حوار مع مؤيد احمد سكرتير اللجنة المركزية – الحزب الشيوعي العمالي العراقي
حوار مجلة -الرؤية الاشتراكية- مع مؤيد احمد سكرتير اللجنة المركزية – الحزب الشيوعي العمالي العراقيالرؤية الاشتراكية: ان دخول روسيا المباشر في الحرب والصراع الدائرة في الشرق الاوسط وبالاخص في سوريا من اجل الحرب ضد داعش وضعت المنطقة كلها في نار حرب اخرى اكبر. فكما نرى، قد حدث اخلال بالتوازن الذي كان موجودا بين قوة امريكا والناتو من جهة وروسيا والصين وحلفائهما من جهة اخرى. كيف تفسر هذا التدخل الروسي وانعكاساته على الاحداث قي سوريا والمنطقة؟ مؤيد احمد: ان نار الحرب الاقليمية كانت قد اندلعت قبل هذا التدخل الروسي ولكن وكما تقول اصبحت مع هذا التدخل اكبر واكثر وسعة. لكي نحلل تاثيرات التدخل هذا على الاحداث في سوريا والمنطقة، علينا ان نفهم الدوافع السياسية لهذا التدخل الروسي. في الواقع، ان تدخل روسيا العسكري هو امتداد لسياستها الامبريالية من اجل اعادة تثبيت اقدامها في سوريا، كميدان من ميادين صراعها بوجه امريكا واوروبا حول النفوذ والهيمنة الجيو -سياسية في الشرق الاوسط.
ان الحرب هي امتداد للسياسة بوسائل اخرى، لهذا لايمكن فهم ماهية هذا التدخل العسكري الروسي اذا لم نفهم السياسة التي تقف وراء هذه الحرب والتدخل. كدولة امبريالية، لاتريد روسيا ان تفقد موقعها في سوريا، ولاتبغي ازالة نظام أسد (ليس بالضرورة الأسد نفسه)، ولا تريد ان تفقد نفوذها الاستراتيجي في هذا البلد الى الابد مقابل امريكا وحلفائها الاقليميين. هذا هو محتوى حرب روسيا وسياستها وليس الضرب العسكري لداعش او قوى الاسلام السياسي الاخرى، هذا بالرغم من ان تدمير هذه القوى الارهابية هدف مباشر لتدخل روسيا العسكري. وفي السياق نفسه، نرى ان تدخل روسيا العسكري هو في معظمه ضربة للقوى الاسلامية لجبهة النصرة وجی-;—;–ش “احرار الشام” التي اضاقت الخناق على قوى بشار الاسد. تريد روسيا بدءا ان تغير توازن الحرب لصالح بشارالاسد لكي يكون لها نفسها مكانة اقوى على طاولة المفاوضات الدولية حول وضع سوريا ويمكنها حماية نفوذها ضمن مخطط تقسيمات القوى السياسية والسلطة في سوريا.
سوريا هو المكان الذي ينعكس فيه، كنموذج صارخ و مأساوي، الصراع والنزاع الامبريالي بين قطبين عالميين، الغرب وحلفائها الاقليميين من جهة، وروسيا والصين والدول الحليفة الاقليمية لهما من جهة اخرى.الحرب والعنف قد اودت بسوريا واوقعت بها منذ اكثر من اربع سنوات، ولا تزال، اكبر تراجيديا انسانية. تراجيديا جعلت من نصف سكانها مشردون اما داخل سوريا نفسها او لاجئون في الدول المجاورة، هذا بالاضافة الى مقتل اكثر من 250 الف منهم والحاق دمار بالبلاد لم يكن له النظير.
