الحزب بوصفه أداة سياسية-تنظيمية بيد الطبقات في الصراعات السياسية وموضوعة السلطة
محسن كريم
إن الحزب والحزبية الشيوعية أمران مهمان جداً في النضال الطبقي للعامل وفي موضوعة الثورة
والسلطة السياسية. ومن أجل بلوغها الإقتدار السياسي أو إنتزاع السلطة السياسية، فان جميع الطبقات
الأساسية للمجتمع تؤسس أحزابها السياسية. أنى نلقي نظرة على أي مكان في العالم، وفي الوقت الذي
نرى دعاية واسعة للمؤسسات الرسمية وغير الرسمية للبرجوازية ضد الحزبية والحزب، بيد أن جميع
القوى البرجوازية لها أحزابها السياسية. وتشكل حكوماتها عبر أحزابهأ. أحزاب تنال أغلبية البرلمان
وتشكل الحكومة. أي بمعنى اخر، في أي مكان من العالم تكون فيه سلطة، حكومة، طبقة سائدة، ولكن
ليس عبر الأحزاب؟! تشكل كل الطبقات والحركات السياسية والإجتماعية أحزابها السياسية. وبعدها عبر
هذه الأحزاب، تسعى للمضي للسلطة والحكم وإرساء سلطتها في المجتمع.
في ندوة أخرى، قدمتها تحت عنوان (النضال الطبقي والحركات الاجتماعية والأحزاب السياسية)، تناولت
الصلة ما بين الأحزاب السياسية والحركات الأجتماعية والسياسية والصراع الطبقي. إن ثمة مسألة مهمة
أود ذكرها مرة اخرة وهي: ليس ثمة طبقة أو حركة إجتماعية وسياسية جدية بوسعها أن تبلغ السلطة
بدون حزب سياسي. مثلما تعلمون إن الموضوعة الاساسية للطبقات هي موضوعة السلطة.
إنظروا الى الدول والحكومات البرجوازية. الى اي مكان من العالم تلقي نظرة عليه، ترى أن
البرجوازية، وعبر حزب او عدة أحزاب سياسية محددة، فرضت هيمنتها وسلطتها على المجتمع، وتدير
المجتمع عبر أحزاب سياسية! على سبيل المثال، في امريكا هناك حزبان رئيسيان (الحزب الجمهوري
والحزب الديمقراطي) يتبادلان السلطة فيما بينهما لعشرات السنين. في بريطانيا، تأتي السلطة وتذهب
لسنوات مديدة ما بين حزب العمال وحزب المحافظين! في بلدان اسكندنافيا، تتبادل عدة أحزاب إشتراكية
ديمقراطية، ديمقراطية مسيحية واشتراكية ويمينية السلطة!
في بلدان العالم الثالث، على سبيل المثال من ايران، العراق، مصر، تركيا، تونس، السودان و…غيرها،
ثمة احزاب سياسية وعبر هذه الاحزاب، حتى اذا لم تجري في انتخابات، او تقام فيها انتخابات شكلية
تطبق سلطتها. انظروا الى الجمهورية الاسلامية، سلطة شمولية ومنفلتة، بيد ان هناك حزب الجمهورية
الاسلامية، العراق في مرحلة البعث، كان هناك حزب البعث، مصر في عهد حسني مبارك، السودان في
عهد عمر بشير و…..الخ. لديها كلها احزاب سياسية. ماعدا شيوخ الخليج وربما بعض البلدان الاخرى
لاتسيّر البرجوازية سلطتها عبر حزب، فانه ليس ثمة مكان في العالم تكون السلطة خارج الاحزاب
وبمعزل عنها.
تستلم الطبقات الاجتماعية السلطة عن طريق الاحزاب، فعبر الاحزاب تسيطر على المجتمع، تطرح
عبرها بدائلها السياسية، تصوراتها السياسية واولوياتها السياسية والاقتصادية وتجعلها اجتماعية وتجعل
منها اراء وتصورات الجماهير. ان موضوعي هذا الان لان هناك حملة على الحزبية، بالاخص على
الحزبية الشيوعية من قبل المثقفين البرجوازيين. تجد هذا حتى لدى اناس يعدون ويحسبون انفسهم على
العامل والشيوعية والاشتراكية!
