ينبغي حل مليشيا -الحشد الشعبي- وليس اضفاء القانونية عليها!
11/12/2016
اقر مجلس النواب سيء الصيت في جلسته المنعقدة يوم السبت المنصرم (26 اكتوبر 2016) قانون “الحشد الشعبي” اعتبر فيه الاخير قوة مسلحة رسمية وقانونية “الى جوار” الجيش النظامي والشرطة الاتحادية وغيرها. انها خطوة معادية للجماهير الى ابعد الحدود.
اعطى القانون الحشد الشعبي استقلالية شبه تامة في كل شيء و”اكتفى” في احد فقراته “بالتنسيق” مع القائد العام للقوات المسلحة!، اي قل اطلاق اليد اينما اقتضت مصالحهم ومصالح الجمهورية الاسلامية الايرانية، واناط بها مهمة “قمع اي حركة او تمرد او احتجاج في اي مكان في العراق فوراً”! اثمة رسالة قمعية اكثر من هذه؟! انها رسالة موجهة، وقبل داعش و”السنة” ومعارضي الجمهورية الاسلامية، الى الجماهير التحررية في العراق، الحركات الاحتجاجية للجماهيرالساعية للحرية والمساواة والرفاه، للعمال والكادحين والمحرومين، للمطالبين بتوفير الخدمات وتحسين ظروف المعيشة والحياة. ليس هذا بغريب، والكل يتذكر تصريحات العامري والخزعلي وغيرهم في وقتها تجاه الحركة الاحتجاجية الجماهيرية التي جرت في مدن العراق في الصيف المنصرم التي توعدوها بالنار والحديد.
يقدر مسؤولو هذه القوى المليشياتية باكثر من 140 الف مقاتل، تكون “الدولة” مسؤولة بشكل تام عن تمويلها ورواتبهةا واسلحتها وعتادها! اي يدفع المجتمع الذي ترسفه اغلبيته في الفقر المدقع والجوع والحرمان والبطالة ثمن وجود هذه المليشيا ورسالتها القمعية لهم!!.
ما تتطلع اليه الجماهير في العراق في الوقت الحالي هو الخلاص من عسكرة المجتمع والميليشات، الخلاص من داعش والحروب الطائفية والتفجيرات الارهابية، هو توفير الامان والرفاهية للمواطنين وخلق اجواء حرة لتطور النضال الطبقي والسياسي في المجتمع. فالخطوة الاولى لتحقيق هذه التطلعات هي كسر البناء الطائفي والقومي والمذهبي للنظام السياسي القائم في العراق وانهاء الميليشيات وحكمها، لا ترسيخه واصدار قانون الحشد الشعبي. فمع اصدار هذا القانون وضع البرلمان نفسه في مواجهه الجماهير وتطلعاتها، ليس هذا فحسب، بل اقدم على وضع المجتمع في منزلق دموي خطير، اذ ان هذا القانون هو قنونة عسكرة المجتمع واخضاعه لحكم الميليشيات لسنوات عديدة قادمة لا على صعيد وسط وجنوب العراق فحسب، بل على صعيد عموم العراق، في المناطق الغربية وفي كردستان.
ان سد الطريق على داعش والارهاببين، وعلى العكس مما تدعيه سلطات الاسلام السياسي ومهندسي هذا المشروع ، ليس عمل عسكري صرف ولا اعطاء الرسمية للميليشيات، انما هو التخلص بالاساس من هذه الاوهام وتوحيد صفوف نضال العمال والكادحين والجماهير التحررية، بمعزل عن القومية والدين والطائفة، لفرض ارادتها على تلك القوى.
ان اقرار القانون هو خطوة متوقعة في مسار معلوم سلفا. لقد اكدنا مرارا وتكراراً في حينها وحذرنا من مغبة تشكيل هذه القوة من الاساس والاوهام بها وبماهيتها واهدافها، وقلنا ان قرار تشكيل الحشد الشعبي، او بالاحرى قرار جمهورية الرعب والاعدامات ومصادرة الحريات في ايران والاحزاب الميليشياتية للاسلام السياسي الشيعي في العراق بالاساس، بحجة “محاربة داعش” ما هو الا كذبة سافرة. انها خطوة تستهدف تشكيل حزب اللـه جديد، باسدران وقوات البسيج جديدة. ولاتمت هذه الخطوة الا من حيث توقيتها الشكلي بداعش وتحرير مدن العراق و”حرائر العراق” من داعش. اذ ان توقيتها الاساسي هو النفق المظلم الذي مرت به العملية السياسية قبل داعش.
