ألإرهاب والإبادة الجماعية الاسرائيلية من غزة الى لبنان
بعد مايقارب من عام على الابادة الجماعية لجماهير فلسطين والإبادة التامة لقطاع غزة وجعلها منطقة عديمة الحياة، وبعد عام من الإجرام بحق الإنسانية والإرهاب لماكنة القتل الحكومية لليمين القومي-الديني الاسرائيلي، وبعد السعي الشامل لإضرام النار في المنطقة ودفعها في حرب شاملة، شنت اسرائيل يومي الثلاثاء والأربعاء (17 و 18 من ايلول 2024) عملياتها الإرهابية الواسعة والعمياء على ابرياء لبنان تحت إسم الحملة على حزب الله. في غضون هذين اليومين، قامت المنظمة الأمنية الإسرائيلية، الموساد، وعلى مرتين، بتفجير متزامن للألاف من أجهزة البيجر ووسائل التواصل الجماعي في لبنان، في أماكن عامة، وفي مراكز العمل وفي مراسيمات تشييع جنائز ضحايا اليوم الأول من الحملات، وقُتِل إجمالاً 37 شخص وأكثر من 3 الأف جريح.
وقامت مؤسسات الدعاية الحربية للحكومات الغربية بالتطبيل للعمليات الإرهابية بوصفها دلالة على إقتدار المؤسسة الاستخبارية الاسرائيلية، والقدرة العالية في اختراق حزب الله، وقدرتها الاستثنائية على الإستفادة من أحدث التقنيات في خدمة الحرب، وأساساً، تعميق الهلع من قدرتها العسكرية والجاسوسية “العظيمة والتي لاتهزم”.
وبعد قيامها بجريمة مروعة، قامت دولة اسرائيل بحملة واسعة من قصف مدن وقرى لبنان، وإستهدفت المناطق المأهولة بالسكان من مدارس ومستشفيات وحتى سيارات الاسعاف. وحتى صبيحة الاربعاء، قتلت أكثر من 600 شخص من بينهم عشرات الأطفال، وأكثر من الفي جريح. وعلى غرار قتل الأبرياء في غزة، ابلغت الهيئة الحاكمة في اسرائيل أجزاء من جماهير لبنان، من بينها بيروت، على إخلاء المنطقة وذلك لان اسرائيل تنوي قصف مناطق أوسع. وعليه، أُجبر حتى اليوم عشرات الآلاف في عموم لبنان على ترك بيوتهم ومدنهم، وتشردوا!
وعلى الرغم من ذبحها لعشرات الآلاف من الأبرياء في قطاع غزة والضفة الغربية والإبادة الجماعية وجرائمها الحربية ووحشيتها، لم تبلغ أهدافها السياسية والعسكرية بعد، ليس هذا فحسب، بل تعرضت لعزلة دولية وغدت مبعث إشمئزاز لدى الجماهير المتمدنة بوصفها أكثر دولة إرهابية في تاريخ البشرية ظلامية، حكومة تغط في داخلها بأزمة وليس لديها أي مستقبل واضح، وتسعى منذ مدة لخلاصها عبر تعميق وتوسيع الحرب في المنطقة. تسعى دولة إسرائيل وترى في القصف المستمر لسورية وصولاً الى خطواتها الإرهابية في المنطقة، وآخرها إغتيال إسماعيل هنية في طهران، ومن التهديد وبث الرعب والدعاية الحربية الواسعة، والسعي لجر ايران للحرب والشروع بحرب مباشرة مع لبنان، في هذا الأمر طوق نجاتها الوحيد وإدامة سلطتها الصهيونية، حرب ترمي كل جماهير المنطقة بمخاطر جدية. ان الفاشية والإرهاب المنفلت لدولة إسرائيل هما أهم مصدر للحرب وغياب الأمن في المنطقة.
ونظراً لهلعها من العواقب السياسية الشاملة، وباعلان “عدم اطلاعها وعدم تدخلها” في عمليات البيجر و”معارضتها” بتوسيع الحرب، جلبت أمريكا قواتها العسكرية للمنطقة بحجة “التشنجات” في المنطقة. ان امريكا، ولحد الآن، هي أكثر طرف قام بتأمين الأسلحة الحربية والقدرات الاستخباراتية والجاسوسية وأكثر الآطراف الداعمة مالياً وسياسياً ودبلوماسياً لاسرائيل. وفي منتهى إنعدام الحياء، ترسل قوتها العسكرية للمنطقة للدفاع عن اسرائيل وتسميه إجراءاً يصب في مصلحة تخفيف الصراع والتوتر! يجب إعتبار خطوة بايدن، بالإضافة الى النزعة التوسعية الحربية لاسرائيل، بوصفهما تحذير جدي بخطر وقوع الحرب في المنطقة، وتقع المسؤولية المباشرة لهذا الخطر على كاهلهما.
