في الذكرى الثالثة لانتفاضة أكتوبر التنظيم ثم التنظيم ثم التنظيم، وفصل الصفوف عن التيارات البرجوازية، الطريق للتخلص من سلطة الإسلام السياسي وميليشياتها
تمر علينا الذكرى الثالثة لانتفاضة أكتوبر الجماهيرية العظيمة، الانتفاضة التي وجهت ضربة موجعة لسلطة الإسلام السياسي البرجوازية، وأسقطت حكومة عادل عبد المهدي المدعومة من الجمهورية الإسلامية في إيران، وما يدور اليوم من صراع سياسي محتدم بين أطراف العملية السياسية الفاسدة بجميع أجنحتها، ــ من القومية والإسلامية، الصدرية والولائية، الأمريكية والإيرانية والتركية وغيرها، واشتداد الصراع على السلطة السياسية وتخبطات جميع الأطراف وانسداد آفاقها ــ ما هو إلا نتاج ضربات انتفاضة أكتوبر.
إن انتفاضة أكتوبر طوت صفحة من تاريخ المجتمع العراقي، وقوضت من مكانة الإسلام السياسي، الذي حاول طوال ما يقارب من عقدين من الزمن، بسلطته وميليشياته وقناصيه واغتيالاته و بوضعه فوهة البنادق على الرؤوس من أجل احتواء المجتمع العراقي، وفرض الأسلمة عليه، من أجل إضفاء الشرعية على كل عمليات النهب والسلب والسرقة والجرائم التي قام بها.
إنَّ المقاطعة المليونية لجماهير العراق لمهزلة (الانتخابات) في تشرين الأول من العام الماضي، ــ التي وصلت نسبتها الى أكثر من ٨٥٪ ــ هي امتداد لتلك الانتفاضة، الانتفاضة التي فرضت التراجع عن المكانة السياسية والاجتماعية للإسلام السياسي وسلطته غير المشروعة، التي فرضت على جماهير العراق بحراب الاحتلال الأمريكي وحلفائه الغربيين.
أنَّ روح انتفاضة أكتوبر ما زالت تحلق فوق المجتمع العراقي، وما زالت ترعب كل القوى السياسية، يحاول قسم منها عبر النفاق والتشدق والمزايدة السياسية تقمص روحها، والادعاء بأنها تمثل الانتفاضة، من أجل تحسين حضها في عملية اقتسام السلطة السياسية، وتأمين (مستقبلها) السياسي، أياً كان السيناريو السياسي الذي تعد له الطبقة البرجوازية الحاكمة للتخلص من أزمتها السياسية، كحل البرلمان أو انتخابات مبكرة.
إنَّ من فجَّرَ انتفاضة أكتوبر هم الملايين من العاطلين عن العمل، والآلاف المؤلفة عمال العقود والأجور اليومية، ليلتحق بهم الطلبة، والنساء التواقات لكسر طوقهنَّ الذي فرضته سلطة الإسلام السياسي وميليشياته لمنعهنَّ من الانطلاق الى فضاء الحرية، وقد سقط المئات من المنتفضين من النساء والرجال برصاص قناصة وسكاكين وهراوات المليشيات الإسلامية دون استثناء، ونظمت الهجمات الليلية على خيام المنتفضين في جميع ساحات المدن العراقية، في بغداد والناصرية والبصرة والنجف وكربلاء وبابل..، وبالرغم من كل تلك التضحيات التي بذلت لتحقيق أهداف انتفاضة أكتوبر، إلا أنها وللأسف لم تصل إلى محطتها النهائية، محطة تحقيق الحرية والرفاه، محطة تأسيس حكومة تعرّف البشر في العراق على أساس الهوية الإنسانية، حكومة تنبثق من الإرادة الحرة للجماهير، حكومة تقضي على الفساد وتحيل الفاسدين الى محاكم علنية، حكومة تنهي عمر المليشيات وتفرض الأمن والأمان والسلام، حكومة تلقن الأنظمة السياسية في إيران وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية درساً بعدم العبث بسلامة وأمن الجماهير، وتحقق السيادة للجماهير، وليس السيادة الكاذبة والخادعة للعراق، الذي حولته الجماعات الموالية لتلك الأنظمة إلى منتجعات لجيوش ومخابرات وعصابات المنطقة.
في الذكرى الثالثة للانتفاضة أكتوبر، ما زالت الجمرة مشتعلة تحت رمادها، الجمرة التي أشعلت فتيل الانتفاضة، جمرة الفقر والعوز الذي وسعت من مساحته حكومة الكاظمي عبر ورقتها البيضاء، جمرة تطاول المليشيات على الحريات وأمن الجماهير، جمرة انعدام الأمن والأمان، جمرة استمرار إدامة عمليات السرقة والنهب لثروات الجماهير، بالرغم من المحاولات اليائسة لكل القوى السياسية دون استثناء لإطفائها عبر القمع والكذب والخداع.
في الذكرى الثالثة لانتفاضة أكتوبر نؤكد من جديد إن الدرس الذي يجب التعلم منه هو أنَّ الطريق إلى الأمان والحرية والرفاه، يكون عبر إزاحة السلطة السياسية المليشياتية البرجوازية القائمة، وبمجمل عمليتها السياسية عبر (انتفاضة أكتوبر) أخرى، ولن يتحقق ذلك إلا عبر التنظيم المستقل للجماهير بكل أشكالها وقطاعاتها، وعبر فصل صفوفها عن صفوف التيارات البرجوازية، وعبر مد اليد الى السلطة السياسية، وليس عبر انتظار صحوة ضمير من قبل هذه القوى المليشيات، أو عن طريق صناديق الاقتراع التي تفتحها المليشيات وتغلقها أو تحرقها إذا اقتضت مصلحتها ذلك.
عاشت ذكرى انتفاضة أكتوبر
الحزب الشيوعي العمالي العراقي
٣٠ أيلول ٢٠٢٢