الخطوط العامة للوضع السياسي في العراق و مكانة الحركات الاحتجاجية
لقد تركت الحرب الإمبريالية بالوكالة في أوكرانيا تداعياتها الدولية والإقليمية في عملية إعادة تشكيل معادلات سياسية جديدة وتغيير توازن القوى على صعيد العالم.
إنَّ الاصطفافات العالمية للدول الرأسمالية على أثر الانقسامات السياسية في مواقفها من الحرب الروسية على أوكرانيا ترسم تشكيل معادلات سياسية جديدة، وكشفت تلك الاصطفافات على إنهاء مرحلة هيمنة القطب الواحد الأمريكي، وبدأت القوى الإقليمية تعيد ترتيب أوراقها في المنطقة وتبحث عن مصالحها، وكما ستؤثر مواقفها بشكل مباشر على الانسحاب الأمريكي من المنطقة والعدول عن إعادة تموضعها العسكري والسياسي من اجل إعادة الثقة بهيبتها وهيمنتها على المسرح السياسي العالمي.
وفي نفس الوقت وعلى نفس المسار، فإنَّ هذه التحولات ستترك تداعياتها بشكل مباشر على الأوضاع السياسية في المنطقة وإعادة تشكيل المعادلات السياسية سواء على الصعيد الإقليمي أو على الصعيد المحلي، فعلى الصعيد الإقليمي يلاحظ تداعيات تلك الحرب قد بدأت آثارها على إعادة انتشار القوات الروسية في سورية وتموضعها العسكري، مما سيتيح الفرصة للحرس الثوري الإيراني والمليشيات التابعة له في ملئ الفراغ الذي تتركه القوات الروسية، وستعمل بالتالي على توسيع النفوذ العسكري الإيراني. أما على صعيد تركيا، فبدأت تجدد طرح مشروعها المنطقة الآمنة في شمال سورية والتخطيط لتنظيم حملة عسكرية لفرض مشروعها، وعلى صعيد القوى الإقليمية العربية الأخرى مثل السعودية والإمارات وباق دول الخليج والأردن فإنها ستعمل على تقوية تحالفاتها السياسية والعسكرية مع إسرائيل لتجنب تمدد النفوذ الإيراني.
إنَّ هذه التحولات والتحركات ستترك آثارها المباشرة على الوضع السياسي في العراق آجلا او عاجلا على الرغم من أنَّ المستجدات السياسية في العراق لم تخرج لحد الآن عن مسار الأحداث السياسية في العراق التي تلت الانتخابات البرلمانية.
إنَّ الانسداد السياسي او الركود السياسي حسب وصف كل التيارات السياسية للمشهد السياسي في العراق هو في جانب منه انتظار حسم الصراع في أوكرانيا، حيث ترتبط القوى القومية والإسلامية بطرفي الأزمة الأوكرانية، روسيا والصين وايران من جهة، وأمريكا والناتو من جهة أخرى، وفي الجانب الآخر، فإنَّه سوف تستمر ازمه السلطة السياسية التي تعني بالنهاية عدم قدرة أي طرف في العملية السياسية حسم موضوعة السلطة، وإنَّ الانتخابات التي نظمت في تشرين الأول من العام المنصرم عمقت من الأزمة السياسية وأبعدت عن المشهد السياسي موضوعة إنهاء المحاصصة السياسية، وليس العمليات التي تقوم بها الأطراف المتصارعة في سلطة المليشيات البرجوازية الحاكمة؛ مثل قصف المطارات ومدينة اربيل والاستعراض المليشياتي العسكري وإصدار القوانين حول تجريم التطبيع مع إسرائيل وغيرها ماهي إلا محاولة للمزايدات السياسية وانتزاع التنازلات.
في خضم تلك التحولات الجارية في العالم والمنطقة والعالم، فإن الأزمة الرأسمالية العالمية على الصعيد الاقتصادي تنعكس بشكل مباشر على الوضع المعيشي والاجتماعي للطبقة العاملة وعموم الجماهير الكادحة في العراق، وبموازاة ذلك فأن الطبقة البرجوازية الحاكمة ماضية في فرض المزيد من الإفقار والعوز على العمال والموظفين والكادحين سواء عبر تحميلها الأزمة الاقتصادية للنظام الرأسمالي العالمي أو عبر سياسة الليبرالية الجديدة.
