الجزء السابع، القسم الثاني
يجب التحول الى مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياحية والامواج المائية والطاقة الحرارية الأرضية وغيرها بأسرع وقت والتخلص السريع من الوقود الاحفوري-الفحم والنفط والغاز. لم يبق سبب لعدم القيام بهذا الانتقال، اذ من الناحية التكنلوجية هذا الامر ممكن. الان هذه المصادر هي أرخص من الوقود الاحفوري. ان السبب الأساسي الذي يجعل الوقود الاحفوري قادرا على المنافسة هو الدعم الحكومي الهائل لهذا القطاع. ان مسالة الانتقال الى المصادر المتجددة يجب ان لا تُسلم الى آلية السوق، اي ان لا يعتمد على مدى قدرة القطاع الخاص من تحقيق الأرباح من وراء هذه البدائل. يجب ان تجبر الحكومات على القيام بكل ما يمكنها لتشجيع وتسريع الانتقال الى مصادر الطاقة البديلة. يجب تشجيع كل الابتكارات التكنلوجية التي يثبت بانها أكثر استدامة بيئيا وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة. يجب مضاعفة الاستثمارات في التكنلوجيا النظيفة ليس من اجل موازنة تأثير الاحداث المناخية الحالية مثل الحرائق فحسب، بل البدء بإزالة الكربون من الجو. يجب الاستثمار في انتاج المركبات التي تعمل بالكهرباء وفي تكنلوجيا البطاريات وكل التقنيات الخضراء الأخرى والتقنيات الموفرة للطاقة .
يجب اعتبار أي استثمار جديد في الطاقة الأحفورية وخاصة في أعماق البحر، جرائم ضد البشرية. يجب ان تفضح شركات الطاقة وشركات السيارات والبنوك التي تحقق الأرباح من الوقود الاحفوري لأنها تعتبر الربح اهم من مصير البشرية. يجب اجبار شركات الوقود الاحفوري على القيام بهذا الانتقال او حتى تأميمها وحشد إمكاناتها من اجل تحقيق هذا الانتقال.
ان أي زيادة في الطاقة المنتجة في المصادر البديلة يجب ان لا تكون مجرد إضافة الى الطاقة الاجمالية، كما حدث لحد الان، بل يجب ان تحل محل الطاقة التي تأتي من الوقود الاحفوري. لحد الان ازداد الاستهلاك الكلي للطاقة بسرعة أكبر من الزيادة في الطاقة البديلة. ففي اخر أربعة عقود كان هناك توسع كبير في مصادر الطاقة البديلة، ولكن مع هذا، لقد تضاعفت معدلات الانبعاثات. لايزال 80% من الطاقة العالمية تأتي من الوقود الاحفوري، لهذا فان نمو الاقتصاد العالمي بمعدل 3% سنويا مثلا سيعني نمو هائل في استخدام الوقود الاحفوري وسيعني تضاعف حجم الاقتصاد العالمي في اقل من 25 سنة والتي تعني كارثة. لقد تضاعف الاقتصاد العالمي منذ الخمسينات من القرن الماضي 10 اضعاف ومع هذا لقد شهدت البشرية العشرات من الازمات الاقتصادية. ليس هناك شيء يجعل المستقبل مختلف دون احداث تغيرات هيكلية في الاقتصاد.
النضال من اجل تغيرات هيكلية في الاقتصاد.
لا يوجد دليل بان تكنلوجيا إزالة الكربون من الجو ستكون فعالة في محاربة التغير المناخي في المستقبل المنظور، كما ان زراعة النباتات لتحقيق هذا الغرض له حدوده. ان الاستمرار بالعمل كالمألوف الى ان تأتي تكنلوجيا قادرة على احباط الكارثة البيئية هو تفكير سخيف تروج له اقسام من البرجوازية. كما ان التطور التكنلوجي في مجال الطاقة المتجددة والكفاءة في استخدام الطاقة سوف تضاف الى الطاقة الاجمالية التي تهدف الى تراكم الأرباح إذا لم يحدث تغير هيكلي في الاقتصاد. الشيء الوحيد الذي يؤدي الى تقليل نسبة انبعاث غازات الدفيئة بأكبر قدر وأسرع وقت ممكن الذي يُعد جوهر الحل لتغير المناخ هو تقليص النمو الاقتصادي، وهذا يتطلب النضال من اجل تخصيص الموارد بشكل عادل وتقنين الإنتاج والاستهلاك وخاصة استهلاك الطاقة بشكل ما. يجب ان نعيد تقيم علاقتنا مع العمل، والملكية والاستهلاك. ان التغيرات الهيكلية في الاقتصاد وفي انتاج واستخدام الطاقة والاستهلاك، يجب ان يرافقها برامج اجتماعية مثل ضمان البطالة، وبرامج للتوظيف والخدمات العامة لكي نتفادى دفع الالاف او حتى الملايين الى الفقر والجوع. بإمكان الدولة من توظيف اعداد هائلة من اجل القيام بأعمال تخدم البيئة. لم يعد من الممكن ترك عملية صنع القرار للسوق، وان التخطيط الاقتصادي سيكون ضروريا.
