بلاغ المؤتمر العاشر للحزب الحكمتي (الخط الرسمي) للجماهير التحررية في لبنان، والعراق وافغانستان
أيتها الجماهير التحررية وذات المصير المشترك!
إذا البرجوازية وحكامها يسعون الى تعريفنا وتفرقتنا في المنطقة بالقومية والاثنية واللغة والثقافة؛ وإذا سعت الى أن تضع وترسم حدوداً بيننا نحن جماهير هذه المنطقة؛ وحتى أن تضعنا نجابه بعضنا البعض، بيد إننا نحن العمال والجماهير التحررية في أي مكان من العالم يجمعنا مصيراً ومصالح مشتركة. بالإضافة الى المسار التاريخي، إن هذا المصير المشترك اليوم قد اتسم، في العقد الأخير، بمعنى عملي وواضح ولا يمكن إنكاره.
ففي العقود الأخيرة، كان الشرق الأوسط، وبالأخص بلدان العراق، لبنان وافغانستان محل صراعات وحروب القوى العالمية العظمى والحكومات الرجعية والجماعات القومية والدينية والإرهابية مثل طالبان، حزب الله، الحشد الشعبي وفروعهم. فالشرق الأوسط لدى الهيئات الحاكمة في امريكا والبلدان الغربية وكذلك لدى الرجعية الإقليمية مثل ايران، السعودية، الإمارات، افغانستان، تركية و… غيرها ميداناً للمنافسة والألاعيب، العنجهية، والإبادة الجماعية وتجريب واختبار الأسلحة المدمرة.
في افغانستان، أوصدت اربعة عقود من الحرب ومن تلاعب القوى بين القوى العالمية وحلفائهم الإقليميين في هذا البلد، ومن الحروب والمنافسة، الباب أمام أي شكل من أشكال تقدم الحركات الجماهيرية. وأحالت عملياً مصير الجماهير، وبالأخص النساء في هذا البلد، بصورة تراجيدية الى منافسات في هذه الباحة الخلفية الباقية من الحرب الباردة. بشكلٍ بحيث إن ما يجري في افغانستان بوصفه جوهر وعصارة رجعية رأسمالية بحتة جاثمة على صدر البشرية.
وبعد جرائمهم غير المحدودة في افغانستان، ومع تشكيل حكومات فسيفسائية والإتيان بحكومة كارزاي والقوى الرجعية الأخرى لتحكم مجتمع افغانستان المدمر، سلّمت الحكومات المختلفة في امريكا وحلفائها، وبمساومة قذرة ومعادية للبشر، المجتمع تسليم يد لتيار ظلامي، طالبان، صنيعتها. إن هذه العملية المرعبة والمدمرة التي جرت لعقود مخلفة من افغانستان جهنماً غير قابل للحياة مكانها.
في لبنان، وفي سياق وخضم سيناريو “شرق أوسط قومي-ديني”، فرضت القوى العالمية حكومة فسيفسائية وفاسدة مكونة من اكثر القوى الدينية رجعية على المجتمع لعقود. تحول لبنان عملياً الى ميدان لألاعيب الدول والقوى والجماعات الإرهابية والرجعية أمثال حزب الله والجماعات المتعصبة اليمينية المسيحية التي جرّت المجتمع الى الدمار باسم الدفاع عن “شيعة”، “سنة” او “مسيح” المجتمع. كانت الدول والقوى عاملاً أساسياً في جلب انعدام الامان للمجتمع، التلاعب بحياة الجماهير في لبنان وركن أساسي في الحروب الأهلية والارهاب والاغتيالات في هذا البلد.
في العراق، أدت حرب امريكا وحلفائها الغربيين على هذا البلد الى دمار البنية التحتية الاقتصادية وعملية قتل جماعية ودمار حياة عشرات الملايين؛ ورمت مصير هذا البلد بيد اقوام وأديان وعشائر وقبائل رجعية شيعية وسنية وكردية. وبتقسيم السلطة وفق هذه التصنيفات المتهافتة، فرضت الصراعات القومية-الدينية والفقر والجوع والدمار والتشرد وانعدام الحقوق السافر على مجتمع العراق المتمدن. كانت امريكا وحلفائها، الخاسرين في حرب الخليج على حساب خراب ودمار المجتمع وتركا محله “مستنقع” باسم العراق. بيد أن “المنتصرين” في دمار العراق هم الرجعية الإسلامية الحاكمة في ايران والقوى القومية وكل الزمر القومية والدينية.
بيد أن هذه أحد أوجه الحقيقة. إذ ان الوجه الآخر لذلك العالم الذي يمتد من لبنان والعراق وافغانستان وصولاً الى امريكا واوروبا واسيا وغيرها… قد اطلق منذ زمن أمر “كفى يعني كفى”. وبوجه هذا التوحش والقسر والقتل الجماعي والدمار لمجتمعات العراق ولبنان وافغانستان، يشهد العالم مقاومة واحتجاج وهبات للجماهير المحرومة في مجتمعاتنا ومجتمعاتكم وعشرات البلدان الأخرى. ويجري اليوم نضال مشترك ضد الرجعية القومية والدينية، من أجل مجتمع علماني، حر ومتساوي، من اجل المعيشة والكرامة الإنسانية، إنهاء التمييز والفساد ومن أجل شرق أوسط غير قومي وغير ديني.
