياسي والاجتماعي. ففي ظل هذا المشهد، لم تجد الأحزاب الإسلامية وميليشياتها في السلطة السياسية سوى المزيد من التحريض المذهبي وسيلة للهروب من أزمتها الخانقة. إن تصاعد النعيق الطائفي من قبل هذه الأحزاب، ليس إلا تعبيراً صارخاً عن الإفلاس السياسي لهذه القوى، التي عجزت عن تقديم أي حلول حقيقية لمشاكل البطالة، وانهيار الخدمات، والفقر المتفشي. بل عمدت إلى توظيف الطائفية كأداة لإشغال الجماهير وصرفهم عن قضاياهم المعيشية الحقيقية، وتكريس سلطتها المنهارة. 

وعلى قدم وساق، وفي خضم هذه الأوضاع، تعمل حكومة السوداني البرجوازية بخطى حثيثة على ترسيخ نظامها الاقتصادي ودمجه في السوق الرأسمالية العالمية، وذلك من خلال القمع الممنهج، واستخدام أساليب وحشية لسحق الاحتجاجات الجماهيرية المطالبة برفع الأجور، وتوفير فرص العمل، وتحسين الظروف المعيشية التي تُعكّر صفو الاستثمارات الرأسمالية العالمية، كما حدث مع احتجاجات المهندسين، والمهن الصحية، والمعلمين.

وفي المقابل، تسعى هذه الحكومة إلى تشريع قوانين تُقيّد كافة أشكال التنظيم والحريات النقابية، خاصة في القطاع العام، وفرض اتحادات صفراء موالية لها على العمال، لقطع الطريق أمام أي صوت نقابي مستقل.

إن المجتمع الإنساني في الأول من أيار هذا العام، بحاجة أكثر من أي وقت مضى إلى دخول الطبقة العاملة إلى الميدان، وظهورها بهيبتها وقيافتها الطبقية، فهي وحدها القادرة، من خلال تقدمها وقيادتها للبشرية المتحضّرة، على الوقوف في وجه الغطرسة والعنجهية الإمبريالية العالمية ودولها التابعة، من أجل وقف حروبها، وإنهاء جميع أشكال الظلم الطبقي والسياسي والاجتماعي، وإحلال عالم تسوده المساواة والسلام. إنها الطبقة القادرة على إيقاف دولاب الدم في غزة والضفة الغربية، وإنهاء الظلم القومي عبر تحقيق حق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة.

في الأول من أيار هذا العام، نوجّه ندائنا إلى الطبقة العاملة في العراق، بأنها وحدها القادرة على إنهاء فساد وجرائم ونهب الطبقة البرجوازية الحاكمة، وهي القوة التي تستطيع تفكيك الميليشيات، وإحلال الأمن، والسلام الدائم، وبناء مجتمع تُعرَّف فيه هوية الإنسان بإنسانيته، لا بانتماءاته الطائفية أو القومية.

إن عالماً أفضل، خالياً من كل أشكال الظلم والاضطهاد، هو عالم ممكن، ولن يتحقق إلا بسواعد العمال وتنظيمهم النضالي الواعي.

عاش الأول من أيار

عاش التضامن الاممي للعمال

أيار 2025

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى