جزء من ندوة الشيوعية العمالية لمنصور حكمت حول الشيوعية العمالية
ان احدى اطروحاتنا الاساسية هي بالضبط ان ذلك الامر الذي يقرب العامل من الثورة هو رفاهه، وليس مشقاته. يعتقد الكثيرون ان كلما يكون العمال اكثر حرمانا، يُدفعون للثورة، الامر على العكس، وفق تفكيرنا. كلما يكون العامل مرفها اكثر، ومن الناحية الاقتصادية والاجتماعية اكثر مكانة واحترام، تغدو الثورة الاشتراكية اقرب. اننا نقر بصلة جدية ما بين الاصلاحات والثورة. وكلما تسير الحركة نحو اوضاع اكثر ثورية، يتم الدفع بالنضال من اجل الاصلاحات للأمام اكثر واكثر. وذلك لأنك تتعقب الاصلاحات، ولكن ليس افقك الاجتماعي بالضرورة اصلاحياً. بوسع القوة الثورية ان تكون قوة مستقلة وقائمة بذاتها للنضال من اجل الاصلاحات، تدافع عن الاصلاحات، وتقول افقها كذلك، وتتحدث عن بديلها ايضاً. وان هذا الشيء الذي اعتقده السمة المحددة الاساسية لخطنا، حركتنا وفكرنا خلال السنوات العشرين الاخيرة.
ان من جملة ذلك اصلاحات سياسية واوضاع اجتماعية. بالنسبة للمجاهدين، اذ كسب خاتمي اصواتاً اكثر، عليه ان يمضي لرمي متفجرات اكثر حتى يخرج هذه العملية عن مسارها، برايه! في مرحلة، كان يقول الفدائيين: اصاب عمال المكان الفلاني الفساد، لديهم تلفاز! انهم غريبون عن الشيوعية والماركسية. ليسوا مع شيوعيتنا وماركسيتنا، بل مع الشيوعية والماركسية. لأننا واثقين ان هذه ليست ماركسية. الماركسية هي الشيء الذي نقوله، ونتحدث به، وان المطاليب التي في نهاية البيان الشيوعي نفسها هي دليله كذلك. اذهب واقرأ ماركس وانظر لماذا يدافع ماركس عن ثمان ساعات. في البيان الشيوعية، هناك ثمانية الى عشرة مطاليب اصلاحية.
ولهذا، فان صلة الاصلاحات والثورة بالنسبة لنا هي ركن اساسي لهويتنا. لايمكن لناشط حركة الشيوعية العمالية ان لا يكون ناشط حركة تحسين اوضاع الجماهير. سواء أ كان تحسين اوضاع الطبقة العاملة على الصعيد الاقتصادي او النضال من اجل رفاه الجماهير ام على الصعيد السياسي. انه لامراً معروفاً اننا لا نحب ان ياتي جنرال ما في مكان ما ليقوم بانقلاب على النظام البرلماني. اذا تصدينا لهذه الحركة او قمنا بإدانة هذه الحركة، هل يعني ذلك دفاعنا عن النظام البرلماني؟ كلا! بالنسبة لتلك المكاتب نعم، وهي انها ترى تناقض بينهما. في منظومتنا نقول، بطريقة اولى، يعمل الحزب من اجل التحرر التام للإنسان، ولا نرضى باي محدوديات على جزء من حرياته ايضاً، واننا لقوة جدية مناضلة من اجل الاصلاحات.
حركات انهاء التمييز هو امر مستقل لحركة الشيوعية العمالية
كذلك الحال مع الحركات الداعية لإنهاء التمييز، اذ اننا نشاطرها المصلحة. لانشاطرها المصلحة فحسب، نعتبر انفسنا حجر اساسي فيها. ان شيء ما يمايزنا في هذه المسالة هو اننا لانحتاج، من اجل الاصلاحات، الى التحول الى مساعد سائق الطبقات الاخرى في تلك الحركة. بوسع حركة الشيوعية العمالية نفسها وبصورة مستقلة ان ترفع راية التحولات الاصلاحية في المجتمع. حين تنشد تحرر المرأة، ليست هناك ضرورة لان تكون حليف الحركة الفيمنستية. اوحين تنشد حل المسالة القومية، تكون حليف الحركة القومية، وحين تكون هناك مسالة الحقوق المدنية، تمضي خلف راية الديمقراطية الليبرالية، وتقوم فقط باقراض الاخرين قوتك. ان النضال من اجل الحريات المدنية، حرية التنظيم، حرية الدين، حرية الملبس نفسها امر مستقل لهذه الحركة، وذلك لاننا لم نفصل في اي وقت ما هاتين المسالتين، لانه لايمكن فصلهما على الصعيد الاجتماعي.
المسالة ليست كما لو انه هناك طبقة ما تنشد الثورة، وطبقة اخرى تنشد الاصلاحات. انها الطبقة التي تنشد الثورة هي نفسها الطبقة التي تنشد الاصلاحات. لانها تعيش. وانكم لا تدوسون على امر ثورتكم وذلك جراء الامر اليومي وتحسين اوضاع حياة الجماهير. وجراء ثوريتك لايغيب عن بالك كذلك ان ثلاثة تومانات (التومان: عملة ايرانية-م) هي اكثر من تومانين. ان قدرة شرائية اعلى هي افضل من قدرة شرائية ادنى، وان حرية التعبير هي افضل من غياب حرية التعبير.
انها لمشكلة ان يطلق علينا هذا اليسار المكتبي، (ليست اطلاق كلمة مكتبي عليهم هو امر حسن، لانهم ليسوا مكتبيين بقدرنا ايضاً)، يسار راديكالي فئوي، اسم اشتراكيين ديمقراطيين. انه امراً معروفاً ما يتحدث عنه برنامجنا، اذ ينشد الغاء العمل الماجور، وينشد الاطاحة بالجمهورية الاسلامية. وفي اليوم الذي ياتي فيه للسلطة، سيعلن هذه بوصفها قوانين البلد. ولاننا مدافع عن تقليل ساعات العمل وضمان البطالة وحقوق الاطفال، يعتقد الطرف الاخر اننا خرجنا من التقليد الشيوعي. يفكرون بالضبط هكذا، ويوضحون ويفسرون الامر بالضبط هكذا. لماذا؟! لانهم يدافعون عن الحقوق المدنية للجماهير! انها نقطة ينبغي الانتباه لها برايي. يمكن ان تكون عنوان مستقل، ان تكون موضوع كتاب، يمكن ان تكون موضوع ندوات مستقلة حول الجوانب المختلفة لكيف تخلى الشيوعيين عن النضال من اجل اصلاحات، وكيف سلّموا راية الاصلاحات ليد الطبقات والفئات الاخرى، وماهو اختلاف الدعوة البروليتارية للاصلاحات عن الاصلاحية البرجوازية و….
ومثلما اننا حركة من اجل الثورة الاجتماعية، فاننا كذلك حركة من اجل اصلاح الاوضاع القائمة لصالح الجماهير، ولصالح الاقسام المحرومة، وذلك لاننا نعتبر ان كلاهما يستندان الى بعض. ونعتقد كلما تحسنت اوضاع العمال والجماهير المحرومة، يتقوى استعدادهم لاستئصال جذور هذا المجتمع اكثر، وكلما تقوت الحركة الثورية في المجتمع، تتراجع البرجوازية اسرع واسرع وتُسَلّم بأمر منح الاصلاحات للجماهير.
“الانسان” مركز ثقل الشيوعية العمالية
نقطة اخرى تمثل خصيصة شيوعيتنا، ذكرتها في العنوان الاولي، وهي نزعتنا الاومانستية والانسانوية. ذكرت ان الانسان مركز ثقل توجهنا، لا التاريخ ولا ظاهرة موضوعية غير انسانية وغير حية من المقرر طي مسيرها. ثمة شيوعيون كثر في التاريخ يرون انفسهم في دفع التاريخ للامام. كما لو ان من المقرر انهم ياتون للعالم، ليقوموا بنشاط، يعيشوأ حتى يمضي التاريخ من المرحلة (أ) الى مرحلة (ب). بالنسبة لنا، التاريخ تاريخ حياة الناس، وبالتالي، فان هدف الشيوعية هو تحسين وضع حياة الناس. اذا لم تستطيع الشيوعية ان تقوم بهذا العمل، فانها تكون قد انحرفت عن سبيلها. ولهذا، فان لانسانيتنا مبرمية وفورية. تتعلق بمليارات الناس من عصرنا، عصرنا الراهن. الشيوعية، وفق هذا المعنى، على عجلة من النصر. لا تريد ان تلعب دورها ورسالتها التاريخية.
ان شيخاً يصون كتاب الرأسمال (بالقراءة) على الشمعة هو عمل جيد دون شك. بيد ان على عاتق الحركة الشيوعية ان تغير اوضاع حياة الناس. وكذلك انه لامرها ان تضع الحركة الاشتراكية للطبقة العاملة في مكانة افضل للنضال، حتى اذا لم تستطيع ان تنال الانتصار التام والنهائي. ينبغي ان نقول بصورة مادية، نظراً لوجود هذا الحزب السياسي او ذاك او تلك الحركة الشيوعية العمالية، فان عمال هذا البلد اقوى في ميدان الصراع الاجتماعي مع البرجوازية.
