حول التطورات السياسية الاخيرة في العراق تظاهرات واعتصامات التيار الصدري
29/03/2016
ما يقوم به اليوم التيار الصدري من تظاهرات واعتصامات وما يقوم به مقتدى الصدر من اعتصام فردي داخل المنطقة الخضراء، وما نشهده من تفاقم واشتداد الصراع والازمة داخل “التحالف الوطني”، يشكل فصلا آخر من فصول ازمة حكم تيارات الاسلام السياسي الشيعي في العراق والصراع على تقاسم السلطة والثروات فيما بينها. ان تصعيد التيار الصدري لمواجهة خصومه في السلطة وتبنتظاهرات واعتصامات التيار الصدريي تكتيك الاعتصامات والتظاهرات، ضمن استراتيجية اوسع، ليس الا استمرار لسياساته واهدافه الرجعية، بوصفه قوة من قوى العملية السياسية والنظام السياسي القائم. ان محاور سياساته الحالية هو احداث تغييير في توازن القوى داخل معسكر الاسلام السياسي الشيعي لصالحه، الاستحواذ على حصة اكبر من السلطة والثروات، حماية النظام من تداعيات الازمة السياسية والاجتماعية الراهنة وذلك بالاجهاز على استياء وغضب الطبقة العاملة والجماهير المحرومة والسعي لاحتواء احتجاجاتها.
طرأت تغييرات متنوعة على معادلات وتوازن القوى في الساحة السياسية في العراق والمنطقة، خلال الفترة الاخيرة، ما بعد تراجع دور داعش وطردها من مدن ومناطق كثيرة في العراق وتشديد الهجمات عليها في سوريا اثر التدخل الروسي العسكري لصالح نظام الاسد. انعكست هذه التطورات بشكل سلبي على موقع ومكانة التيار الصدري الذي بدأ دوره السياسي ودور ميليشياته يتراجعان في المسرح السياسي والحرب الجارية ضد داعش في العراق، مقارنة بخصومه في “التحالف الوطني” والحشد الشعبي والمليشيات الاخرى.
هذا، ومع تراجع زخم الحركة الاحتجاجية والتظاهرات التي وصلت ذروتها في الصيف الماضي ومع بقاء جميع المعضلات التي طرحتها بدون حلول ونتيجة لعدم تحقيق اي من مطاليبها واهدافها، ومع اشتداد تناقضات النظام القائم، تفاقمت بشكل خطير الأزمة السياسية والاجتماعية في العراق مع ما تحملها من تهديدات للنظام والتيارات والاحزاب الحاكمة. فاستغل التيار الصدري اجواء هذه الازمة لتنفيذ تكتيكه الرجعي الراهن وتصعيد الصراع على حساب أمان وطمأنينة وحياة الجماهير.
ما يطرحه التيار الصدري من انشاء حكومة “تكنوقراط” ودعم حيدر العبادي و”اصلاحاته” الحكومية والدعوة الى “محاربة الفساد”، والتي يعرضها وكأنها مطالب الحركة الاحتجاجية الجماهيرية ليست في الحقيقة الا اصلاحات صورية ولائحة سياسية خاصة به لتجميل وجه النظام السياسي القائم وافراغ مطالب جماهير العمال والكادحين والتحررين من محتواها الواقعية. ليس هذا فحسب، بل لحماية حكم تيارات الاسلام السياسي الشيعي على حساب ممارسة الارادة السياسية المستقلة لجماهير العمال والكادحين والشباب والنساء والاجهاز على احتجاجاتها ومطالبها العادلة.
ليست اللائحة السياسية للتيار الصدري الا وهم وتناقض صارخين. ان هذا التيار يريد ان يوهم الجماهير في العراق بانه من الممكن ان يكون هناك نظام سياسي برجوازي يديره القوميون والطائفيون والاسلام السياسي من امثاله ولكن بدون محاصصة طائفية وميليشيات وفساد فاضح وبدون محاصصة قومية وتمييز وتعصب قومي. انهم ينشرون الوهم بان بوسع حكومة “التكنوقراط” ان تلبي مطالب الجماهير في حين انها ليست الا ترسيخ لحكم تيارات الاسلام السياسي الشيعي في العراق والمزيد من تحكمها بمقدرات الجماهير. ان التيار المدني “الاصلاحي المساوم” والذي يدعمه الحزب الشيوعي العراقي بات يخلق الاوهام وبلهفة ويصوغ النظريات والتبريرات لدور التيار الصدري وضرورة الاستنجاد به لتقوية الحركة الاحتجاجية. ان هذا التيار الاصلاحي لا يخلق الوهم بتيارات الاسلام السياسي بدون أسباب، انه سر وجوده في المشهد السياسي في المجتمع حيث يلعب دور المسكن لآلام الطبقة العاملة والجماهير المضطهدة والكادحة من وراء حكم البرجوزية الفظ بشكله الطائفي والقومي الحالي.
أيها العمال، الكادحون، النساء والجماهير التحررية إن تصعيد التيار الصدري وميليشياته وتحدياته بالضد من خصومه في السلطة جعل أمن وطمأنينة المواطنين في بغداد وغيرها من المحافظات امام تهديدات ومخاطر جدية. كما، ان تصريحات وتهديدات نوري المالكي رئيس حزب الدعوة وردود افعاله المضادة التي تهدد وتلوح باستخدام العنف تهدف بشكل مفضوح الى تاجيج نار هذا الصراع. ونتيجة لهذه الأوضاع، غدا المواطنون يعيشون وسط المخاوف والقلق من تطور هذه المواجهة فيما بين تيارات الاسلام السياسي الشيعي وميليشياتها المسلحة وانزلاقها الى المصادمات وخلق المزيد من تدهور الوضع الامني المتدهور بالأساس.
ان اعتصامات التيار الصدري واعتصامات التيار المدني المتحالف معه لن ينتج عنها سوى المزيد من التأزم وعقد الصفقات بين التيار الصدري والحكومة والقوى الحاكمة مع بقاء العمال والكادحين والجماهير المحرومة المتضررة الاولى ومع بقاء النساء بدون حقوق وحريات ووقوع المجتمع فريسة البؤس الاقتصادي والاستبداد السياسي والفكري.
اننا في الحزب الشيوعي العمالي العراقي نؤكد على ضرورة فصل صف نضال العمال والكادحين والنساء والتحررين عن صف التيارات البرجوازية الاسلامية والقومية والاصلاحيين المساومين وعدم التحول الى وقود نار تصفية حسابات الاحزاب الحاكمة والتيارات والاحزاب الاصلاحية الذيلية لها. اننا نؤيد اي اصلاح سياسي واقتصادي، حتى وان كان جزئيا، يحسن الوضع المعاشي والحياة السياسية والاجتماعية للطبقة العاملة والكادحين والنساء والشباب ويحقق الحرية السياسية في البلاد. بيد ان حركة التيار الصدري لاربط لها باي اصلاح تنشده الأغلبية الساحقة للمجتمع. هذا، ونحن ندين اي تطاول على حق المواطنين في التظاهر والاحتجاج واية دعايات فاشية تريد ان تخلق الارضية لمواجهة الحركات الاحتجاجية بالعنف.
لنوحد صف النضال المستقل عن جميع من يتلاعبون بمصيرنا وحياتنا ومطالبنا، ونقوي الحركة العمالية والتحررية في العراق، ولنتوحد حول رايتها النضالية.
عاشت نضالات الطبقة العاملة والجماهير التحررية حرية مساواة حكومة عمالية
الحزب الشيوعي العمالي العراقي28 آذار 2106