إن الاحتجاجات الجماهيرية والتظاهرات الاجتماعية العظيمة في المدن الكبيرة والصغيرة في العراق، لبنان، افغانستان وايران والمناهضة للحكومات الرجعية والفاسدة، وضد الزمر القومية والدينية هي زاوية فقط من هذا النضال المشترك. احتجاجات اجتماعية حلت في الميدان لا بوجه القوى الرجعية فحسب، بل ضد الكره القومي، الاثني والديني الذي تبثه القوى القومية والدينية؛ احتجاجات حلت لإعلاء راية المصير المشترك لملايين الناس في هذه المنطقة.
إن مساعي القوى العالمية والحكومات الرجعية في المنطقة، من ايران الى السعودية واسرائيل في استغلال مصائب الجماهير لتقوّي نفسها والزمر صنيعتها. وعلى الرغم من تنظيم الزمر القومية والدينية والدفع بالحروب والدمار وفرض انعدام الأمان على المجتمع، إلا إنها لم تتمكن من تلويث هذه الوحدة وهذا التضامن والنضال المشترك.
أما من زاويتنا، نحن العمال والجماهير التحررية في هذه البلدان، إن كل هذه القوى، من امريكا وصنيعتها من الزمر وحلفائها الاقليميين مثل اسرائيل إلى الجمهور ية الاسلامية وصنيعتهما من الزمر الإرهابية وغيرها هي صف من الرجعية التي صادرت رفاهنا وأماننا وحريتنا. رجعية تعد أول عائق أمام نيلنا الرفاه والمساواة وحياة سعيدة.
إن حزبنا والعمال والجماهير التحررية في ايران تصدينا في نضالنا من أجل الخلاص من قبضة الجمهورية الإسلامية لمجمل السياسات الرجعية للجمهورية الإسلامية بتعميق الكراهية القومية والدينية، وباستغلال انعدام حقوق اللاجئين الافغان وإرسالهم لحروبها. وقفنا بجوار الجماهير والطبقة العاملة في العراق، وسعينا لتقويتها بالضد من الزمر التي هي صنيعة الجمهورية الإسلامية وتدخل تركيا وامريكا والقوى الإقليمية. وقفنا جنب لجنب ضحايا جرائم امريكا وحلفائها في افغانستان، جنب الى جنب ملايين المهاجرين الافغان في ايران وبالضد من التمييز ضدهم. وتشعر حركة مساواة المرأة في إيران والفتيات الشابات في أفغانستان المناهضات للتيار الديني والإرهابي، طالبان، ضد المرأة بإحساس بالمصير المشترك والهم المشترك. الحركة الداعية لمساواة المرأة في ايران وافغانستان هما حركة واحدة ومن اجل هدف واحد، أي المساواة التامة للمرأة والرجل ونبذ قوانين الشريعة الاسلامية والرجعية المناهضة للمرأة. بالإضافة الى احتجاجات الجماهير الكادحة من أجل الرفاه والحرية، فإن احتجاج الشباب من لبنان الى العراق وايران من أجل مجتمع إنساني ومتساو هَمَّشَ الحدود القومية، الأثنية والرجعية.
إننا وجماهير العالم سمعنا بلاغ التضامن والمصير المشترك لجماهير لبنان مع كادحي ومحرومي المنطقة في النشيد الثوري للتظاهرات العظيمة في بيروت، وسمعنا (“من لبنان الى إيران، من لبنان الى العراق ثورة واحدة ضد اللصوص” و”الثورة في كل البلدان”)، ونعلن إننا جزء من هذا النضال المشترك للعمال والكادحين والحركات الاجتماعية للمنطقة!
إننا نقر بحقيقة إن اي تقدم يُسَّهِل تقدماً آخراَ، ويجعل انتصار أي صف تحرري وداعي للمساواة والحركة الداعية لشرق اوسط غير قومي وغير ديني، مرفه وحر ومتساوٍ أمراً ممكناً. من الطبيعي إن انتصار الحركة العمالية والجماهير المحرومة والتحررية في إيران على الجمهورية الإسلامية ومن أجل الإطاحة بها، سيكون له، دون شك، تأثيرا عميقاً على نضالكم، ويسحب البساط من تحت أقدام الرجعية في بلدانكم. وفي المقابل، إن حركة الخلاص من طالبان في افغانستان والخلاص من الفقر والرجعية القومية والدينية في لبنان والعراق، يُسَّهِل نضالنا في إيران ضد الرجعية الحاكمة ويعبد طريق تقدمنا.
وببعثه التحيات لكم أيها العمال والجماهير التحررية، يعلن المؤتمر العاشر للحزب الحكمتي (الخط الرسمي) إنه يوظف كامل قواه وإمكانياته من أجل انتصار الطبقة العاملة والجماهير التحررية في افغانستان، لبنان، العراق وايران وضد الحكام الرجعيين والزمر القومية والدينية، ضد الفقر والمصائب التي أنزلوها على رؤوس الجماهير ومن أجل حياة تليق بالإنسان المعاصر.
عاش التضامن النضالي للطبقة العاملة والجماهير التحررية والمساواتية للمنطقة!
عاشت الحرية والمساواة!
الحزب الحكمتي (الخط الرسمي)
آذار 2022