لو تمعننا في تفاصيل احداث هذه التراجيديا الكبرى، نرى بان هذه المأساة التي تعاني منها سوريا هي شكل وظاهرة حسم المصلحة والنفوذ السياسي والاستراتيجي للراسمال، لراسمال هذا او ذاك المعسكر البرجوازي الامبريالي والاقليمي. ان ما يحصل هو صراع لحسم المصالح السياسية والاستراتيجية والاقتصادية للطبقة السائدة في هذه البلدان الامبريالية والاقليمية. ان كلا من الحرب المباشرة للمعسكر الامبريالي والقوى الدولية الاقليمية، وحربها بالوكالة في سوريا، قد اوجدت ارتباطا قويا بديناميزم الصراع السياسي الداخلي في سوريا. في الحقيقة فانها القوى الامبريالية والقوى الاقليمية التي ترسم عمليا الخارطة السياسية الجديدة لسوريا وتقسيماتها المحلية. هم الذين يخوضون الحرب ويتفاوضون حول ازمة سوريا. ان ازمة سوريا ازمة عالمية واقليمية وان اي عمل واقدام سياسي وعسكري سوف يترك اثرا بهذا المستوى من الوسعة والتعقيد. ولهذا فان تدخل روسيا، حتى بهذا المستوى، له اثار واسعة ومعقدة ومتعددة الجوانب. فعلى سبيل المثال، اذا استطاعت روسيا في هذه الحرب ان تبقي بنظام بشار الاسد وان تعيق حسم هذا الوضع الانتقالي لصالح السعودية وتركيا وامريكا فذلك سيشكل مكسبا كبيرا لروسيا وسيكون له دور كبير في تداخلات اكثر لها في شؤون المنطقة. حاليا تشكل داعش والقوى الارهابية الاخرى طرف خطير في هذه الحرب وليس هنالك ضمان بان تدخل روسيا سوف لا يدفع بالمعسكر السعودي الى استخدام هذه القوى بشكل اعنف في الصراعات الجيو سياسية والاستراتيجية في المنطقة. ومن المحتم ان هذا سيجلب كوارث اكثر لسكان هذه المنطقة. هذا بالاضافة الى العديد من الاحتمالات الاخرى التي تكمن في خضم استمرار هذه الحرب.
ولكن لو نظرنا الى موقع روسيا من زاوية اخرى نرى بان هذا التدخل الروسي لا يتعدى تاثيره عن احداث تغيير في الوضع العسكري الحالي وليس تغييرا استراتيجيا متعدد الجوانب في توازن القوى على نطاق سوريا. حيث حصلت في الاربع سنوات الماضية تغييرات كثيرة وتغير توازن القوى كثيرا لصالح معسكر امريكا والسعودية و ركيا. كانت روسيا وايران في نوع من التحالف مع نظام الاسد قبل احداث سوريا ولم يكن حينذاك حديث عن نفوذ ودور امريكا والسعودية وتركيا وقطر المباشر في سوريا. ولكن اليوم روسيا مضطرة ان تتدخل عسكريا لكي تبقي على الاقل بنظام الاسد لحماية مصالحها. وتسعى روسيا وبعد جولة من الحملات العسكرية الدائرة حاليا ان يتم تقاسم السلطة حسب توازن القوى الجديدة. ولهذا فان مجيئ روسيا الى الساحة لايعني تغييرا كبيرا في توازن القوى الاقليمية لان الدول الامبريالية الغربية وحلفائها الاقليمية قوى رئيسية فعالة في المسار السياسي للمنطقة كما وتلعب فوى الارهاب الاسلام السياسي السني دورا مؤثرا في صراع القطبين لصالح امريكا والسعودية وتركيا وقطر. فلن يتغير هذا الوضع بسهولة.
الرؤية الاشتراكية: انت اشرت الى ان هذه الحرب في سوريا هي حرب رأسمال ، حرب راسمال المعسكر الامبريالي و الاقطاب الاقليمية. اود ان توضح لنا اكثر هذا البعد الطبقي للحرب، وما يعني هذا بالنسبة لكيفية انهاء هذه الحرب؟مؤيد احمد: لفهم اي حرب واضح علينا ان نعرف اولا انها امتداد لاية سياسة، ولكن هذا لايكفي، فلفهم الحرب والسياسة التي من ورائها يجب ان نعرف كذلك اية طبقة وممثليها ودولتها تشن الحرب المعنية ولها السياسة المعنية التي تمخضت عنها الحرب. ادرك لينين وشيوعوا عهده كل هذه الجوانب للحرب في مواجهتهم للحرب العالمية الاولى ورفعوا راية تبديل الحرب الامبريالية الراسمالية بحرب ثورية وباسقاط الراسمال وتمكنوا من تحقيق ذلك في روسيا. ان الماسي الكبيرة التي لحقت بالعراق وسوريا، مع ان لها تاريخها وخصوصياتها في كل من البلدين، ولكن تمت وتتم الادامة بها في تربة سيادة الرسمال والراسمالية المعاصرة، على ارض وفضاء راسمالية عهد الامبريالية. ليس هذا فحسب، بل وبصورة مباشرة في العراق، تجسدت هذه التراجيديا الكبيرة اثر حرب امريكا الامبريالية واحتلال العراق وانشاء نظام سياسي في هذا البلد على اساس التقسيم الطائفي والقومي. وفي سوريا فان الحرب الامبريالية الدئراة فيها هي اما بالوكالة، حيث تقف ورائها امريكا والاقطاب الحليفة الاقليمية لها ومنذ سنوات ، او بالوكالة وبصورة مباشرة كذلك كما هو الحال الان.
