بلاغ الى مواطني كركوك!
انتهت مهزلة الانتخابات، أزفت ساعة إزاحة السلطة وإرساء سلطة جماهيرية من أسفل!
أيها العمال والكادحين والجماهير المُضطَهَدة في كركوك!
بعد حملة واسعة لانتخاب مجلس المحافظة وبتوظيف مجمل الهويات القومية والطائفية، وبهدف سلب هوية المواطنة منكم، وبعد إطلاق عشرات الوعود والأكاذيب، انتهت الانتخابات. لقد تم تسيير الانتخابات على هوى الاحزاب الحاكمة والتعكز على نهب عائداتكم وقوتكم أنتم المواطنين.
كان بلاغ أطراف الانتخابات هو إشاعة النعرات القومية والطائفية والكذب والخداع السافر. لقد فرضت هذه الأطراف سلطتها عليكم لأكثر من 20 عاماً. ان أجندة سلطة البرجوازية الكردية التي استمرت منذ 2005 ولحد 2017 أو السلطة القومية والاسلامية الشيعية التي بيدها سلطة كركوك من 2017 ولحد هذه اللحظة على السواء لم تتعدى الفصل والصراع القومي والمجابهة والقمع والنهب والسرقة وسلب الحقوق وغياب الخدمات وانعدام الأمن وسلب حقكم في العيش المشترك العادي والهادئ. ان كان هناك صراع أو حرب بين جميع هذه الاطراف السياسية البرجوازية المشاركة في الانتخابات وتقرع “طبول الديمقراطية” فهو حول السيطرة على آبار النفط ونهبها وسرقتها بصورة سافرة، في الوقت الذي تفتقدون فيه أنتم مواطنو كركوك بكردهم وعربهم وتركمانهم وكلدانهم واشورييهم الى أبسط الخدمات والى أجواء هادئة وآمنة ومحرومين من ابسط الحقوق والحريات، وجعلوكم ترسفون في الجوع والحرمان، وقد تلاعبوا وغيّروا ملامح المدينة بحيث حولوها الى حطام.
وبرفع شعار “كركوك مدينة عربية” و”كركوك قدس وقلب كردستان” و”كركوك تركمانية”، تنشد النزعة القومية العربية الشيعية والاسلامية أم النزعة القومية الكردية والتركمانية على السواء نزع هويتكم الانسانية ومواطنتكم وتعكير صفو عيشكم وعملكم المشترك وهدوءكم والاختلاط التاريخي والانساني بدون مشكلة ويضفوا طابعاً قومياً وطائفياً. لم يستطع النظام البعثي المقبور عبر القمع الدموي وبسياسات “التعريب والتبعيث والترحيل” تدمير صفوف تعايشكم وخلق العداوة بينكم، والآن ينشد ورثة البعث وعملاء ايران وموظفي اردوغان تحت الراية الكاذبة لـ”الانتخابات والديمقراطية” ان يقوموا بذلك عبر اللجوء الى الهوية القومية والطائفية.
يا مواطنو كركوك والجماهير المحرومة! لقد رأيتم في هذه الانتخابات كيف ان القوى السياسية وممثليها يطرقون أبوابكم باباً بابا ويقولون لكم ضعوا أياديكم على جروحكم وأغمضوا أعينكم وامنحونا صوتكم! وذلك ليس من أجل تأمين الخدمات والحقوق والحريات والأمان والسكينة والتعايش، بل من أجل هيمنة الهويات القومية والطائفية عليكم، وعبر هذا السبيل، وضع الشق بين صفوفكم ومصيركم المشترك. ورغم الماكنة الاعلامية الضخمة للأحزاب ونداءاتهم، بالإضافة الى رهن لقمة عيش المواطنين وجر جيش من القوى الامنية والعسكرية والعاملين بالأجر الى صفوفهم ودغدغة المشاعر والأحاسيس، تمكنوا من جر قسم من جماهير كركوك للمشاركة في الانتخابات، ولكن رغم هذا، فان أكثر من نصفكم أنتم المواطنون الذين تعيشون تحت ظلم سلطة البرجوازية العربية والكردية وبغض النظر عن هوياتهم، لم تشاركوا في الانتخابات وقاطعتموها وواصلتم احتجاجاتكم ضد سلطة النهب من الأحزاب والأطراف ورددتم على سيناريو الانتخابات. ان هذا دلالة ومؤشر على وعيكم وتصديكم للسلطات المختلفة وللأجنحة البرجوازية المختلفة.
