بيان الحزب الشيوعي العمالي العراقي حول عودة سيطرة طالبان على أفغانستان!
بعد عقدين من الاحتلال الأمريكي لأفغانستان، قررت الإدارة الأمريكية الانسحاب من افغانستان. وبانسحابها، تنهي أكثر الفصول دموية من تاريخها في هذا البلد الذي مزقته الحروب الأهلية وحروب الاحتلال سواء أكان للسوفييت في القرن المنصرم أو أمريكا وبدعم من حلفائها خلال العقدين الماضيين. بيد انها ترميه لأنياب اكثر المنظمات وحشية في تاريخ البشرية لتبين للعالم للمرة الالف ان ادعاءاتها بكون حروبها من اجل “حقوق الانسان”، “الحريات”، “الديمقراطية”، و”تمتع المواطن بثروات بلاده” و…غيرها ما هي إلا أكاذيب وقحة وقبيحة.
بالإضافة الى القتل والدمار، اغلقت طالبان مدارس البنات وحرمت ملايين الفتيات من اكمال دراستهن، وحرّمت خروج النساء الا بصحبة “محرم”، وفرضت اكثر القوانين رجعية من اليوم الاول. إن الهروب الجماعي لملايين الناس الجياع والمرضى الى حدود البلدان المجاورة مثل باكستان وإيران التي اوصدت الابواب بوجههم هو أمر يبعث على الحزن والالم والسخط والغضب التام في آن واحد.
ان الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها في الناتو، ومن اجل تحقيق استراتيجية هيمنتها على العالم، وتحت عنوان “الحرب على الشيوعية” إبان الحرب الباردة تارة، واخرى تحت عنوان “الحرب على الإرهاب” تارة أخرى، قامت بشكل مباشر بتهيئة الارضية للانحطاط والدمار الاجتماعي والتدهور الاقتصادي و إشاعة عدم الاستقرار السياسي في افغانستان، وقد تم هذا عبر تقوية الجماعات الإرهابية. إن ما وصلت إليه أفغانستان اليوم بتأهيل و إعادة حركة طالبان من جديد إلى المشهد السياسي، واقامة بلد متهالك في جميع الاصعدة، وغياب كل اشكال مقومات حياة إنسانية هو جزء من سياسة الولايات المتحدة الأمريكية التي تغيرت جراء تغير أولوياتها واستراتيجيتها على الصعيد العالمي.
لقد قام الاحتلال الأمريكي لأفغانستان من توسيع دائرة مأساة سكانها، من فقر وعوز وفساد وابتلاء بالجماعات الاسلامية الارهابية وانعدام الأمن والحريات منذ القرن الماضي. وليضيف هذه المرة، بانسحابها من أفغانستان، حلقة أخرى من حلقات الكوارث الانسانية المحدقة بسكان هذا البلد، وإتاحة الفرصة من جديد لعودة اكثر الجماعات الإسلامية إجرامية بحق النساء والاطفال وكل أشكال الحريات الإنسانية.
إن خطة انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من أفغانستان، وبعكس ما تدعيه الطبقة الحاكمة في واشنطن و أقلامها المأجورة وأبواقها الدعائية، ليس لها أية علاقة بأن احتلالها لأفغانستان “حقق أهدافه” بالنجاح في القضاء على الإرهاب والقاعدة، وبأن الولايات المتحدة الأمريكية والعالم أصبحا بمنأى عن الإرهاب. فعلى العكس تماما، إن الانسحاب الامريكي من أفغانستان ذو صلة باستراتيجيتها الخاصة بردع روسيا والصين وتفوق الأخيرة المتعاظم.
وعلى صعيد آخر، ان إعادة طالبان الى السلطة السياسية سيعمل على نفخ الروح بالإسلام السياسي وإرهابه على صعيد العالم، وستشهد البشرية فصلا جديدا من الإرهاب وسلب الحريات وقمع النساء وشيوع اكثر الأفكار عفونة ورجعية ومعادية للإنسانية، كما كان الحال مع ظهور داعش وإعلان دولته المجرمة في سوريا والعراق.
ما تخبره البشرية المتمدنة والمتحضرة اليوم حقيقة واضحة ألا وهي: أن القضاء على الإرهاب لم ولن يكن من أولويات الولايات المتحدة الامريكية، على العكس من ذلك إن الارهاب، في أغلبه، صناعة امريكية بالدرجة الاولى، وان نشره في العالم تم ويتم اما عبر العسكرتارية الامريكية واحتلالها للبلدان، او عبر انقلابات عسكرية دموية لحلفاء وأدوات امريكا في العالم. كما يثبت للمرة الألف إن أية بقعة من الأرض، إذا ما وطأتها اقدام الولايات المتحدة الامريكية، فلن يعمها غير الخراب والدمار وبعث اكثر اشكال التوحش في التأريخ.
ان الحزب الشيوعي العمالي العراقي، وفي الوقت الذي يدين كل السياسات الامريكية في افغانستان، يحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية للولايات المتحدة الأمريكية كدولة احتلال تجاه ما آلت اليه الاوضاع في افغانستان، ويدعو القوى التحررية لممارسة الضغط على حكوماتها من أجل الشروع بممارسة سياسة عملية تعمل على الحد من تطاول حركة طالبان على الحريات الانسانية وحقوق النساء والأطفال في أفغانستان.
الحزب الشيوعي العمالي العراقي
١٥ اب ٢٠٢١