الاهداف الحقيقية المتوخاة من تشكيل الحشد الشعبي في وقتها هي تشكيل قوة مليشياتية طائفية جديدة تقوم بحشد القوى من اجل فرض نفسها، بالعنف والقوة والقسر واوهام “فدائيتها” و”تضحيتها” و”نكران ذاتها” من اجل العراق و”تحرير العراق من دنس داعش”، هذه الاوهام التي مضغتها جماهير واسعة توهماً، وبالتالي فرض نفسها بالنار والحديد كبديل للقوى والتيارات والاحزاب المليشياتية الطائفية الشيعية السيئة الصيت والممجوجة على صعيد المجتمع. كان الهدف منها تشكيل قوة طائفية مليشياتية “بيضاء الوجه” بديلاً عن تلك القوى التقليدية الملوثة اياديها بالفساد والنهب والمحسوبية والفشل التام وانعدام القدرة والاهلية على حكم المجتمع من امثال الدعوة ودولة القانون والمجلس الاعلى والصدريين وغيرهم. لكي يصونوا سلطة وحكم التيارات الطائفية الشيعية والجمهورية الاسلامية في ايران. كما ان تاسيس الحشد ياتي بارتباط وثيق مع التحولات والصراعات الاقليمية في المنطقة، بوصفه اداة لامالة ميزان القوى مرة اخرى لصالح احد المحاور الاقليمية، ايران، بوجه المحور التركي-الامريكي، السعودي والقطري الذي تغير كثيرا لصالح الاخير وبضرر الاول مع سيطرة داعش على ثلث اراضي العراق.
ان الخطر الاكبر على مجتمع ما بعد داعش هو خطر هذه القوة الميليشياتية القمعية السافرة. انها قوة عديمة الرحمة لاتعرف سوى النار والحديد، معادية للحريات والحقوق السياسية والمدنية الى ابعد الحدود، ممارستها القمعية في الانبار والموصل غير خافية على احد.
ان الادعاءات التي يتحدثون عنها اليوم سواء من قبل السلطة القائمة او من طيف واسع من الموهومين او من الذين لهم مصلحة في امرار هذا القانون بكون هذه القوة خاضعة للدولة ولرئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة وان هذه الخطوة “جيدة” لاخضاع هذه القوى الى الدولة والسياقات الحكومية ماهي الا كذبة ساذجة وسمجة وتستخف عقل وذهن المجتمع، انها خطوة متقدمة في مسار اهداف اصحاب هذا المشروع. انها دولة خارج الدولة، لاتعترف بدولة ولابعبادي ولابقيادة اركان الجيش ولا باي شيء. ان عرابها وراعيها الوحيد هو المرشد الاعلى والجمهورية الاسلامية في ايران وهدفها امالة ميزان القوى وبالتالي حسم مسالة السلطة في العراق التي تمر بمازق جدي وتناقضات جدية لصالح قوى اسلامية مليشياتية طائفية لا اكثر. هدفها اركاع المجتمع لسلطتها وادامة عمر طبقة مالكة وحاكمة، برجوازية.
ليس المجتمع بحاجة الى قوة مليشياتية اخرى. يجب طرد المليشيات من حياة المجتمع. ينبغي ارساء دولة تستند الى الارادة المباشرة للجماهير وتحقيق مطاليب الجماهير في الحرية والمساواة. وبقانونه هذا، وقانونه الاخير بمنع المشروبات الروحية وسائر قراراته وقوانينه الاخرى ، بين مجلس النواب نفسه على انه قوة معادية للجماهير، لايمت بصلة بتمثيلها. ينبغي ازاحته من حياة المجتمع فوراً. ان الجماهير وكذلك قضية التحرر والمساواة والرفاه، من سيدفع الثمن غالياً الى ابعد الحدود جراء شيوع الاوهام بخصوص الحشد الشعبي.
الحزب الشيوعي العمالي العراقي
اوائل كانون الاول 2016