يجب تقليص ساعات العمل الأسبوعية. كما يجب ان لا يحق لأي شخص مثلا السفر في طائرة خاصة لأي سبب كان. يجب تقليل الطاقة التي تستخدم للأغراض العسكرية وفي صناعة واستخدام السلاح. اذ يعد الجيش الأمريكي مثلا من أكبر الملوثين للبيئة عالميا وتفوق الانبعاثات التي يتسبب بها انبعاثات أي من 140 دولة من دول العالم الاقل تلويثا للبيئة.
تثوير وسائل النقل
يجب القيام بتغيرات كبيرة في النقل والحد من استخدام السيارة الشخصية أيا كان الطاقة التي تشتغل عليها، لان حتى السيارات الكهربائية والتي هي افضل من السيارات التي تعمل بالوقود الاحفوري تستهلك الكثير من الطاقة من اجل انتاجها وايصالها الى الزبون ويتم استخدامها بشكل غير كفوء من اجل حركة شخص او اشخاص محدودين. يجب الاستثمار في النقل العام وفي البنية التحتية الأساسية للنقل العام مثل القطارات السريعة. عندما تكون السيارات ضرورية يجب التحول الى السيارات الكهربائية. كما يجب تقليل السفر بالطائرة قدر المستطاع، واللجوء الى القطارات بدلا من الطائرات للرحلات القصيرة والمتوسطة.
عدم القبول بالحلول اليمينية والتخلي عن السياسات النيوليبرالية
يجب التصدي لمساعي اقسام البرجوازية لتحويل قضية التغير المناخي الى قضية أخلاقية. كما يجب التصدي الى التفسيرات والحلول اليمينية مثل جعل عدد السكان القضية الأساسية او تحويل مسالة النضال ضد التغير المناخي الى مسالة شخصية او طوعية او تصوير الوظائف والاقتصاد ورفاهية الانسان في تضاد مع حماية البيئة او فرض ضرائب على الطاقة بشكل تحمل الفقراء العبء، او الترويج للحلول التي تعتمد بشكل أساسي على آلية السوق، وجعل الشركات الرأسمالية الطرف الأساسي في إيجاد الحلول واعطائها السلطة لتحديد ما يجب ان يحدث، او إشاعة الخوف والتشوش.
يجب ان تتحلى الدولة بمسؤوليتها بما فيه الاستثمار في الطاقة البديلة والبرامج والمشاريع الخضراء وفي البنية التحتية التي تقلل من استخدام الطاقة وتقلل من الحاق الضرر بالبيئة وفي تصميم المدن والمراكز السكانية والتدخل في الاقتصاد عن طريق السيطرة على قطاعات اقتصادية مهمة مثل الطاقة والنقل بكل اشكاله وحتى انتاج الغذاء الخ و تنظيم عمل القطاع الخاص بما يخدم البيئة وخلق وظائف خضراء و تقديم برامج اجتماعية تحمي الطبقة العاملة والفقراء في المجتمع.
يجب على الدولة سن القوانين لتنظيم الزراعة وتحسين الممارسات الزراعية وإنتاج الغذاء واستخدام الارض والحد من الصيد المفرط، وتقليل استخدام البلاستيك الذي يتطلب انتاجه مقدار كبير من الطاقة
و وتحفيز الاستثمار في تنظيم حرارة البيوت والابنية من خلال عزل الجدران والاسقف، وتشجيع استخدام الخشب في الإسكان قدر الممكن بدلا من الفولاذ والخرسانة والاستثمار في برامج التوعية لتقليل الاستهلاك وخاصة استهلاك الطاقة و استهلاك اللحوم والمنتجات الحيوانية قدر المستطاع وتغير الثقافة البرجوازية التي تعتمد على الفردانية الفظة والاستهلاك الاحمق.