لقد انتهت الانتخابات، ولكن لم يركد غبارها وعواقب الدعوات القومية والطائفية بعد، وتلقي بضلالها حتى على الوضع ويمكن رؤية الهجمات والحملات هنا وهناك، ولكنها لا ترتبط من قريب او بعيد بمواطني كركوك، بل انها عمل مبرمج ومخطط له من قبل القوى والأطراف القومية والطائفية. انه مسعى مهزوم بهدف دق أسفين ما بين مواطني كركوك بوصفه جزء من أجندة عملهم المقرفة والمجربة. ينبغي احباط هذه المساعي.
ان دعوات ونداءات القوميين العرب والقوميين الكرد في الدفاع عن حقوق التركمان ليست من أجل الدفاع عن حقوق الجماهير التركمانية، بل بهدف انتهاز الفرصة لنيل مناصب وامتيازات أكثر وتغيير ميزان القوى.
أيتها الجماهير المناضلة في كركوك!
وبمعزل عن الصراعات ما بين الاطراف ما بعد الانتخابات حول المناصب والامتيازات، وبالأخص حول النهب والسيطرة على آبار النفط والتي آثارها الضارة عليكم وعلى حياتكم ومعيشتكم، في الوقت الذي فيه انتخابات أخرى “المجلس الوطني” على الأبواب. ولهذا، ينبغي، من جهة، وامتداداً لاحتجاجكم ومقاطعتكم للسلطة ومهزلة الانتخابات، ان نلتف حول بعض ولكن بعيون مفتوحة أكثر ووضع الايادي بيد بعض من اجل إفشال خطة الأطراف السياسية، ومن جهة أخرى، أن تكونوا مهيئين أكثر من أجل الحاق الهزيمة بالانتخابات القادمة. ولهذا، من الضروري ان تتخذ احتجاجاتكم على السلطة وسيناريوهاتها، ومن ضمنها الانتخابات، مديات أبعد من المقاطعة وأوسع وفي الوقت ذاته أكثر تنظيماً.
لقد أزفت الساعة! ومثلما تمضي الأحزاب والأطراف السياسية بعد الانتخابات نحو الاتفاق على المناصب والامتيازات والسلطات وتنشد إدامة تجربة سلطتهم الفاشلة عليكم، فعليكم من الان الشروع بالتجمع مع بعض واللجوء الى التنظيم ضد السلطة المفروضة للأطراف السياسية ورفض سلطتهم وكذلك من أجل إرساء سلطتكم. من المعامل والمصانع، الى المراكز الخدمية، ومن المحلات الى صعيد مجمل المدينة، كما ينبغي على المخلصين ومبعث ثقة الناس والصادقين الصريحين، بغض النظر عن الهوية القومية والطائفية، أن يلتفوا حول بعض ووضع مهمة المجابهة وتفعيل ارادتهم وقدراتهم المستندة الى ثقة الجماهير ويجعلوا منها اساساً لعملكم. إذا كانت كركوك مدينة الكركوكيين ومواطني هذه المدينة، ينبغي ان تدار من قبلكم. ينبغي ان تخصص ثروات وعائدات المدينة للخدمات وعدم بقاء الفصل والتمييز ومحو الاثار المدمرة للنظام البعثي والاحزاب والاطراف السياسية ما بعد البعث، والذي يتضمن الحقوق الفردية والمدنية والحريات وتحسين ظروف المعيشة، انهاء الوضع غير المناسب الراهن من صراعات قومية وطائفية وغياب ودمار الخدمات، والسرقة والنهب وانعدام الحقوق والقمع وغياب الحقوق والحريات و…الخ. ان تحقيق هذه الأماني مرهون بإرساء وتأسيس لنمط آخر من السلطة والادارة تؤمن بصورة مباشرة ومن أسفل بين الجماهير. يمكن تحقيق الإدارة وانتزاع السلطة على صعيد المحلات والاحياء والمراكز وصولاً الى المدن واداراتها عبر انتخابات حرة ومباشرة للممثلين الحقيقيين.
اننا في الحزب الشيوعي العمالي الكردستاني نقف كحملة راية وفي مقدمة صفوف هذا المسعى والنضال.
الحزب الشيوعي العمالي الكردستاني
24/12/ 2023