ان دولة الاسلام السياسي الشيعي في ايران ودولة الاسلام السياسي السني في السعودية، اللتان تتواجدان وتتصرفان كقطبين رئيسيين لكتل دولية اقليمية واللتان تمثلان البرجوازية القومية-الاسلامية الايرانية والعربية، دخلتا ميدان الحرب في سوريا والعراق كل بقوتها العسكرية والارهابية الخاصة بها (من الواضح ان تركيا وقطر متحالفتان مع السعودية ولكن هنا هدفي هو توضيح البحث بصورة عامة). ان هاتين الكتلتين ودولهما، ايرن والسعودية، هما كتل و دول راسمال هذين القطبين. لا يمكن تفسير حروبهما وصراعاتهما في اطار طائفية ما قبل الراسمالية، الشيعة والسنة، وحرب ودبلوماسية بعيدة عن الاسس الاقتصادية والاجتماعية المعاصرة، وليس هذا فحسب، بل بعيدا عن التحولات التي شهدتها هذه المنطقة من اشتداد الصراع الطبقي و وقوع الثورات في مصر وتونس واحتداد تناقصات الراسمالية في هذه المنطقة الى حرب وتدخل امريكا المباشر في العراق بالاخص في الربع قرن الماضية.
الحرب في سوريا والعراق هي حرب الراسمال، هي حرب الراسمالية الامبريالية المعاصرة وما نراها من المأسي الحالية هي نتائجها. بوسع السعودی-;—;–ە-;—;– واسرائی-;—;–ل وامری-;—;–کا وترکی-;—;–ا وقطر ان تؤدي بالدول الى الدمار حسب ما تقتضيها مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية والسياسية و توصل بالحرب في سوريا والعراق للمدى الذي نشاهده الان. وعلى نفس الوتيرة لا يهم ايران وروسيا والصين مدى الدمار الذي يلحقه الاسد بسوريا لان مصالحها الجيو-سياسية و الاستراتيجية تتطلب ان لا تقع سوريا في ايدي خصومها. فهذه ليست حرب بدون اساس اقتصادي وبدون مصالح سياسية وجيو- سياسية ، انها حرب وهي امتداد لسياسة السيطرة الاقليمية لكتلة راسمال الخليج بقيادة السعودية والبان- اسلاميستية الايرانية التي اكتسبت هذه الديناميكية بعد تولي الجمهورية الاسلامية الحكم في ايران وانتهاء الحرب الباردة، فلا يمكن ارجاعها الى الوراء.
ان انهاء الحرب في العراق وسوريا والمنطقة على نحو حاسم مرتبطة قي الواقع بقدرة الطبقة العاملة و الجماهير الكادحة التي ليس لها اية مصلحة في هذه الحرب، وبالتالي بقدرة الحركة الاممية العمالية والشيوعية على صعيد المنطقة، بالحاق التراجع براس المال والراسمالية وكتلها الدولية. انها القوة الاشتراكية للطبقة العاملة والبديل الاشتراكي التي تستطيع ان تستاصل هذه الحرب والارهاب من جذورها في هذه المنطقة عن طريق اسقاط راس المال. حرب ال 12 سنة في العراق وحرب 4 سنوات في سوريا هي حرب الكتل الدولية للراسمال في هذه المنطقة والتي ترتبط بالراسمالية الامبريالية العالمية بالاف الخيوط.
