أزمة مفتعلة أخرى لن توقف جماهير العراق عن أهدافها! (حول الهجمة على “الصرخيين)!
أُثيرت زوبعة أخرى خلال الأيام القليلة المنصرمة، حيث شُنت حملة على مقرات الصرخي وأنصاره في بغداد وعدد من مدن جنوب العراق ونظمت تظاهرات غاضبة احرقت كذلك فيها حسينيات هذه الجماعة، بدعوى التطاول على المقدسات.
ومثلما يسعون دوماً لتبيان ان هذا جراء “غضب الشيعة” على التطاول على مقدساتهم وقبور ومراقد “أئمتهم” و”رموزهم”، والغيرة على الإسلام، مثل طلب مقتدى مؤخراً من وزارة الخارجية باستدعاء السفير السويدي لتقديم احتجاج رسمي على حرق اليمين المتطرف نسخة من القرآن… انه لأمر مفهوم؛ سعيهم لتحويل حركتاهم هذه على إنها جراء فعل “اجتماعي” ومطالب “الناس”، و…غيرها، جراء حركة “جموع الشيعة” الغاضبة على “تدنيس مقدساتها”! إن هذا كذب صرف. إن ما جرى هو عمل سياسي وبامتياز. إنه عمل جماعات سياسية ومليشياتية منظم ومدروس ومبرمج.
إن تيارات الإسلام السياسي المنبوذة على صعيد المجتمع من افتعلت هذه القضية لبث الروح في حركتها الجاثمة على صدور الجماهير بالسلاح والعنف والدم. إنها باقية في هذا المجتمع جراء عنف جماعاتها السافر والمنفلت الى ابعد الحدود. إنها جماعات لم يبق لها اي خرقة “شرعية” او اجتماعية أو قانونية أو تاريخ مشرف أو حتى “ادعاءات” تستر بها نفسها أمام مجتمع عرف ماهيتها وأهدافها وحكمها وسلطتها البغيضة. إنها تيارات مفلسة بكل ما للكلمة من معنى.
أما فيما يخص التيار الصدري، فإن هذه الحجة هي فرصة مناسبة لاستعراض العضلات السياسية والقمعية. وتتمتع بأهمية خاصة اليوم، حيث يرى بأم عينيه فشل طرحه الذريع حول “حكومة الأغلبية” التي وضع رأسمال كبير لإنجاحها هذه المرة.
إنها ترى في خطبة ما ألقيت في مدينة بابل الحلة شماعة لترمي بكل ثقلها كي تطيل عمرها. إن العملية السياسية وقواها هي عملية الأزمات غير المنتهية، لا تستطيع أن تعيش قوى هذه العملية وأطرافها وان تطيل بعمرها دون الأزمات وافتعال الأزمات والعوم في مستنقع الازمات المعادية جميعها لكادحي ومحرومي المجتمع.
ليست موضوعة “المراقد” او “القبور” وغيرها موضوعة أحد من الأغلبية الساحقة المتعطشة لحياة لائقة بإنسان القرن الحادي والعشرين. إن الجماهير متعطشة للحرية، للمساواة، للرفاه وعالم يليق بإنسان المجتمع المعاصر.
إن هذه الصراعات هي صراعاتهم من أجل اهدافهم ومصالحهم وإدامة عمر سلطتهم وحكمهم. إنها صراعات من أجل حرف أنظار عمال وكادحي العراق عن القضايا الرئيسية التي تقض مضجع الاغلبية الساحقة التي أمسكت، وبالأخص في تشرين 2019، وتمسك يومياً بخناق هذه السلطة المليشياتية الطائفية البرجوازية الفاسدة والطفيلية. إنها تهدف الى حرف أنظارها عن هدفها الأساسي: توحيد قواها وتنظيمها والمضي نحو إزاحة هذه السلطة البرجوازية.
إن الموضوعة الاساسية لجماهير العراق هي واحدة: كيفية إعداد النفس وتنظيم القوى المليونية الناقمة والغاضبة للإطاحة بكل تلك القوى التي كان لها دوراً اساسياً في فرض الجوع، الفقر، والبطالة، وانعدام الخدمات وفرضت الدمار المادي والمعنوي على المجتمع. وليس بوسع مثل هذه “المظاهر المفتعلة” ان توقف مسعى ونضال جماهير العراق هذا!