في الساعات الأولى من فجر أمس، الأربعاء المصادف ٣١ آب ٢٠٢٤، اغتيل “إسماعيل هنية”، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في العاصمة طهران. وتشير أصابع الاتهام الى جهاز الاستخبارات الإسرائيلية “الموساد” بارتكاب عملية الاغتيال، وكما هي العادة دوماً في حالات وأوضاع من هذا القبيل، لم تقم إسرائيل بتبني هذا العمل الإجرامي، بيد إن كل المؤشرات، سواء من ناحية التقنية المستخدمة وطريقة التنفيذ وإمكانياته، والأهم من كل هذا، هو أنَّ لها مصلحة في مثل هذا العمل، مما يدلل على أنَّ من قام بعملية الاغتيال هي إسرائيل نفسها.
تأتي هذه الخطوة بعد أيام معدودة من زيارة نتنياهو لواشنطن وإلقاء خطابه في الكونغرس ولقائه بترامب وبايدن، والتأييد الذي منحه الكونغرس الأمريكي لسياساته الإجرامية في غزة، ومن غير المستبعد أن تكون هذه الخطوة قد نالت موافقة ودعم الهيئة الحاكمة في أمريكا، إذ لا تتعدى تصريحات المسؤولين الأمريكيين بعبارات من قبيل “عدم اطلاعنا المسبق على هذه الخطوة” وضرورة “تخفيف حدة التوتر في المنطقة” و “استعداد أمريكا للدفاع عن إسرائيل وعواقب هذا العمل”!! وبهذا تدلل مرة أخرى على أنَّ أمريكا، ورغم كل ادعاءاتها الكاذبة بسعيها لإنهاء الحرب على غزة، هي طرف أساسي في هذه المجازر التي ترتكب يومياً بحق جماهير فلسطين وغزة واستمرارها.
لقد مرَّت ما يقارب على (10) أشهر من حملة الإبادة الجماعية على جماهير غزة مخلفة ما يقارب من (40) ألف قتيل من الأبرياء والعزل، وما يقارب (100) ألف جريح، ناهيك عن الدمار المادي والمعنوي للمجتمع وكذلك البنى التحتية، ولم يحقق مجرم الحرب نتنياهو أي من أهدافه المزعومة من مواصلة الحرب. لم يقض على حماس ولم يحرر المحتجزين، وليس هناك في الأفق أي ملامح لانتصار سياسي وعسكري للفاشية الإسرائيلية، ليس هذا وحسب، بل تعاظمت عزلتها السياسية والدبلوماسية العالمية وتعاظم التأييد العالمي بالضد من جرائمها، وتعاطفاً مع جماهير فلسطين ومطلب تأسيس دولة فلسطين المستقلة وغرق في أزمة سياسية واجتماعية داخلية عميقة تعصف باركان حكومته اليمينية والفاشية. ولهذا، فان خطوة حكومة نتنياهو الإرهابية هي بحث عن أية فرصة “انتصار” وهمي وكاذب من أجل حفظ ماء وجهها.
إن ذلك لا يُعدّ، إلا جزء من سياسة “الهروب للأمام”، الإمعان في الحرب والجريمة والقتل والإبادة الجماعية لجماهير عزل لا ذنب لهم سوى انهم يقطنون الأرض المسماة “غزة”. إن جريمة اغتيال هنية ليست هي من منطلق القوة، بل جراء انسداد الآفاق السياسية والعسكرية وانعدامها. من جهة أخرى، فإنَّ إسرائيل الفاشية قد ارتكبت جريمتها في طهران كجزء من سعيها لتوسيع الحرب في المنطقة عبر الاستفزاز المستمر لإيران وجرها، وبالتالي جر أمريكا والناتو، للحرب في المنطقة. كل هذا من أجل التخلص من مأزقها السياسي والاجتماعي والدبلوماسي.
انّ هذه الجريمة مدانة جملة وتفصيلا. أنها إرهاب حكومي ودولي وأقل ما توصف به هي كونها عمل مافيوي يفتقد الى أبسط القيم والمعايير السياسية والإنسانية، إن هذه الخطوة الإسرائيلية، وقبلها بساعات اغتيال (فؤاد شكر) القيادي العسكري في حزب الله في بيروت، وبعدها بساعات قصف مناطق الحشد في جرف الصخر في العراق وغيرها، يدفع المنطقة نحو مخاطر جدية، ويرميها في دوامة حروب وانعدام أمن وإرهاب وتعمق الرجعية وانفلات الأحاسيس والحركات القومية والدينية الرجعية. ويدفع ثمنها الأبرياء والعزل في المنطقة ككل.
في الوقت الذي يدين فيه الحزب الشيوعي العمالي العراقي هذه الجريمة النكراء، يناشد كل الحركات والتيارات التقدمية والمحبة للإنسان وفي مقدمتهم الطبقة العاملة العالمية مواصلة ضغطها على أمريكا والغرب من اجل إيقاف دعمها للإجرام الإسرائيلي الفاشي وإيقاف نزيف الدم هذا والإقرار بحق جماهير فلسطين بتأسيس دولتهم المستقلة والمتساوية الحقوق والقابلة للحياة. إنّ بوسع هذه الخطوة فقط جلب الأمان للمنطقة وتهميش وفرض الانزواء على الرجعية والإرهاب بكل أشكالهم.
الحزب الشيوعي العمالي العراقي
١ آب 2024