ان تحديد وتشخيص الجذور الطبقية للحرب هو بالتالي تحديد لكيفية انهائها. لاتريد اية قوة وحزب سياسي برجوازي واية دولة او حكومة برجوازية ان تشير الى المحتوى الطبقي للحرب حيث انها تعرف الحرب بمثابة الدفاع عن مصالح “الناس” و”الوطن” و تعرف الدولة كحامية لمصالح “الجميع”و العدو هو عدو “الشعب” و “الوطن” و”الناس” سواء كان هذا العدو يحمل ملامح قومية او مذهبية و طائفية او غربية وشرقية… الخ. ففي هذا الاطار تختفي كون هذه الحرب تخاض لمصلحة اية طبقة وتحقق اية من اولويات هذه الطبقة ومن الواضح كذلك انه تخفى كيف تنهي الجماهير بهذه الحرب.
الرؤية الاشتراكية: كيف ترون علاقة هذه المسائل التي اشرت اليها بخصائص القوى الارهابية لداعش وامثالها و دورها في حرب سوريا؟ مؤيد احمد: بمعزل عن الايديولوجية الارهابية العالمية لـ “القاعدة” و”داعش” و”جبهة النصرة”، بوصفها تيار ارهابي محدد للاسلام السياسي، وبمعزل عن كون ارهاب الاسلام السياسي يتصارع من اجل السلطة والقدرة على الصعيد العالمي وتتشابك مصالحها مع الراسمال العالمي، فان هذه الكتل الارهابية عمليا تلعب دور “الحرب بالوكالة” في العراق وسوريا. فلم تستمد هذه القوى الارهابية قوتها من ديناميكية الصراع السياسي المحلي في سوريا والعراق وانها لاتملك قاعدة اجتماعية تمكنها من اعادة انتاج نفسها. وحتى اينما كانت لها قاعدة اجتماعية محلية فان ذلك لا يغير من مسالة كون هذه القوى الارهابية متموضعة بالاساس في حرب الدول الامبريالية والكتل الاقليمية للراسمال ومن هنا فهي تترك آثارا على مسار الاحداث وخاصة في هذين البلدين .
صحيح ان داعش والقوى الارهابية هم الان طرف ثالث وهم بانفسهم يشكلون جبهة في الحرب، والى حد ما، بشكل مستقل عن الاقطاب الامبريالية والاقليمية، ليس هذا فحسب بل طبعت هذه القوى الحرب في سوريا بطابعها الخاص ولكن هذا نتيجة الحرب نفسها وتفاقم تناقضاتها ولا تغير من المسالة المحورية التي تحدثت عنها. فلا تسير الحرب على مسار واحد وعلى خط مستقيم واحد. الان حين اصبحت داعش وجبهة النصرة خطرا على امريكا وحتى على السعودية او تركيا، واضطروا الى قصفها ، فهذا لايغير شيئا من كون الحرب الدائرة في سوريا حرب اقليمية. وفي هذا السياق فان تقوية وتمويل وتسليح الجماعات الارهابية للداعش والنصرة …الخ كانت جزءا، ولحد ما، والى الان، وخاصة بالنسبة لتركيا، هي جزء من الحرب ومتطلباتها للمعسكر الامبريالي لامريكا واسرائيل والسعودية وتركيا وقطر. تحدد الحروب الاقليمية والامبريالية، كالتي تجري الان في سوريا والعراق ، ليس فقط دور ومكانة القوى الارهابية من امثال داعش بل موقع و مكانة القوى الاخرى ايضا.