يجب مساعدة الدول الفقيرة
يجب التعاون بين الدول لمحاربة التغير المناخي ومواجهة اثاره، وتمكين البلدان الفقيرة التي ساهمت باقل قدر من الانبعاثات ولها اقل قدرة لمواجهة آثار التغير المناخي للتحرك بعيدا عن الوقود الاحفوري والحصول على تكنلوجيا الطاقة البديلة بأسرع وقت وتمكينها من مواجهة اثار التغير المناخي. ان التخلي عن الوقود الاحفوري سوف يضر بقدرة الدول الفقيرة في تحسين المستوى المعيشي لسكانها دون مساعدة الدول الغنية والمتطورة. يجب مساعدة الدول المهددة مثل جزر المحيط الهادي والكاريبي التي تواجه خطر ارتفاع مستوى سطح البحر والدول التي هي عرضة بشكل أكبر للأحداث المناخية المتطرفة لتحصين نفسها. كما يجب انتاج البضائع في اقرب مكان للسوق وعدم السماح للرساميل لنقل الإنتاج بحثا عن الايدي العاملة الرخيصة وتمكين الدول الفقيرة على الاكتفاء الذاتي في مواجهة الاضرار التي تلتحق بها نتيجة عكس العولمة الرأسمالية.
وقف قطع الأشجار
يتم قطع أكثر من 30 مليون فدان من الغابات سنويا والتي تسهم في جزء كبير من انبعاثات غازات الدفية الناتجة عن فعالية الانسان. يجب التوقف عن قطع الأشجار وحماية الغابات من التدمير لإفساح المجال لمزارع تربية الحيوانات او استحداث أراضي زراعية وموازنة كمية الاشجار التي تستخدم لصنع الخشب مع كمية الأشجار التي تزرع باستمرار. يجب الاستثمار في زراعة الأشجار بشكل علمي.
وظيفة الافراد في مواجهة التغير المناخي
محاربة التغير المناخي لن يتم من خلال العمل الفردي فقط. ان العمل الفردي يجب ان يكون جزء من نضال أكبر. ان اهم وظيفة يمكن للفرد ان يقوم بها هو الانخراط في العمل الجماعي والنضال الاجتماعي وبناء الحركات الاجتماعية الجماهيرية من اجل فرض إجراءات عاجلة والمشاركة في النشاطات التقدمية للحركات الموجودة فعلا في محاربة التغير المناخي. يجب ان لا يقتصر العمل الجماعي على النضال السلبي بل يجب ان يتضمن احتلال مكاتب الشركات الاكثر تلويثا وتعطيل عملها، فرض 4 ايام عمل في الاسبوع من خلال الامتناع عن الذهاب الى العمل الخ.
ولكن الى جانب هذا، للفرد دور مهم في محاربة التغير المناخي وان اهم وسلة فردية لمحاربة التغير المناخي هي تقليل الاستهلاك غير الضروري. يمكن للفرد ان يلعب دور من خلال تغير نمط الحياة عندما يكون ممكنا الذي يسهم في تقليل الشراء والاستهلاك غير الضروري الذي لا يخدم رفاهية الانسان. لقد قام النظام الرأسمالي بفرض طبيعة و سلوك على الفرد تخدم اهداف هذا النظام والتي تشجع الاستهلاك الجنوني والتي تجعل الاقتناع والاستهلاك مقياس السعادة والرفاهية. يجب الابتعاد عن الاستهلاك بسبب الموضة او المنافسة مع الاخرين. كما يمكن تقليل السفر واستخدام وسائل النقل العام في احيان كثيرة دون ان تؤثر على رفاهية الانسان بقدر كبير.
يجب ان يكون واضحا بان المشكلة هي ان الغالبية العظمى من الافراد ليس بإمكانهم تغير نمط حياتهم بسبب قلة الامكانات، مثلا العيش في بيوت كفؤة او في عزل الحرارة في البيوت او شراء الخلايا الشمسية او اقتناع التكنلوجيا الخضراء الاخرى مثل السيارات الكهربائية او السكن بالقرب من مكان العمل او شراء الطاقة الكهربائية من الشركات التي تنتجها من المصادر البديلة . من جهة اخرى الاعمال الفردية التي تروج لها البرجوازية مثل تركيب مصابيح اكثر كفاءة في استخدام الطاقة واعادة تدوير النفايات واقتناع التكنلوجيا الخضراء مثل السيارات الكهربائية وتقليل استهلاك البلاستك هي ليست كافية. على الفرد تقليل الاستهلاك والذي هو بالضد من النظام الاقتصادي الحالي.
كما يعتبر التحول الى الطعام النباتي الذي ينتج كمية اقل من غازات الدفيئة من المنتجات الحيوانية وخاصة اللحوم اجراء فردي مهم. كما ان استخدام النقل العام واستخدام الدراجات الهوائية وحتى الزراعة المنزلية والانتاج المنزلي هي خطوات بسيطة ولكنها مهمة.