بيان ثلاثة أحزاب شيوعية عمالية في المنطقة: وقف إطلاق النار في غزة: إنه بداية العمل!
بعد إتفاق حماس وإسرائيل، يوم الأحد 19 كانون الثاني 2025، بدأت المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار في غزة. من المقرر أن يمر وقف إطلاق النار هذا عبر ثلاثة مراحل، ومن بينها إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين وألفي معتقل فلسطيني، وأن تفتح الأبواب أمام وصول المساعدات الغذائية لجماهير غزة، وينسحب الجيش الإسرائيلي من غزة خلال هذه المراحل وإعادة المشردين الفلسطينيين الى مدنهم وقراهم وإعادة إعمار غزة. ان الطرح الذي تم الإتفاق عليه بصورة تامة لا يتعدى سوى المرحلة الأولى منه فحسب.
مع إعلان وقف إطلاق النار وأيقاف قصف وقتل جماهير فلسطين الذي استمر حتى أخر لحظة، عمّت موجة من الفرح عموم فلسطين. انه فرح ناجم عن توقف القصف والقاء الصواريخ والقنابل من البر والجو عبر استخدام أكثر أسلحة الإبادة الجماعية على الأطفال الفلسطينيين والجماهير التي تفتقد الى أي ملجأ وتغط في فقر وجوع مدقعين. اصبحوا أهدافاً بصورة عديمة الرحمة وعلى حطام قطاع غزة، وسُلبت منهم حياتهم. إنها عملية قتل جرت على إمتداد 15 شهراً، وتعد من أكثر الجرائم وعمليات الإبادة الجماعية في تاريخ البشرية والتي قامت بها إسرائيل وأمريكا وبريطانيا وحلفائهم. إنها عملية قتل وتطهير واسع راح ضحيته 54 الف قتيل و110 الاف جريح وعشرات الآلاف من المفقودين وعدة ملايين من المشردين ودمار شامل لقطاع غزة، بالإضافة الى مقتل وجرح الآلاف في الضفة الغربية. لقد تحولت غزة طيلة 15 شهراً الى مسلخ العالم، وأعلن قصابوها في الهيئة الحاكمة الإسرائيلية انهم سيواصلون ذلك حتى مقتل آخر فلسطيني. كان بالوسع إيقاف هذه الجريمة من البداية، بيد ان دعم الحكومات الغربية اللامحدود واللامشروط، وعلى رأسهم أمريكا، جعل من هذا أمراً مستحيلاً.
بعد 15 شهراً من الإجرام، رضخت إسرائيل لإيقاف إطلاق النار، أجبرت بدون تحقيقها لأهدافها المعلنة. وعلى الرغم من إن ليس ثمة ضمان لتنفيذ المراحل اللاحقة لهذا الطرح، ولا ضمانة لعدم تكرار أعمال قتل وقصف جماهير فلسطين، وهو الأمر الذي أعلنه رؤوساء هذا البلد، بيد ان قبول وقف إطلاق النار يعني طأطأة الحكومة الفاشية والمجرمة في إسرائيل راسها بالإخفاق والفشل من الناحية العسكرية والسياسية على السواء. إن مجرد إعلان وقف إطلاق النار هو إثبات ودليل على هذا الفشل وإنفضاح لا لحكومة إسرائيل فحسب، بل لكل الحكومات المدافعة عن هذه الجريمة وشركاء دولة إسرائيل في جريمتها ضد البشرية.
شهد العالم في ال 15 شهر المنصرمة صراعاً عظيماً بين الجماهير المتمدنة في العالم مع دولة إسرائيل وشركائها الغربيين ضد البربرية والابادة الجماعية، ضد جرائمها الحربية ودفاعاً عن جماهير فلسطين. في هذه الخمسة عشر شهراً، شهدنا مئات التجمعات والتظاهرات العظيمة والاضرابات العمالية وإحتجاجات الطلبة و…. في أنحاء العالم، وبالأخص في الدول الغربية، من واشنطن ولندن الى باريس وبرلين وغيرها. كان مطلبها الإنهاء الفوري للإبادة الجماعية والإيقاف الفوري للمساعدات العسكرية والاستخباراتية والسياسية والمالية والدعائية التي تقدمها الحكومات الغربية لاسرائيل ومقاطعة إسرائيل ومحاكمة قادتها، بالاضافة الى رؤوساء الدول الغربية وذلك لإرتكابهم جرائم حرب وإبادة جماعية وغيرها كانت جزءاً من مطالب هذه الجماهير. إنها 15 شهراً من حضور مئات الملايين الميدان لتعرية وفضح الوجة القبيج للحكومات الغربية “الديمقراطية” المرائية ورفع القناع عن “الديمقراطية وحقوق البشر والتمدن الغربي” وتعريتهم بوصفهم قتلة أطفال فلسطين أمام أنظار العالم ومطالبين بمحاكمتهم.