وفي مواجهة السياسات الاقتصادية الآنفة الذكر، فان الجماهير في العراق تعبر عن سخطها ورفضها للسياسات التي تفرضا الطبقة البرجوازية الحاكمة عبر استمرار احتجاجاتها واعتراضاتها على صعيد جميع مدن العراق وإنَّ تلك الاحتجاجات والاعتراضات التي تتعرض في بعض الأحيان إلى القمع لم تتوقف لا بعد طوي صفحة انتفاضة أكتوبر ولا بعد الانتخابات الأخيرة، وهذا يعني أنَّ اندلاع الاحتجاجات الجماهيرية في القطاعات المختلفة هو تعبير عن مقاومة يومية من قبل العمال والموظفين والعاطلين عن العمل وتسلط الضوء على إمكانية تطورها إلى انتفاضة جديدة.
الجماهير والبديل السياسي:
إنَّ بدائل البرجوازية مثل تشكيل حكومة الأغلبية او حكومة توافقية محاصصاتية او حكومة انتقالية ليس إلا عملية مفضوحة لإدارة الأزمة السياسية التي هي ازمه السلطة البرجوازية، ولن ينتج عنها إلا المزيد من عدم الاستقرار السياسي واستمرار عمليات السلب والنهب والإفقار.
اي بعبارة أخرى أن أي تحسن في الوضع المعيشي وإنهاء مرحلة عدم الاستقرار السياسي لا يمكن أن يجد النور في ظل السلطة المليشياتية البرجوازية القائمة، لذا فإنَّ طوي صفحة كل أشكال الظلم الاقتصادي والسياسي والاجتماعي لن يكون إلا عبر إنهاء عمر العملية السياسية في العراق وإنهاء عمر النظام سياسي القومي والطائفي.
إن العتلة الرافعة كي تتحول الطبقة العاملة وعموم الجماهير الكادحة إلى قوة عظيمة في المعادلة السياسية وتحسم مسالة السلطة السياسية وفرض بديلها السياسي المنبثق منها، هي الحركات الاحتجاجية التي تعبر بأشكال مختلفة عن مقاومة يومية جماهيرية بوجه السلطة المليشياتية القائمة من اجل تحسين شروط حياتها، بيد أنَّ هذه الحركات الاحتجاجية التي تضرب معظم القطاعات مثل عمال العقود والأجور والمحاضرين وذوي المهن الصحية وموظفي تنمية الأقاليم وعمال الحفر والعاطلين عن العمل والاحتجاجات التي تطالب بالخدمات…الخ بحاجة إلى توحيدها وتوحيد قيادتها وتسليحها بأفق ثوري ونقد الأوهام الإصلاحية والبرلمانية كبديل سياسي برجوازي يسود في صفوفها.
إن تهيئة كل مستلزمات نهوض الحركة الاحتجاجية وتقدمها وتحويلها إلى حركة ثورية هي المهمة الرئيسية للحزب الشيوعي العمالي العراقي، وإنها الطريق لتحويل قطب الطبقة العاملة والجماهير الكادحة إلى قوة رئيسية في المعادلة السياسية وتغيير توازن القوى لصالحها لتشكيل حكومة ثورية مؤقتة منبثقة من الارادة الحرة للجماهير وتعبر عن مصالحها في تحقيق الحرية والرفاه والأمان.
وان المهمة الفورية لهذه الحكومة الثورية المؤقتة والتي هي حكومة غير قومية وغير دينة هي:
– حل جميع المليشيات ومصادرة ممتلكات الأحزاب والقوى السياسية التي اكتنزت وغنمت الأموال عبر الفساد المالي والسياسي
– محاكمة جميع المتورطين بأعمال القتل والاختطاف والأعمال الإرهابية
– زيادة مفردات البطاقة التموينية
– سن قانون ضمان البطالة للذكور والإناث
– توزيع المحروقات بكل أشكالها مجانا إلى الجماهير
– زيادة اجور ومعاشات العمال والموظفين بما يتناسب مع نسبة التضخم.
– إلغاء جميع الاتفاقيات والعقود الدولية التي أبرمتها الحكومات المتعاقبة بعد الاحتلال التي تناهض مصالح جماهير العراق بما فيها الاتفاقات مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي
– إقرار قانون مساواة التامة بين المرأة والرجل
–
–
ان الحزب الشيوعي العمالي العراق جميع طاقاته وإمكاناته لتحويل الحركة الاحتجاجية في العراق إلى حركة ثورية تكتسب ثقة الطبقة العاملة والتفاف عموم الجماهير المتعطشة للحرية والرفاه حولها.
الاجتماع الاعتيادي ٣٩ للجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي العراقي
حزيران ٢٠٢٢