ونظراً للأبعاد الوحشية لهذه الجرائم، لم يكن للحكومات الغربية، المدافعة عن اسرائيل وشركائها في جرائما في قطاع غزة، مناص من إدانة هذه العمليات، ودعت بمنتهى إنعدام الحياء “طرفي الحرب” الى ضبط النفس ومضت “تذكّر” بخطر إتساع الحرب في المنطقة. تتشدق بالحرب والإرهاب، ولكن لاتحول مجمل جرائم اسرائيل، سواء في فلسطين أو في لبنان، دون دعمها غير المقيّد والمشروط لحكومة إسرائيل الفاشية، ولم تقم حتى بممارسة ضغط سياسي جدي لوضع حد لهذه الوحشية.
ان ما يجري في غزة والضفة الغربية ولبنان هو إبادة جماعية وإرهاب وقصف متواصل للبيوت والمدارس ورياض الأطفال والمستشفيات والملاجيء ومعسكرات اللاجئين وسحق جميع امكانيات الحياة، وفوق هذا يسمونها “حرباً”! انها مداهنة.
ان الرجعية في المنطقة، من إيران والسعودية ومصر وتركيا والاردن و… وصولاً الى العصابات القومية والدينية، ترى في هذا المستنقع الغارق في الدم والجنون والجريمة فرصة للمساومات والمقايضات السياسية والإقتصادية باسم الدفاع عن جماهير لبنان وفلسطين، وتذرف دموع التماسيح لضحاياه. من جهة أخرى، فان هذه الوحشية هي ورقة لتعميق أجواء الحرب والرعب وإنعدام الأمان في هذه البلدان لتصب في صالح فرض الفقر والاستبداد المتعاضمين على الطبقة العاملة والفئات المحرومة والتصدي للإحتجاجات الجماهيرية في بلدانها.
اننا ثلاثة أحزاب شيوعية في المنطقة، وبوصفنا جزء من حركة أممية وإشتراكية للطبقة العاملة، نوجه نداءنا للمنظمات والإتحادات العمالية العمالية والمؤسسات المدافعة عن حقوق الانسان والجماهير المتمدنة في الشرق الأوسط والعالم الى توسيع إحتجاجاتها على اسرائيل وجرائمها وداعميها وشركائها في الحكومات الغربية وفي مقدمتها أمريكا. كما نوجه نداءنا للاتحادات العمالية والجماهير التحررية في اسرائيل للإنضمام لهذا الصف ومجابهة الفاشية الحاكمة في إسرائيل والنضال ضدها.
لا ينبغي ان نسمح باسم “الحرب” على حماس أو “الحرب” على حزب الله والجماعات الاسلامية في المنطقة أو “الحرب” على إيران، التي هي اكثر الحكومات الارهابية والاجرامية في تاريخ البشرية، اضرام النار في المنطقة بالاستناد الى النزعة الحربية الامريكية وحلفائها. كما نلفت الانتباه الى ان حكومات أمريكا وبريطانيا وفرنسا والمانيا و… عبر اشكال دعمها المختلفة لاسرائيل ليست شريط جرائم إسرائيل فحسب، بل انها جزء من القضية وذات مسؤولية مباشرة تجاه إندلاع الحرب في المنطقة والتي لن تجلب سوى الموت والمآسي والإبادة.
إن ايقاف آلة الحرب الاسرائيلية هو عمل الطبقة العاملة والجماهير المتمدنة في العالم دون شك، وان هذا الامر ممكن. بوسعنا ان نجبر الحكومات الداعمة لاسرائيل على ان تتخلى عن دعم ماكنة حرب اسرائيل! بوسعنا أن نجبر الصحافة اليمينية في الغرب على ان تكف عن الدعاية الفاشية والموالية لاسرائيل والكف عن إشاعة الأكاذيب. بوسعنا ان نقطع الطريق على الحكومات الرجعية في المنطقة من إستغلال مصائب جماهير فلسطين، وان نهب في الميدان بوصفنا المدافعين الحقيقيين عن الجماهير المحرومة في فلسطين وبوصفنا المدافعين الحقيقيين عن السلام والأمان لجماهير العالم.
في هذا المسار، بوسع الطبقة العاملة في الشرق الأوسط وفي العالم قاطبة بوصفها العمود الفقري لحركة عالمية عظيمة لانهاء الجرائم والابادة ولانهاء الحرب والوحشية والنزعة العسكرتارية ولوضع حد للفقر والحرمان والاستبداد السياسي. نسعى، من جانبنا، في هذا المسار، مد يد التعاون نحو طبقتها في المنطقة والعالم. بوسعنا لجم الفاشية الحاكمة في اسرائيل بوصفها عنصر مخرب وذا نزوع للحرب والوحشية.
عاشت الحرية والمساواة
عاش السلم والأمان
الحزب الشيوعي العمالي العراقي
الحزب الحكمتي (الخط الرسمي)
الحزب الشيوعي العمالي الكردستاني
24 ايلول 2024