ان رضوخ إسرائيل وهيئتها الفاشية الحاكمة لوقف إطلاق النار وإنسحابها من أهدافها المعلنة في خارطة الشرق ألأوسط الجديد المشؤومة، والتي لا أثر فيها لفلسطين، وبمعزل عن اي عامل آخر، كان ثمرة تصدي واصرار وضغط مئات الملايين من الداعين للسلام وداعمي جماهير فلسطين. وعلى النقيض من الإدعائات عديمة الخجل للحكومات الغربية ومنح الأنواط للبعض بوصفهم عوامل ضغط من اجل هذا السلام وسبب لإيقاف الحرب، فان قادة هذه الدول ودعاة “السلام” هم انفسهم مجرمون وقتلة رضخوا جراء ضغط الرأي العام. وعلى النقيض من ضجيج الحكومات الرجعية في المنطقة، من إيران الى تركيا، من أجل تحقيق أهدافهم الرجعية في المنطقة، يدعون بصورة مرائية دفاعهم عن جماهير فلسطين وحريتها ويبرز دورهم في ممارسة الضغط للقبول بايقاف إطلاق النار. لقد كانت حركة إنسانية الى ابعد الحدود للجماهير في أرجاء العالم من أجبرت الفاشيين الأسرائيليين على الرضوخ.
لا يحق للجماهير الداعية للسلام والمتمدنة في العالم اليوم أن تسعد بإيقاف أعمال القتل والإبادة مهما كان مؤقتاً وصغيراً فحسب، بل ان تنعم بالفخر والثقة بالنفس لتواصل نضالها من أجل الإنهاء التام للحرب وألإحتلال وإعادة إعمار غزة وتأمين امكانيات المعيشة والحياة ومن أجل السلام والأمان لهذه المنطقة والكبح التام لجماح حكومة إسرائيل الفاشية ومحاكمة مجمل المجرمين ومرتكبي هذه الوحشية.
لازال إعلان وقف إطلاق النار ووقف قتل جماهير فلسطين هو بداية العمل. فلازال عشرات الآلاف تحت الأنقاض وآلاف الأسرى الفسلطينيين في سجون إسرائيل، وينبغي إطلاق سراحهم. تدمرت غزة وسوّيت بالأرض، مجمل امكانات المعيشة والحياة والتمدن من طرق ومياه ومراكز صناعية وبنى تحية إقتصادية، بالاضافة الى المدارس ورياض الأطفال والمراكز الصحية ينبغي إعادة اعمارها. لازالت قضية فلسطين وتحرر جماهير فلسطين من الحكومة الاسرائيلية الفاشية وأمان هذه الجماهير وسعادتها وحريتها على جدول أعمال البشرية المتمدنة والمحبة للانسان.
بعد 15 شهراً من احتجاج ونضال البشرية المتمدنة دفاعاً عن جماهير فلسطين، تشكلت جبهة عالمية أعلنت ان العالم ليس ميدانا لألاعيب الحكومات الرجعية ومجرمي الحروب. جبهة تمتد اليوم من أمريكا وأوربا الى افريقيا وآسيا، تنشد إنهاء الوحشية والفاشية والعنصرية، إنهاء الإحتلال والنزعة العسكرتارية وإنهاء الحروب القومية والدينية والإثنية.
لقد دفعت جماهير فلسطين في هذه المرحلة ثمناً باهضاً جداً للاسف، بيد ان وقوفها وثباتها والدعم العالمي لها أتى بمكسب مهم لهذه الجبهة. أن فرض التراجع على اسرائيل وفشلها أمام هذه الجبهة الانسانية وإجبارها على القبول بوقف اطلاق النار وفرض الإنزواء عليها في العالم، وفضح شركاء اسرائيل ومجمل الحكومات الرجعية وإنكشاف تهتك وضحالة مجمل المؤسسات والمراجع الدولية ومدّعي التمدن وحقوق الانسان والديمقراطية و… ليست كلها سوى زاوية من ذلك.
بينت هذه الحقائق لهذا الصف مرة أخرى ان تأمين السلام وإسترداد حق الحياة لجماهير فلسطين، بالاضافة الى تامين وضمان أبسط الحقوق الإنسانية في ارجاء العالم، مرهون بدور هذه الحركة ودور الطبقة العاملة العالمية والتضامن العالمي الذي تشكل في هذه المدة.
ان هذه الجبهة هي نقطة الأمل الوحيدة للجماهير المحرومة في فلسطين من أجل نيل الحرية. لم ينتهي عمل هذه الجبهة وجماهير فلسطين من أجل الحاق الهزيمة التامة باسرائيل ولجم تطاول مجرمي الحرب على جماهير فلسطين وتحررهم. أن هذا بداية عملنا.
الحزب الشيوعي العمالي العراقي
الحزب الشيوعي العمالي في كردستان
الحزب الحكمتي (الخط الرسمي)
21 كانون الثاني 2025