الرؤية الاشتراكية : كيف ترى المعادلات السياسية في كوردستان والصراع الجاري بين القوى البرجوازية المحلية بالارتباط مع الصراعات الاقطاب الامبريالية والاقليمية؟. ما هو تاثير هذا التدخل العسكري الروسي؟ وكيف ترى آثار هذا الصراع والتدخل على صعيد مجتمع كوردستان؟مؤيد احمد: باعتقادي ليس للتدخل العسكري الروسي في سوريا ذاك التاثيرعلى المعادلات السياسية والصراعات فيما بين القوى البرجوازية المحلية في كوردستان وبالتالي على صعيد مجتمع كوردستان. ان هذه القوى، وبمعزل عن اي أثر قد يكون للتدخل الروسي، مقسمة بالاساس على الاقطاب الاقليمية وليس على الاقطاب الامبريالية العالمية. ان جميع الاحزاب القومية في كوردستان، وفيما يخص الاستقطاب الامبريالي العالمي، متواجدون في معسكر واحد، معسكر امريكا واوروبا، فليس هناك الاستقطاب بهذا الصدد فيما بين هذه الاحزاب. تنسجم مصالح الاحزاب والقوى البرجوازية القومية الكردية الثلاثة الرئيسة في كوردستان، الحزب الديمقراطي الكوردستاني، الاتحاد الوطني الكوردستاني وحركة كوران، مع استراتيجية وسياسات امريكا واوروبا في هذه الفترة. فان تمحورهم حول الاقطاب الاقليمية لم تؤد بهم الى الانقطاع عن هذا القطب الامبريالي ولم يتمحوروا بشكل مباشر مع القطب الامبريالي الخصم لامريكا. انه من الواضح بان استمرار بقاء اوضاع كوردستان على حالها يعتمد بدرجة كبيرة على ادامة سياسات واستراتيجية امريكا والغرب تجاه العراق وكوردستان، فللاحزاب الثلاثة القومية في كوردستان حاليا مصلحة مع هذه السياسة والاستراتيجية الامريكية ويستفيدون منهأ.
واضح ان هذا الاصطفاف الداخلي لقوى الحركة القومية الكوردية امر طبيعي. غير انه بالاضافة الى كونه يبين تناقضات السياسة البرجوازية القومية الكوردية السائدة على المسارات السياسية في مجتمع كوردستان، يكشف كذلك ضعف دور القطب الروسي والصيني في المنطقة. لا تكمن المسألة في مدى احتياج القوى القومية في كوردستان لهذا التحالف مع القطب الامريكي والاوروبي بل تكمن بالاساس في كون الاستقطاب الامبريالي لعهد الحرب الباردة منتهي، في الوقت الذي لم تتحول لا روسيا في ملامحها الجديدة ولا الصين التي تتميز بتصاعد دورها الجيوستراتيجي والسياسي على الصعيد العالمي، الى طرف اصلي مؤثر في ترسيم مسارات الاحداث في العرا ق وكوردستان، والى حد ما، منطقة الشرق الاوسط. وبالدرجة التي يدور حديثنا حول دور روسيا اود كذلك الاشارة الى ان الموقع الاقتصادي الراهن لروسيا ليس هو نفس الموقع الاقتصادي القديم لعهد الاتحاد السوفيتي ولا نمطها الاقتصادي البرجوازي الحالي يختلف باي شكل من الاشكال عن راسمالية السوق الحرة والليبرالية الجديدة الامبريالية لامريكا والغرب. فمن هذه الناحية كذلك فان تاثيرات التدخل الروسي قليلة وقصيرة المدى.
ان “الحزب الديمقراطي الكوردستاني” متمحورمع الكتلة التركية والسعودية والخليجيين وبالتالي مع امريكا واوروبا. غير ان “الاتحاد الوطني” و”حركة التغيير”، بالرغم من انهما يستندان على النظام الاسلامي في ايران، موحدين مع امريكا واوروبا. فبالدرجة التي سيكون التدخل العسكري الروسي في سوريا او في العراق مؤثرا سيتخذ اصطفاف القوى البرجوازية القومية الكوردية مع القوى الاقليمية شدة اكثر. ان الحدود الجغرافية المتواصلة لقوى “الاتحاد الوطني ” و”حركة التغيير” مع ايران و احتياج الاطراف الثلاثة ، النظام الاسلامي في ايران وهذين الحزبين، ببعصهما البعض في صراعهم مع “الحزب الديمقراطي الكوردستاني ” والمحور الاقليمي التركي والسعودي، جعلتهم ان تكون الاطراف الثلاثة في محور واحد. وعلى العكس من ذلك، ان جملة من المسائل والمصالح المشتركة بين “الحزب الديمقراطي الكوردستاني” وتركيا جعلتهما في محور واحد اخر . هذا بالاضافة الى المسائل الاستراتيجية والسياسة الاخرى مثل موقف كل واحد منهم من مسالة النفط والدولة المستقلة في كوردستان او السياسات والمصالح الثانوية.
