الوضع السياسي في العراق وسياسة الحزب تجاه انعدام الأمان وأفقار الجماهير
ما تشهده الساحة السياسية في العراق من احداث هي امتداد للفوضى وعدم الاستقرار السیاسي، بسبب التدخل المباشر من قبل الدول الامبریالیة والاقليمية، ودورهم في تشديد الصراع على السلطة السياسية بين التيارات البرجوازية الاسلامية والقومية، والسعي الحثيث لتشكيل جهاز الدولة القمعي بفروعه الأمنية والعسكرية والقانونية، وإضفاء الهوية السياسية عليها.
السمة الواضحة لمستجدات الوضع السياسي في العراق اليوم هي استرداد التيار القومي العروبي المبادرة على الساحة السياسية التي جاءت بالسعي الحثيث للدول الاقليمية المتصارعة السعودية والامارات مع نفوذ الجمهورية الاسلامية في ايران. وكانت سيادة آفاق التيار القومي على انتفاضة أكتوبر واحدة من العوامل الجوهرية الاخرى التي ساهمت في اعادة التيار القومي الى المشهد السياسي في العراق بعد هزيمته عبر الغزو، و احتلال العراق في ٢٠٠٣. ولعبت انتفاضة اكتوبر دورا كبيرا في تشديد الازمة السياسية بين التيارات المذكورة، وفرضت التراجع على النفوذ السياسي والاعتبار الاجتماعي للاسلام السياسي الشيعي في العراق والمنطقة.
انعدام الأمان والحريات السياسية:
يلقي تداعيات الصراع القائم بين التيار القومي والتيار الاسلام السياسي بذراعه العسكري مليشيات“الحشد الشعبي” بظلاله الامنية والسياسية على امن وسلامة الجماهير. فاستمرار عمليات الاغتيال بحق المعارضين السياسيين للإسلام السياسي وضرب التواجد العسكري الأمريكي بشكل متناسق ومتوازي، هو جزء من استراتيجية وقف الانحدار السياسي لسلطة الإسلام السياسي ونفوذه والحفاظ على امتيازاته في المعادلة السياسية.
احتدام الصراع السياسي بين الاطراف المعنية غير مرتبط باجراء الانتخابات، فهي لن تكن اي الانتخابات سوى مشروع لادارة الازمة السياسية ومساعي من اجل ترحيل انفجارها الى مرحلة اخرى.
إفقار الطبقة العاملة وعموم الشرائح الاجتماعية الكادحة:
ان العامل المشترك بين التيارات والقوى السياسية والقومية بجميع فصائلها العروبية والكردية والإسلام السياسي هو تناغمها وتوافقها مع مشاريع المؤسسات الدولية الامريكية لتنفيذ سياسة الليبرالية الجديدة للرأسمالية العالمية، لتحويل العراق الى سوق مرتبط بالسوق الرأسمالي العالمي.
الازمة الاقتصادية الحالية في العراق:
تقف عدة عوامل خلف الازمة الاقتصادية الحالية في العراق، الاول هي الازمة الاقتصادية كونها تمثل جزء من ازمة الاقتصاد الرأسمالي العالمي التي تعمقت بسبب تداعيات وباء كورونا، و الثاني هو استشراء الفساد في جميع المفاصل والمؤسسات الحكومية اضافة الى عدم الاستقرار السياسي والأمني.
وبشكل مخادع ومغرض، إذ تعمل جميع القوى السياسية في العملية السياسية على تحميل عبء الازمة الاقتصادية على كاهل الطبقة العاملة وعموم محرومي المجتمع لادامة سلطتها ووسائل السلب والنهب، والتي سوقتها عبر الورقة البيضاء، ثم إضفاء الشرعية القانونية عليها عبر مشروع الموازنة التي صوت البرلمان عليه بالاجماع .
ان جماهير الطبقة العاملة في العراق والكادحين تعيش اليوم بين فكي كماشة، انعدام الأمن والأمان من جهة والفقر والعوز والحرمان من جهة اخرى.
إن النقطة الغائبة في المعادلة السياسية في العراق، هي دور ومکانة وتدخل الطبقة العاملة والجماهير الكادحة كصف منظم ومستقل، وهو العامل الذي ادى الى فرض التراجع على انتفاضة اكتوبر وسيادة الآفاق القومية عليها، والتي صعدت على اكتافها حكومة الكاظمي المتورطة هي الاخرى بقمع الحريات والتستر على الاغتيالات والتصفيات الجسدية وترسيخ أسس الفقر والفساد في العراق بمديات ابعد.
وعليه يعلن الحزب الشيوعي العمالي العراقي الذي يقف في مقدمة الصفوف النضالية للطبقة العاملة وكل الجماهير المحرومة؛ ان اي تغيير في حياة الجماهير نحو الأمن والحرية والرفاه لن يكون الا بالتخلص من هذه القوى القومية والاسلامية وانهاء عمر العملية السياسية وسلطتها الفاسدة والجائرة.
ان تحقيق الارادة الحرة للجماهير وسعيها بالعيش في مجتمع يسوده الحرية والرفاه والكرامة الانسانية والأمن لن يكن عبر الاعيب ومسرحيات تلك القوى القومية والإسلامية الفاسدة مثل ما تسميها بالانتخابات سواء كانت مبكرة او في وقتها او لجان وهمية وخادعة للتحقيق بالفساد او حكومة طوارئ..الخ ، بل عبر انهاء عمر العملية السياسية وتأسيس على انقاضها سلطة منبثقة من الارادة الحرة والمباشرة للجماهير، وتعمل على تحقيق برنامج الأمان-الحرية-المساواة التي تمثل اماني ومصالح الملايين من العاطلين عن العمل وعموم الجماهير العمالية والكادحة في العراق.
ومن أجل تحقيق ما يصبو اليه جماهير العراق، يناضل ويسعى الحزب الشيوعي العمالي العراقي الى
– تنظيم حركة جماهيرية واسعة ضد كل العملية السياسية ورفع شعار ( لا للانتخابات.. ولا للعملية السياسية).
– التعبئة السياسية والاجتماعية في المجتمع وتنظيم حركة سياسية اجتماعية جماهيرية ضد انعدام الامن والأمان والمطالبة بحل المليشيات بجميع فصائلها بما فيها الحشد الشعبي، والسعي لتسليح تلك الحركة بآفاق وسياسات مستقلة واستخدام كل الأساليب النضالية الممكنة لإنهاء صفحة العصابات والمليشيات في العراق، الى جانب تقديم قتلة المتظاهرين، الذين يقفون خلف الاغتيالات السياسية، الى محاكم علنية واستبدال سلطتها الجائرة والفاسدة بسلطة المجالس.
-تنظيم حركة ضد البطالة والفقر، و تعبئة كل العاطلين عن العمل من الإناث والذكور، سواء كانوا اصحاب شهادات دراسية أو لا يملكون اي تحصيل دراسي ورص صفوفهم حول شعار فرص عمل او ضمان بطالة.
الاجتماع الموسع ٣٦ للجنة المركزية
وثيقة الحزب الشيوعي العمالي العراقي
منتصف حزيران ٢٠٢١
الأمان وافقار الجماهير