مقطع من مقال لينين (برنامجنا)
لينين
…إننا نقف كليا على أرضية نظرية ماركس: فهي التي حولت للمرة الأولى الاشتراكية من طوبوية إلى علم، وأرست هذا العلم على أسس ثابتة ورسمت الطريق الذي ينبغي السير فيه مع تطوير هذا العلم باستمرار ومع دراسته وتعميقه بجميع تفاصيله. وقد كشفت كنه الاقتصاد الرأسمالي المعاصر إذ أوضحت بأي نحو يستر استئجار العامل، شراء قوة العمل، استعباد الملايين من أبناء الشعب غير المالك من قبل حفنة من الرأسماليين، مالكي الأراضي والمصانع والمناجم وخلافها. وبينت كيف يتجه كل تطور الرأسمالية المعاصرة إلى زحزحة الإنتاج الصغير من قبل الإنتاج الكبير، ويخلق الظروف والشروط التي تجعل من الممكن والضروري بناء المجتمع على أساس اشتراكي. وعلمتنا أن نرى وراء ستار العادات المتأصلة والدسائس السياسية والقوانين العويصة والتعاليم المعقدة قصدا وعمدا، النضال الطبقي، النضال بين مختلف أصناف الطبقات المالكة وبين سواد غير المالكين والبروليتاريا التي تسير على رأس جميع غير المالكين. وأوضحت مهمة الحزب الاشتراكي الثوري الحقيقية. إن هذه المهمة لا تقوم في اختلاق المشاريع لإعادة بناء المجتمع، ولا في وعظ الرأسماليين وأذنابهم بتحسين أوضاع العمال، ولا في حبك المؤامرات، بل في تنظيم نضال البروليتاريا الطبقي وقيادة هذا النضال الذي هدفه النهائي هو ظفر البروليتاريا بالسلطة السياسية وتنظيم المجتمع الاشتراكي.
ونحن نسأل الآن: أي شيء جديد قدمه لهذه النظرية «مجددو»ها الصخّابون الذين أثاروا في زمننا هذه الضجة الشديدة ملتفين حول الاشتراكي الألماني برنشتين؟ لا شيء أبدا: فإنهم لم يدفعوا أي خطوة إلى الأمام هذا العلم الذي أوصانا ماركس وانجلس بتطويره؛ ولم يعلموا البروليتاريا أي أساليب جديدة للنضال؛ إنما تقهقروا فقط، مقتبسين مقتطفات من نظريات متأخرة، ومروجين بين صفوف البروليتاريا، لا نظرية النضال، بل نظرية التنازل، التنازل أمام أعداء البروليتاريا الألداء، أمام الحكومات والأحزاب البرجوازية التي لا تكل في البحث عن وسائل جديدة لمطاردة الاشتراكيين. ولقد كان أحد مؤسسي وزعماء الاشتراكية-الديموقراطية الروسية، وأعني به بليخانوف، على كامل الحق والصواب عندما أخضع لنقد صارم لا هوادة فيه «النقد» الأحدث، أي «نقد» برنشتين الذي تنكر لنظراته الآن حتى ممثلو العمال الألمان (في مؤتمر هانوفر).