ولكن بمعزل عن هذا، فعلى اثر استمرار حكم هذه القوى المحلية وهذا التعقيد في الصراعات الاقليمية والدولية الدائرة في المنطقة وانعكاسهما بدرجة او اخرى على صعيد المجتمع ، يواجه كوردستان ازمة شاملة بدون ان يكون هناك مخرج في ظل توازن القوى الطبقية الحالية في كوردستان. تواجه سلطة الحركة القومية الكوردية ازمة خانقة وكل تعقيد اكثر في الوضع تعمق الازمة وتزيد من حدتها. في الحقيقة تفشل البدائل السياسية البرجوازية القومية الواحدة بعد الاخرى بسرعة و هذه بدورها تزيد من حدة الازمة . فاذا ننظر الى الوضع السياسي الراهن في كوردستان نرى كيف ان تجربة 24 سنة من حكم القوميين قد فشل وكيف ان ” الاصلاح” البرجوزاي لـ “حركة كوران” وصل نهايته المسدودة وكيف ان القوة الميلشياتية للحزب الديمقراطي الكوردستاني في المقام الاول والاتحاد الوطني في المقام الثاني، وبالارتباط مع الصراعات الاقليمية الدائرة، اصبحا، وبوصفهما قوى ميليشياتية، حماة النظام البرجوازي في كوردستان المليئ بالازمات.
الرؤية الاشتراكية: ما هو الدور السياسي للطبقة العاملة والشيوعيين في اوضاع كوردستان الراهنة؟ مؤيد احمد : لم تحقق لحد الان الطبقة العاملة والكادحون، الشباب والشابات التحرريون، والحزب السياسي الشيوعي للطبقة العاملة تغييرا مؤثرا في ميزان القوى السياسي بحيث تفرض التراجع على القوى البرجوازية وتبرز، على اساس بديل طبقي ثوري، كقوة سياسية مقتدرة في المجتمع. أن الحضور السياسي للطبقة العاملة والفئات غير المالكة والمحرومة في كوردستان لا يتطابق مع الدور والموقع الاقتصادي والاجتماعي لهذه الطبقة وهذه الفئات. طالما ظل هذا التناقض غير محلولا فان البديل وطرق الحل البرجوازي سيظل سائدا على المجتمع مع ما يرفق ذلك من خلق الماسي والازمات والدمار للناس.
غير ان البديل السياسي الشيوعي للطبقة العاملة لا يمكنه ان يدور في اطار ما تطرحه البرجوازية. ان الوضع الراهن في كوردستان يحتاج الى احداث التغيير في ميزان القوى الطبقي داخل المجتمع لصالح الطبقة العاملة وكسب الاقتدار كقوة طبقية مستقلة، ومن هذا المنطلق كذلك، كقوة سياسية تؤثر فعليا على مسار الاحداث. هنا يلعب التكتيك والسياسة الصحيحة الشيوعية دورا مهما. انه لامر ممكن، ان تتخذ هذه السياسة والتكتيك طابع اجتماعي بين اوساط الجماهير وفي الوقت نفسه وبموازته ان ترتقي بقوة واقتدار السياسي للطبقة العاملة والكادحين بدرجة نوعية وكبيرة. لاستنتاج هذه السياسة والتكتيك الطبقي والثوري للطبقة العاملة والشيوعيين بدءا نحتاج الى التحليل الماركسي واستخدام المنهج الماركسي تجاه هذه الصراعات والحرب المتعددة الاطراف الدائرة في كوردستان والعراق والمنطقة. ليست هناك اية مسالة ومعضلة اجتماعية وسياسية تكون بمنأى عن فعل وتاثير المبتادل لهذه الصراعات والحرب. ان للقوى البرجوازية اجندتها وسياساتها الخاصة بها وهي تتخذ في خضم هذه الاوضاع الشائكة والمعقدة خصائص سياسية خاصة ومحددة حسب الظروف. من الضروري ان ترفع بروليتاريا كوردستان والحركة العمالية والشيوعية تكتيك وسياسة طبقية ثورية بوجه البرجوازية والحرب وتكتيكاتها. فهذه هي الخطوة الاولى في النضال لتغيرالاوضاع لمصلحة النضال التحرري للطبقة العاملة.