النزعة الانسانوية والحقوق الفردية
ارتباطاً بالانسانية ذاتها، الفرد مهم براينا، وان حق الفرد مهم الى حد كبير. ولكن في المطاف الاخير ان الشيء الذي يعرّف مقولة الحق ويحددها عندنا ليست حقوقية الى ذلك الحد. في المجتمع البرجوازي، الحق مقولة حقوقية. اذ يُطلق على اي عمل مسموح لك القيام به حقك. على سبيل المثال، مسموح لنا ان نقفز 25 متر، ولكن اذا لم نتمكن من ذلك، فاننا نتمتع بهذا الحق على اية حال! لم يحول احد امام قفز هذه الـ 25 متر!
ليس لمقولة الحق عندنا صبغة حقوقية وسلبية فقط، اي لم يقف احد ما حائلاً امامنا، بل ان تكون لدينا قدرة تحقيقها. اذا كان لديك حق الانتقال في هذا المجتمع، وهو امر لا شك فيه، ولكن اذا كانت كل بطاقة ركوب القطار تكلف بقدر راتبك الشهري، فانك لاتتحرك في هذا المجتمع، ان تسافر من هنا الى هناك. صحيح ان بوسعك السفر في الكرة الارضية. ولكن اذا لم تكن لديك ميزانية ذلك، اذا لم يكن لديك وقت لذلك، او ان تفقدوا اعمالكم جراء هذا، او ليست لديكم رخصة لذلك، عندها لاتستطيع السفر. من حقك المشاركة في السياسة، ولكن اذا لم يكن لديك مالاً كافياً، لاتستطيع المشاركة والتدخل فيها. لانه ليس لديك وسائل اعلام، ولا ياتي المراسلون اليك وغير ذلك.
لايوضح الحق بذاته وضعي ووضعك في المجتمع. الامكانات هي من توضح مدى امكانية تحقيق حقوقنا هذه. ولهذا، فان هذا الجانب الاثباتي وغير السلبي للحق، اي في الوقت ذاته كم بمقدورنا الاستفادة من حقنا، هو جزء من فهمنا لحق الانسان في المجتمع. وحين نتحدث عن حرية التعبير، لانتحدث فقط عن المرء حر في ان يقول كلامه. اذ ان السؤال الذي يليه هو: حسناً، اين يقول كلامه؟ انك اعطيته “حريته”، ولكن ليس هناك جريدة، تلفاز، جمعية، تجمع بوسعه ان يقول كلامه من خلاله طبقاً للتعريف. يطرح امر مثل حرية التعبير امامنا فوراً مسالة امكانية ابراز وجود الناس كذلك.
بهذا المعنى اقول ان مقولة الحق ومحبة الانسان اعمق لدينا بكثير من الليبراليين والديمقراطية الغربية التي تسعى لطرح الفرد والفردية بوصفها نقطة قوة لهم ونقطة ضعف الشيوعية. ليست شيوعيتنا فقط، بل شيوعية ماركس يكون الانسان فيها حراً اكثر بدرجات كبيرة. وذلك لانها تتحلى بامكانية تحقيق تلك الحرية.
انه لشائع هو اتهام الشيوعيين بعدم رؤية الفرد والنظر للافراد بصورة واحدة وتشابه الافراد. مرة اخرى، ليس الامر كذلك في تقليدنا. ان موضوعة “اليونيفرميتى” (هيئة وشكل واحد-م) وتشابه وقياسية الافراد ليس وارداً في تقليدنا. مثلما ذكرت، ان الموضوع هو ان يكون وسع اي شخص ان يقوم باي عمل يريد، وثانياً، بوسعه انجاز الشيء الذي ينشد القيام به. بعد هذا، باي شكل يظهر، وكيف يبدو يعود بصورة كلية لاختيار ذلك الفرد.
لا ربط لذلك التصور الرمادي للشيوعي والشائع جراء التقاليد البرجوازية للاشتراكية ولا له صلة بنا. اعتقد ان من ينظر الى الحزب الشيوعي العمالي من بعد، يرى بدرجة ما تنوع هذا التيار وانفتاحه عالياً. ليس تنظيماً “الى الامام دُر- الى الوراء دُر” على الجميع ان يقوم بعمل خاص. كلّ يعزف موسيقاه، وان كانوا متناسقين معاً، فان ذلك قد يعود الى تشاركهم الكبير معاً في العقيدة.ولكن، وبصورة واقعية، ان جعل البشر بمقياس واحد ليس جزء من منظومتنا ومكتبنا. بل على العكس من ذلك، نقر بالطابع الابداعي للناس، وننشد بروزه وتفتقه. لانستلذ بالضرورة من تقليد بعضنا البعض، ونكون بمقياس واحد شبيهي بعض. المهم هو ان يتمتع الجميع بامكانيات متماثلة