للبرجوازية عشرات الاحزاب، ولكن حين يأتي الحديث عن حزب شيوعي وحزب عمالي وان على
العمال ان يكون لهم حزبهم السياسي، يردون فوراً لايمكن هذا، لماذا حزب للعامل؟ الحزب ديكتاتورية،
الحزب قمعي، او يخرق الحزب الحرية الفردية ويضيق عليها… والخ. وبالاضافة الى الاحزاب،
للبرجوازية الف شكل وشكل من السلطة كذلك. لا تحكم فقط عبر احزابها، تطرقت سابقاً الى تلك النماذج
في اوربا وامريكا وبلدان العالم الثالث. اذ بالاضافة الى الاحزاب، لديها العديد من المؤسسات الاخرى
لممارسة سلطتها وحكمها وادارة المجتمع. للبرجوازية برلمان، شرطة، جيش ومؤسسات قمعية. لها
مؤسسات شرطة سرية، العديد من الجماعات والمليشيات الرسمية وغير الرسمية. لأورد نموذج امريكا
مثلاً. في امريكا، بالاضافة الى FBI (الشرطة الفيدرالية) و CIA، الكونغرس ومجلس الشيوخ، وجيش
من عشرات الاف الجنود وعشرات الانواع من الاسلحة المتطورة والمدمرة، العديد من المؤسسات
والمراكز المختلفة المنتشرة في اصقاع العالم وطبقا لتقرير جريدة لو انجلس تايمز في 2015، فان هذه
المؤسسة تنفق مايقارب 67 مليار دولار! (1)
مثلما ذكرت للبرجوازية حزبها، سلطتها، جيشها، وغير هذا تقوم عبر مؤسساتها بقمع الطبقة العاملة
والحركات والمنظمات والتحركات العمالية. على سبيل المثال، في رحم الديمقراطية، في امريكا، في
بريطانيا، في فرنسا تقمع الجماهير الساخطة. في اخر تظاهرات فرنسا، المعروفة باسم اصحاب الستر
الصفراء، رايتم كيف تتعامل الشرطة الفرنسية بوحشية مع المتظاهرين. كيف يعاملون اناس هبوا فقط
للشوارع من اجل حقوقهم، دون ان يقوموا باي عمل عنفي. في السودان، تتظاهر الجماهير ضد البطالة،
سلب حقوق النساء ومن اجل الحرية وحقوقهم الاساسية، ولكن انظروا كيف تعامل المجلس العسكري
الذي هو وريث عمر البشير، وهذا على اساس انهم قد ازاحوا عمر البشير من السلطة واعتقلوه، ويقوم
بصورة وحشية بعملية قتل عام للمتظاهرين والمضربين وذلك من اجل انهاء اضرابهم واحتجاجهم. فطبقاً
للاخبار، قتل اكثر من 106 محتج، ناهيك عن جرح المئات. في امريكا، ابان تظاهرات عام 2012 والتي
اطلقت على نفسها حركة 99%، قاموا بحملة على المتظاهرين باشكال عديدة. بهذا، وبالاضافة الى
الحروب والمصائب التي جلبتها على المجتمع البشري، بالاضافة الى تحولها قضية لبقاء البشرية، تحولت
البرجوازية الى تهديد للبيئة وحتى على حياة الحيوانات، وليس الانسان فحسب. ولكن حين يأتي الحديث
عن العامل، الحزب العمالي، السلطة العمالية، يرسمون صورة شيطان ينوي تدمير العالم! شيطان يقمع
ويرتكب قتل جماعي ويفرض الديكتاتورية!
(أعلاه هو مقطع من ندوة وبحث أوسع تحت عنوان “الحزب والحزبية الشيوعية”)